رئيس التحرير
خالد مهران

السعودية والأرجنتين في الطريق للانضمام وإيران تقدم طلبا رسميا

ملامح تشيكل النظام العالمي الجديد بعد قمة بركس الأخيرة في الصين

علم الصين
علم الصين


  عُقدت قمة "بريكس" مؤخرا بمشاركة قادة كل من روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا عبر تقنية الفيديو. ورغم أن الاعلان الختامي للقمة أكد على "تعزيز وإصلاح النظام متعدد الأطراف" و"تعزيز مشاركة البلدان النامية في عمليات وهياكل صنع القرار العالمية"، إلا أن الرسالة الأبرز والأهم كانت واضحة وجلية حسب بعض المراقبين وهي أن "التجمع عازم على الاستقلال عن الغرب ومستعد للمضي في مساره الخاص".
وبينما يرى بعض المراقبين إن الأفكار التي ناقشها قادة بريكس تشير إلى ملامح جديدة لتشكيل العالم وإنها بصدد تشكيل تحالف هالمي مناهض للغرب وكتله وتحالفاته، برى البعض الآخر أن الطريق ليس مفروشا  بالورد رغم ما تتمتع به من مقومات استثنائية.
 ملامح التغيير المرجوة أشار إليها قادة الكتلة في كلماتهم. على سبيل المثال، قال الرئيس شي جين بينغ إن "مآسي الماضي تخبرنا أن الهيمنة وسياسة الجماعات والمواجهة بين التكتلات لا تجلب السلام أو الأمن، إنها تؤدي فقط إلى الحروب والصراعات. وان الإيمان الأعمى بما يسمى موقع القوة ومحاولات توسيع التحالفات العسكرية والسعي لتحقيق الأمن الشخصي على حساب الآخرين  ليس الطريق الصحيح". وبدا أن التصريحات كانت تسير إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي اللتين اتهمتهما بكين باستفزاز روسيا ضد أوكرانيا، مضيفا أن مثل هذه العقوبات "سلاح ذو حدين" يسلح الاقتصاد العالمي و"يلحق الضرر بشعوب العالم".
 ومن جهته، حددت رؤية رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للتعاون كنموذج للحوكمة نغمة جديدة لكيفية رؤية المجموعة لدورها في العالم. ومن العملات وآليات الدفع إلى سلاسل التوريد والبنية التحتية للنقل، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضا عما هو ممكن وما هو قيد التنفيذ.
وعن رؤيته للقمة الأخيرة، يقول أبيشور براكاش، وهو خبير كندي في الجغرافيا السياسية والتكنولوجيا، ان الجانب الأكثر أهمية في القمة هو إمكانية توسيع المجموعة وإضافة أعضاء جدد، مشيرا إلى أن هذا الاتجاه من شأنه أن يشرذم العالم على نطاق لم نشهده منذ الحرب الباردة ويضخم العصر الجديد من "العولمة الرأسية" التي بدأت وقد ينتهي بخسارة الغرب في النهاية.
  وفي اشارته إلى المملكة العربية السعودية والأرجنتين كأعضاء محتملين، ضرب الخبير الكندي وهو مؤسس مركز ابتكار المستقبل ايضا، مثالا على ذلك بقضية نقص الغذاء العالمي، قائلا إن الأرجنتين هي ثاني أكبر مصدر للذرة في العالم بعد الولايات المتحدة، فيما تمتلك المملكة العربية السعودية، من خلال ذراعها الاستثماري، الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والحيواني، 35 في المائة من شركة أولام أغري، أحد أكبر موردي الكاكاو والأرز والبن في العالم.
  وبالإضافة إلى الأرز الهندي والقمح والشعير الروسي وزيت عباد الشمس والقطن الصيني وفول الصويا البرازيلي يكون لدى مجموعة بريكس الموسعة سلة غذائية يريدها العالم بأسره. وأحد الاحتمالات هو أن تنشئ بريكس بلس تبادلا للمواد الغذائية حيث تشتري الدول الاحتياجات الأساسية مثل القمح أو الأرز أو الذرة من بعضها، وفقا لقوله.
