رئيس التحرير
خالد مهران

ربط المصروفات الدراسية بقبول ملفات الطلاب يضع أولياء الأمور بين نارين

أزمة ربط المصروفات
أزمة ربط المصروفات الدراسية بقبول ملفات الطلاب

قرار رسمي يشعل غضب أولياء الأمور مع اقتراب العام الدراسي الجديد

ولي أمر: يعني إيه ملف ابنى ما يتقبلش.. لو مش معايا فلوس مستقبله يضيع

ولية أمر: القرار جاء على هوى المدارس الخاصة.. ما صدقوا عايزينا ندفع كاش

برلمانية: قرار الوزارة مخالف للدستور ويتنافى مع مجانية التعليم

محب عبود: أين رجال الأعمال الذين تبرعوا فى السابق للطلاب المتعثرين عن دفع المصروفات؟

خبير تربوى: القرار بمثابة جريمة مزدوجة لاعتدائه السافر على مجانية التعليم

 

ارتباط سداد المصروفات الدراسية بقبول ملفات الطلاب، أزمة جديدة قديمة يعيشها أولياء مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، لا سيما بعد صدور قرار من وزير التعليم، الدكتور طارق شوقي، بشأن تحصيل رسوم  الصف الأول الثانوي العام والفني مثل العام الماضي، رغم الشكاوى التي تقدم بها أولياء الأمور آنذاك.

قرار «شوقي»، لاقي اعتراضات واسعة من أولياء الأمور، لا سيما أولئك الذين لديهم أكثر من طالب في مراحل تعليمية مختلفة، واعتبروا أن القرار يضعهم بين شقي رحى الالتزام به، والظروف الاقتصادية الصعبة، الأمر الذي جعلهم يصرخون ويرفعون شكواهم عبر السوشيال ميديا عل الوزارة تتراجع عن قراراها، الذي اعتبره السواد الأعظم منهم أنه سيُدمر مستقبل أبنائهم في حالة لم يستطع ولي الأمر توفير المصروفات المرهون بها قبول ملف الطالب بمرحلة دراسية جديدة.

ورغم أن بعض المدراس قبلت ملفات الطلاب دون يدون سداد المصروفات، إلا أن تصميم الوزارة على قرارها، أثار العديد من التساؤلات بشأن مصير الطالب الذي لم يستطع ولي أمر توفير المصروفات الدراسية؟ وماذا عن المدارس التي لم تلتزم بالقرار؟  

قرار وزاري

يحدد قرار وزير التربية والتعليم رقم 119 لسنة 2021، الرسوم والغرامات والاشتراكات ومقابل الخدمات الإضافية للطلاب المتقدمين للعام الدراسي الجديد بالصف الأول رياض الأطفال، والصف الأول الابتدائي.

ولعل المشكلة الرئيسية التي أغضبت أولياء الأمور في هذا القرار، أنه نص على قبول ملفات الطلاب وسداد المصروفات طبقا للعام الماضي، إضافة إلى تحصيل رسوم الصف الأول الثانوي العام والفني، من خلال ربط سداد المصروفات الدراسية بقبول ملفات الطلاب، أما طلاب المستوى الثاني برياض الأطفال تحدث بيانات ملفاتهم عند النقل للمرحلة الابتدائية ويرفق بالملف إيصال سداد المصروفات كأحد مسوغات تحديث الملف.

الأمر لم يقتصر على المدارس الحكومية، ولكن الطامة الكُبرى أن المدارس الخاصة، استغلت القرار واشترطت على أولياء الأمور سداد المصروفات الدراسية نقدًا على دفعة واحدة «كاش»، معتمدة على قرار ربط القبول وفتح الملفات بسداد المصروفات الدراسية، الذي أصدره وزير التربية والتعليم.

وقف الكثير من أولياء الأمور مكتوفي الأيدي أمام هذا القرار، معتبرين أنه تعجيزي،  ولم يجدوا أمامهم سوى الشكاوى، والتعبير عن استيائهم من القرار.

والله حرام

"يعني إيه ملف ابني ما يتقبلش لو ما سددتش المصروفات الدراسية، يعني لو مش معايا دلوقتي مستقبله يضيع!"، هكذا عبر محمد إبراهيم (ولي أمر) عن استيائه من قرار الوزارة.

