رئيس التحرير
خالد مهران

حقيقة إلغاء قائمة المنقولات الزوجية وعدم اختصاصها بمحكمة الأسرة

المنقولات الزوجية
المنقولات الزوجية

أثارت قضية إلغاء قائمة المنقولات الزوجية جدلا واسعا خلال الأيام الماضية، وتحول الأمر إلى ما يشبه معركة على السوشيال ميديا بين مطالب بإلغائها، وذلك بغرض تخفيف إجراءات الزواج على الشباب، ومتمسك بها بدعوى أنه تحفظ حق المرأة في حالة الطلاق.

وتُعد قائمة المنقولات الزوجية عرفًا شائعًا في المجتمع المصري، ويقوم على أن تدون فيها المرأة كل ما تشتريه هي أو عائلتها أو زوجها من مقتنيات وأثاث لمنزل الزوجية على أن يوقع الزوج على هذه القائمة كوثيقة أنه ملزم بردها إذا طُلب منه ذلك.

السطور السابقة تثير العديد من التساؤلات حول قائمة المنقولات الزوجية، حول هل يمكن إلغائها، ولماذا لا ينظم هذا الأمر قانون الأحوال الشخصية، وليس قانون العقوبات، خاصة أن هناك نصا في قانون العقوبات يقضي بحبس الزوج في حالة تبديد منقولات الزوجية.

وهل تعد تبديد المنقولات الزوجية جريمة مخلة بالشرف، وبالتالي تؤدى إلى فصل صاحبها من العمل أم ليست مخلة بالشرف، وبالتالي لا تتحقق عقوبة فصل الزوج فيها من العمل حيث يرى البعض أن من يبدد منقولات زوجته مثل من كتب إيصال أمانة على نفسه دون أن يسدد المبلغ المستحق وهذه جريمة مخلة بالشرف.

ونستعرض خلال السطورة التالية الجدل الدائر حول إلغاء قائمة المنقولات عبر السوشيال ميديا منها حساب لشاب يقول "أنا من رأيي نلغيها بس على شرع ربنا، انا اجهز شقتي واجيب كل حاجة بس على قد مقدرتي وبراحتك كبنت انتي واهلك ترفضيها أو لا بس دي مقدرتي".

بينما تصف الفنانة المصرية سمية الخشاب في تغريدة لها القائمة بأنها "حاجة ملهاش لازمة" وتضيف في تغريدتها أتبعتها أن "الراجل ملزوم يجيب كل حاجة يا اما لو مش جاهز ميتجوزش".

لكن على الجانب الآخر، يقول أحمد السنباطي في تغريدته إن "حوار القايمة فعلًا حوار شائك ومينفعش نقول لأولياء الفتيات متكتبوش قايمة لما نراه من شباب ورجال فعلًا لا يتحملون المسؤولية وفيهم من التواكل والاستهتار وعدم الأمانة ما فيهم ودا موجود بكثرة في المجتمع".

وتشير أسماء عبد الناصر في تغريدتها إلى أن "الشعب فهم حوار القايمة غلط"، لأن إلغاءها سيجعل الزواج بمهر، "وطبعا المهر هيختلف من واحدة للتانية ومن عيلة للتانية".

وجاء في تغريدة لدار الإفتاء المصرية عبر حسابها الرسمي على تويتر ردًا قالت فيه إنه "لا حرج شرعًا في الاتفاق على قائمة المنقولات الزوجية "قائمة العفش" عند الزواج، فلا بأس بالعمل بها على كونها من المهر".

وأضافت دار الإفتاء في بيانها أن "المرأة إذا قامت بإعداد بيت الزوجية في صورة جهاز؛ فإن هذا الجهاز يكون ملكًا للزوجة ملكًا تامًّا بالدخول، وتكون مالكة لنصفه بعقد النكاح إن لم يتم الدخول، على أنه يراعى في ذلك عدم إساءة استخدام "القائمة" حال النزاع بين الزوجين".

 المستشارة القانونية صابرين أحمد مصطفى المحامية بالاستئناف العالي

من ناحيتها، تقول المستشارة القانونية صابرين أحمد مصطفى المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة إن مصادر التشريع كتاب الله، والسنة، ثم ما اتبع عليه الصحابة والعلماء، ثم بعد ذلك القانون الوضعي، ثم بعد ذلك يوجد ما يسمى العرف، إذن فالقائمة تندرج تحت ما يسمى بالعرف الذي سار عليه الآباء والأجداد.

وأضافت المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة لـ«النبأ الوطني» أن القائمة لم تكن موجودة في الماضي، لأنه الزوج كان يجهز منزل الزوجية من كل شيء، فكان لا وجود للقائمة، لكن بدأت تظهر عندما بدأ التعذر المالي في أن يقوم الزوج بتجهيز محتويات المنزل.

وتكمل: بدأت تساعد الزوجة وأهلها في تجهيز منزل الزوجية، فأصبح هنا هذا الأمر عرفًا، بين الزوج وأهل زوجته، على اعتبار نجهز معاك منزل الزوجية وتحضر قائمة وتكتب على نفسك العفش كله بتاعها لضمان حق الزوجة، فقط لكن لا يوجد في القانون نص قانوني للقائمة إلا نص تبديد في المادة 341 من قانون العقوبات.