  إلى جانب نقص الغذاء العالمي، يصارع العالم أيضا أزمة طاقة. ومع الأخذ في الاعتبار أن روسيا والمملكة العربية السعودية ينتجان معا ما يقرب من 20 مليون برميل من النفط يوميا، لا توجد حتى الآن مجموعة تجمع بين مصدري النفط ومستورديه. ويمكن لبريكس بلس أن تفعل ذلك.
  وقال " أكبر مصدري النفط في العالم-- روسيا والمملكة العربية السعودية-- سيكونان في مجموعة فيها أكبر عملائهما الهند والصين. قد يبدأ مصدرو النفط في إنتاج الطاقة وتسعيرها بناء على الديناميكيات الداخلية لبريكس بلس. وهذا يعني أن بريكس بلس يمكن أن تصبح أوبك القادمة".
  ويستطرد الخبير الكندي في توضيح رؤيته قائلا مع تضمين إنتاج الطاقة المتجددة لدول مثل الهند والصين يمكن لبريكس بلس أن تحدد إنتاج الطاقة العالمي وأسعار كل شيء من النفط إلى الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية. وبغض النظر عن الدور الذي تختاره مجموعة بريكس بلسس لتلعبه على مستوى العالم، فإن توسع المجموعة سيؤدي إلى تغييرات هائلة في كيفية عمل العالم.
  ويرى الخبير أن قيادة الولايات المتحدة تتآكل ولم يعد منافسوها فقط، مثل روسيا والصين، هم الذين يتحدون معا. بل يبحث الآن بعض أقرب شركاء أمريكا، مثل المملكة العربية السعودية، عن بدائل، متوقعا أن يتلاشى دور الولايات المتحدة القيادي للجغرافيا السياسية.
  وفقد تنضم إلى المجموعة دول ومجموعات مثل منظمة شانغهاي للتعاون وقد يصبح لها وجود في كل منطقة، وهناك دولة واحدة على الأقل في أوروبا قد ترغب في الانضمام هي فرنسا حيث لا يزال الفرنسيون يشعرون بالأذى بشأن اتفاقية أوكوس الأمنية. وتعد فرنسا واحدة من الدول الغربية القليلة التي لم تتبنى موقفًا عدائيا صريحا تجاه روسيا.
  ويجادل الخبير بأنه بعد الغزو الروسي لأوكرانيا كان هدف الغرب هو عزل روسيا ومع بريكس بلس يمكن أن تنهار هذه الاستراتيجية ويمكن أن تصبح مجموعة بريكس بلس وليست مجموعة السبع هي التي تخلق حلولا لكل شيء بدءا من الأمن الغذائي والسياسة النقدية وحتى إنتاج الطاقة.
 ولكن هناك من يرى بطبيعة الحال صعوبة في تحول المجموعة إلى تحالف عالمي في ظل ما تواجهه من تحديات خاصة، مستشهدين بالتوترات بين أعضاء مثل الهند والصين. فالهند احد اعضاء التحالف الرباعي الذي تقوده الولايات المتحدة، كما ترتبط الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا بعلاقات قوية مع الغرب خاصة في المجال الاقتصادي. وفي الوقت نفسه، قد يؤدي السماح بانضمام دول مثل السعودية إلا إثارة غضب دول مثل إيران إذا مُنعت من الانضمام إلى التجمع. وقد تقدمت الأخيرة بطلب رسمي في الساعات القليلة الماضية.
ويكمن جزء من إمكانات بريكس بلس في حقيقة أنها مجموعة صغيرة وحصرية ومع نموها، فإنها تخاطر بفقدان فعاليتها وتصبح مجموعة عشرين أخرى.
وأبصرت فكرة مجموعة بريكس النور في العام 2006 لتشكيل تحالف دولي في وجه السيطرة الغربية على العالم. وعقدت أول قمة لها في يوم 16 يونيو من العام 2009، تحت اسم "بريك" في مدينة يكاترينبورغ الروسية، بمشاركة كل من البرازيل وروسيا والهند والصين أولًا، ثم انضمت لها لاحقا جنوب إفريقيا في العام 2010، ليصبح اسم التحالف الدولي "بريكس".
ويشكل عدد سكان دول "بريكس" نحو 45 بالمئة من سكان العالم، وتغطي مساحة الدول الأعضاء فيه، ما يزيد على 39 مليون كيلومتر مربع، أي ما يعادل 27 في المئة من إجمالي مساحة اليابسة.ويتجاوز حجم اقتصادات بلدان بريكس الناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة السبع الصناعية الكبرى، الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليابان وفرنسا وكندا وإيطاليا.