من المفترض إن المصروفات ما لهاش علاقة بقبول الملفات من عدمها، فهذا الأمر أشبه بالمساومة، فكيف لولي أمر لديه أكثر من طالب في مراحل دراسية مختلفة أن يوفر المصروفات الدراسية لأبنائهم جميعهم في آن واحد! حسب «إبراهيم»،.

"القرار دا جاء على هوى المدارس الخاصة، وما صدقوا عايزيينا ندفع المصروفات الدراسية كاش، ومسكيننا من إيدينا اللي بتوجعنا، يا الدفع يا إما الملف مش هيتقبل"، هكذا كانت مأساة نجوى محمود (ولية أمر)، مع هذا القرار كانت في استغلال المدارس الخاصة له، لإجبارها على تسديد المصروفات كاملة وإلا لا مكان لطفلتها لديهم.

محاولات «نجوى» لإقناع الإدارة بالسماح بتسديد المصروفات الدراسية لنجلتها على أقساط، باءت بالفشل ما جعلها تقف مكتوفة الأيدي، لا تدري ماذا تفعل.

النائبة إيناس عبدالحليم

ولم تكن أسماء بدر (ولية أمر)، بمنأى عن الضغوطات التي يمثلها قرار الوزارة على أولياء الأمور، لا سيما وأنها لديها طفلين أحدهما سينتقل إلى المرحلة الابتدائية والآخر إلى المرحلة الإعدادية، بأحد المدارس التجريبية.

الأمر سيئ للغاية بالنسبة لـ«أسماء»، لأن لديها التزامات أخرى مع أشقاء أبنيها، بيد أن الظروف الاقتصادية للأسرة ليست في أحسن حال، ولذلك تعتبر إصرار الوزارة على ربط سداد المصروفات بقبول ملفات الطلاب أمر مجحف ويهدد مستقبل الطلاب: "أنا عندي التزامات كتير والظروف ما تسمحش أسدد مصروفات ولادي الاتنين سوا، يعني يا الدفع يا إما مش هتتقبل ملفات الولاد، والله حرام مستقبل عيالنا مش لعبة".

مخالفات وحساب

بعض المدارس لم تُلق اهتمام لقرار الوزارة، وبالفعل تغاضت عن دفع رسوم المصروفات الدراسية وقبلت ملفات الطلاب في المراحل الدراسية الجديدة، الأمر الذي جعل الكثير من أولياء الأمور يعتقد أن هناك استثناءات لبعض المدارس، ولكن الحقيقة أن تلك المدارس خالفت القرار.

مخالفة بعض المدارس لقرار الوزارة أحدث حالة من اللغط، وأثار عدة تساؤلات بشأن مصير المدارس المخالفة والطلاب الذين تم قبول ملفاتهم.

8 يونيو الماضي، أجاب صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية بمجلس الوزراء، ضمنيًا، على تلك التساؤلات من خلال توجيه خطاب عاجل، بشأن موافقة وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، الدكتور طارق شوقي، على سداد المصروفات الدراسية للصفوف الأولى مع قبول الملفات الخاصة بالطلاب وربط سداد المصروفات بقبول ملفات الطلاب ويكون إيصال السداد ضمن مسوغات قبول الملف.

وكشف الخطاب أنه خلال إعداد الصندوق تقرير بشأن ما تم تنفيذه حول قرار الوزير، للعرض على السلطات المختصة في شأن تحصيل مصروفات الصفوف الأولى، عدم التزام بعض المدارس بتنفيذ تعليمات السلطة المختصة في هذا الشأن وقبولهم الملفات الخاصة بالطلاب دون سداد المصروفات المدرسية بالمخالفة للتعليمات الصادرة.

ولم يترك صندوق تمويل ودعم المشروعات التعليمية، مصير تلك المدارس دون تحديد، ووجه مراجعة مصروفات الصفوف الأولى من قِبل المختصين الماليين، ومحاسبة كل من تورط في تلك المخالفات، وإتمام إجراءات التحصيل، وموافاته بما تم، لعرضها على السلطة المختصة بهذا الشأن.