المستشار عبدالله الباجا
 

وعلق المستشار عبدالله الباجا رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق، على قائمة المنقولات الزوجية وقال إن هناك نص المادة 341 من قانون العقوبات على أن القائمة تعد عقدًا من عقود الأمانة، الذي يعاقب القانون المصري الزوج على خرقه بالسجن وجواز فرض الغرامة، ويكون توصيف التهمة «تبديد منقولات زوجية»، وقد تصل العقوبة إلى الحبس، مشيرًا إلى وجود حكم يقضي بأن «جريمة تبديد المنقولات الزوجية ليس جريمة مخلة بالشرف».

وأضاف رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق خلال حديثه لـ«النبأ الوطني» أن قائمة المنقولات الزوجية ليس لها علاقة لا بقانون الأحوال الشخصية ولا بقانون الأسرة، لكن المنقولات الزوجية معدة لإثبات أن هذه المنقولات موجودة لدى الزوج على سبيل عارية الاستعمال، أو على سبيل الوديعة، حسب الاتفاق، مؤكدًا أنه إذا كانت وديعة فعلى الزوج أن يردها بحالتها، ولا يرد قيمتها، أما إذا كانت عارية الاستعمال فعليه أن يردها بالحالة التي كانت عليها وقت تسليمها، أو قيمتها الثابتة بالقائمة، والدليل على ذلك أن محكمة الجنح هي التي تختص بنظرها، إذن هي حق لإثبات حق الزوجة في عقد من عقود الأمانة  إما وديعة أو عارية الاستعمال.

وتساءل «الباجا» متى تكون المنقولات الزوجية ليس من اختصاص محكمة الجنح، حينما يكون لا يوجد قائمة، ويوجد عفش بالمنزل، فتتقدم الزوجة بالفواتير الدالة على أن العفش ملكها لمحكمة الأسرة، لتحصل به على دعوى استرداد العفش، أو قيمته من محكمة الأسرة، لأن محكمة الأسرة هي المختصة بدعاوى المنقولات الزوجية، والمهر والشبكة، لكن ما دام هناك قائمة مكتوبة بالمنقولات هي عبارة عن ضمان لحق الزوجة في المنقولات الزوجية في صورة عقد من عقود الأمانة، إما الوديعة أو عارية الاستعمال حسب الاتفاق في القائمة.

واعترض رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق، على مسمى قائمة منقولات الزوجية قائلا إنه مسمى غلط، لأن كلمة قائمة تدل على العدد الموجود أو المحتوى الموجود في داخل هذا المستند، لا تختص به محكمة الأسرة، ولكن تختص به محكمة الجنح.

وتساءل «الباجا» هل هناك علاقة بين المهر والقائمة؟، مؤكدًا أن القائمة هي شيء من 2 إما أن تكتب عقدا من عقود الأمانة في صورة وديعة أو عارية الاستعمال، ونوه أن تسمية القائمة «عُرف» تسمية خاطئة لأنه عقد من عقود الأمانة فإذا كانت عقدا من عقود الأمانة تتقدم الزوجة إلى محكمة الجنح، وتقول إن زوجها بدد منقولاتها الزوجية التي سلمتها له على سبيل الوديعة أو عارية الاستعمال.

وأشار رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق، إلى علاقة المهر بقائمة المنقولات الزوجية، حيث قال إنه ليس له علاقة، مؤكدًا أن المهر هو شيء يدفعه الزوج نظير أنه يستحل الزوجة، ويسمى «البضع»، فالمهر يلتزم الزوج بدفعه، وليس له علاقة بالقائمة لأن الزوجة غير ملزمة بتجهيز منزل الزوجية من المهر، وفوق حصولها الزوجة على المهر الزوج هو من يجهز منزل الزوجية.

ففي هذه الحالة تكون الزوجة ليس لها شيء في المنقولات الزوجية لأنها حصلت على مهرها بمعنى آخر أنها دفع الزوج لها المهر وجهز الشقة، وانت ما دفعتيش منه جنيه في العفش فأصبح العفش كله ملك الزوج.

ونوه أن في حالة دفع الزوج المهر يترتب عليه تعجيز الشباب عن الزواج، على اعتبار أنه يدفع مهر 200 ألف أو 100 ألف ويجهز بـ100 ألف أو 200 ألف ويحصل في هذه الظروف الصعبة عزوف الشباب عن الزواج، ولا يستطيع تنفيذه، إذن فالعرف جرى، والعرف مصدر من مصادر التشريع على أن الزوجة بدل ما تحصل على المهر يجهزوا العفش مناصفة على اعتبار هي تشيل النصف وهو النصف وفي النهاية العفش يكون ملكها وكل ذلك بالاتفاق.

فقائمة المنقولات الزوجية تكتب في صورة قائمة مستندات، وهذا ليس له علاقة بالمهر، فالمهر شرط من شروط صحة الزواج، وإلا يكون الزواج فاسدًا، فلا يصح الزواج إلا بمهر، والمهر يدفعه الزوج للزوجة والزوجة غير ملزمة بتجهيز منزل الزوجة من المهر، أما المهر فتحصل عليه الزوجة نظير حل المعاشرة، مؤكدًا أن أحل فلوس تدفع هي فلوس المهر، لأنها مقابل شيء عظيم، ومن أركان الزواج «الإجاب والقبول» ومن شروط صحة الزواج «المهر».