ورغم انتهاء التقديمات على المرحلة الابتدائية، إلا أن صرخات وشكاوى أولياء الأمور مستمرة، مازالت مستمرة، رغم عدم استجابة الوزارة لهم، لا سيما مع فتح باب التقدم لطلاب الشهادة الإعدادية، للتقديم على مرحلة الثانوية العامة والفنية، بدءًا من يوليو الجاري، والمُقرر أن يستمر حتى منتصف أغسطس المُقبل، وعليه فإنهم لم يفقدوا الأمل علهم يجدوا من يحنوا عليهم وعلى أبنائهم.

14 يونيو الماضي، لاحت بارقة أمل لأولياء الأمور علها تنقذهم من ضغوطات القرار، وتنقذ مستقبل أبنائهم، من خلال أول تحرك برلماني في هذا الشأن، بعدما تقدمت عضو مجلس النواب، النائبة إيناس عبدالحليم، بطلب إحاطة بشأن قرار الوزير، بعد شكاوى عدة من أولياء الأمور.

محب عبود

مخالف دستوريًا 

"معظم الأسر عندها أكثر من طفل في الدارسة، ويحتاجون لمبالغ كبيرة حسب مصروفات كل سنة دراسية"، بهذه الكلمات بدأت عضو مجلس النواب، إيناس عبد الحليم، حديثها بشأن أزمة ربط المصروفات الدراسية بقبول الطلاب.

قرار الوزارة مخالف لـ6 مواد من مواد الدستور على الأقل، على رأسها المادة 19، والتي نصت على "التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقًا لمعايير الجودة العالمية"، حسب إيناس عبدالحليم.

كما نصت على أن "التعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانتيه بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقًا للقانون" وأن "تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها".

واختتمت النائبة إيناس عبدالحليم حديثها، بالإشارة إلى أن وفقًا لمواد الدستور فإن التعليم مجاني والدولة مُلزَمة بتعليم كل المواطنين، دون ربط ذلك بأية مبالغ نقدية، وأنه لا يجوز حرمان الطالب من التقدم والقبول بإحدى المدارس، وربطها بسداد كامل المصروفات، مُطالبة بضرورة إلغاء القرار.

جريمة مزدوجة

“هذا القرار بمثابة جريمة مزدوجة، لأنه يعتبر اعتداء سافر على مجانية التعليم التي يكفلها الدستور للطلاب”، بهذه الكلمات بدأ ممثل المعلمين المُستقلين، مُحب عبود، حديثه مع «النبأ الوطني».

القرار يعتبر إقرار واضح بأن يصبح التعليم بمصروفات، الأمر الذي يتناقض بشدة مع توقيع الدولة على وثيقة التنمية المستدامة 2015، والتي تقر فيها أن التعليم يكون مجاني حتى المرحلة الثانوية، كما أنه يخالف خطة التنمية المستدامة للدولة 2030، فضلًا عن كونه اعتداء على الدستور، ولا يوجد ما يبرره، حسب «عبود».

ويرى «عبود»، أن الأزمة الحقيقية أن معظم أولياء الأمور لديهم أكثر من طفل في مراحل تعليمية مختلفة، وضغوطات الحياة في ظل الاقتصادية الصعبة، تمثل عبء عليهم، وبهذا القرار يزداد العبء: “معظم أولياء الأمور عندهم أكثر من طفل في الدراسة، وفجأة يلاقي نفسه في أول السنة مطالب يدفع 1500 جنيه مثلًا، في حين إن ظروفه الاقتصادية صعبة”.

واختتم محب عبود، حديثه مع «النبأ الوطني»، بالإشارة إلى أنه في السابق لم تكن المصروفات الدراسية مرتبطة بالكتُب أو ظهور النتيجة، لا سيما وأن المسؤولين أكدوا أن تلك المصروفات لا علاقة لها  بالكتب وإنما هي لقاء خدمات تعليمية، ولكن قرارات الوزير حوّلت الأمر، مُضيفًا أن بعض رجال الأعمال والشركات كانوا يتبرعون بمبالغ لسداد المصروفات الدراسية عن الطلاب الذين تعثروا، فأين تلك التبرعات الآن، لا بد أن يوضح الوزير هل توقفت تلك التبرعات أم لا؟