على الهواري يكتب:هل يستخدم بوتين السلاح النووي في أوكرانيا؟
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه وقع مرسوما بشأن التعبئة العسكرية الجزئية اعتبارا من اليوم الأربعاء 21 سبتمبر/ أيلول، للدفاع عن الأراضي الروسية التي يريد الغرب "تدميرها".
وأضاف بوتين في خطاب متلفز: "عندما تتعرض وحدة أراضي بلادنا للتهديد، سنستخدم بالتأكيد كل الوسائل المتاحة لنا لحماية روسيا وشعبنا"، متهما الغرب بالسعي إلى "إضعاف بلادنا وتقسيمها وتدميرها في نهاية المطاف".
كما حذر القوى الغربية من أنه إذا واصلت "ابتزازها النووي"، فإن موسكو سترد بقوة بكل ترسانتها الضخمة.
وأوضح بوتين أن هدفه هو "تحرير" منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، مؤكدا أن معظم الناس في المنطقة لا يريدون العودة إلى ما سماه "عبودية" أوكرانيا.
يأتي قرار الرئيس الروسي، بعد ايام من تراجع للقوات الروسية في شمال شرقي أوكرانيا لا سيما في إقليم خاركيف، إثر هجوم مضاد شنته القوات الأوكرانية قبل نحو أسبوعين لاستعادة بلدات ظلت لأشهر طويلة تحت السيطرة الروسية، حيث حققت تقدمًا ملحوظًا.
كما شنت بالتزامن هجوما واسعا لاستعادة الأراضي في الجنوب، ساعية لمحاصرة آلاف الجنود الروس الذين انقطعت عنهم الإمدادات على الضفة الغربية لنهر دنيبرو، واستعادة خيرسون، المدينة الكبيرة الوحيدة التي تحافظ روسيا على سيطرتها عليها منذ فبراير الماضي.
ردود فعل قوية على قرار بوتين
وقد لاقى قرار الرئيس الروسي ردود فعل دولية قوية، لا سيما من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والغرب.
فقد حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن روسيا من استخدام أسلحة نووية تكتيكية أو كيمياوية في الحرب في أوكرانيا.
وقال بايدن خلال مقابلة مع شبكة "سي بي إس نيوز" إن مثل هذا الإجراء "سيغير وجه الحرب بصورة لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية".
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هدد أوروبا نوويًا، وإن الولايات المتحدة ستتصرف كـ«قائد مسؤول».
وشدد بايدن، خلال كلمة، اليوم الأربعاء، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن الولايات المتحدة تريد أن تنتهي الحرب الروسية الأوكرانية «بشروط عادلة»، مؤكدا أن الحرب لن تنتهي دون تحقيق ذلك، وأن بلدان الاتحاد الأوروبي وقعت على هذه الشروط.
وتابع: «الولايات المتحدة ترفض استخدام العنف والحرب لغزو الدول وتوسيع الحدود من خلال إراقة الدماء، مشددًا على أن الدول الأعضاء بالأمم المتحدة يجب أن يكونوا واضحين وحازمين وثابتين في تصميمهم على ذلك.
واستطرد: «يجب الدفاع عن الحقوق السيادية للدول الصغيرة على قدم المساواة مع الدول الكبرى، واعتناق المبادئ الأساسية لحرية الملاحة، واحترام القانون الدولي هو الأرضية المشتركة التي يجب أن تقف عليها دول الأمم المتحدة».
وأضاف بايدن، أن «عالمنا شهد حربا قاسية غير ضرورية اختارها شخص واحد»، مشيرا إلى أن الكرملين ينظم استفتاءات مزيفة تنتهك ميثاق الأمم المتحدة، مؤكدا على أ، روسيا انتهكت دون خجل المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة، منوها بأن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل بشكل وثيق مع شركائها لمنع روسيا من الإعتداء على دول النيتو، لافتا إلى أن بوتين وجه تهديدات نووية ضد أوكرانيا، مؤكدا «نعمل على محاسبة روسيا على جرائم الحرب في أوكرانيا».
وأكدت وزيرة الخارجية البريطانية، جيليان كيجان، أن خطاب بوتين اليوم يمثل تصعيدًا مقلقًا، مشيرة إلى ضرورة "أخذ تلك التهديدات التي وجهها على محمل الجد". وأضافت قائلة "لستُ متأكدة من أنه يسيطر على الوضع أيضا.. فهذا تصعيد واضح".
واعتبر المستشار الألماني، أولاف شولتس أن التعبئة الجزئية للجيش التي أمر بها بوتين "تصعيد إضافي خطير للصراع"، مشيرًا إلى أن الحكومة الألمانية تدرس الرد عليه.
كما أضاف أنها "خطوة أخرى سيئة وخاطئة من موسكو"، لافتًا إلى أن بلاده "ستناقشها وتتشاور بشأنها سياسيا فيما يتعلق بكيفية الرد"، مشيرا إلى أن هذا القرار دليل على يأس بوتين.
وقالت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، إن أحدث قرارات اتخذها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الحرب في أوكرانيا تظهر يأسه وأنه يلجأ إلى مقامرة نووية "متهورة" لتصعيد التوتر أكثر.
وقال بيتر ستانو المتحدث باسم السياسة الخارجية للمفوضية الأوروبية في إفادة صحفية روتينية "هذا مجرد دليل آخر على أن بوتين غير مهتم بالسلام وأنه مهتم بتصعيد حرب العدوان هذه". وأضاف "هذه أيضا علامة أخرى على يأسه من الطريقة التي يسير بها عدوانه على أوكرانيا... إنه مهتم فقط بالمزيد من التقدم ومواصلة حربه المدمرة، والتي لها بالفعل العديد من العواقب الوخيمة في جميع أنحاء العالم".
وقال ستانو إن أزمات الغذاء والطاقة العالمية سببها حرب روسيا وإن "مقامرة نووية غاية في الخطورة" أقدم عليها بوتين قد يكون لها المزيد من التبعات على العالم بأسره. وأضاف أن دول الاتحاد الأوروبي، وعددها 27، إضافة لزعماء العالم الذين سيجتمعون في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع سيناقشون ردا مشتركا، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي عليه أن يضغط على بوتين "للتوقف عن مثل هذا السلوك الطائش".
وقال ستانو "بوتين يقوم بمقامرة نووية. إنه يستخدم العنصر النووي في إطار إرهاب ترسانته وهذا غير مقبول". وتابع أن الأمر سيكون له "عواقب من جانبنا" لكنه أحجم عن إعلان أي عقوبات جديدة قد تفرض على روسيا. وقال إن "الاستفتاءات غير القانونية والزائفة" التي تدعمها موسكو في مناطق أوكرانية تحتلها روسيا لن تحظى بالاعتراف.
من جهته، قال مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأربعاء أن التعبئة الجزئية لجنود احتياط روس تظهر أن الرئيس فلاديمير بوتين ينوي مواصلة "التصعيد" في الحرب على أوكرانيا وأنها تشكل "مؤشر يأس جديدا" لديه.
وأوضح بيتر ستانو الناطق باسم بوريل "الاعلان عن تعبئة جزئية للاحتياط وتأكيد الاستفتاءات (في مناطق محتلة في أوكرانيا) يشكلان إشارة واضحة موجهة إلى الأسرة الدولية خلال أسبوع الجمعية العامة للأمم المتحدة على عزمه مواصلة حربه المدمرة التي لها تداعيات سلبية على العالم بأسره".
فيما رأت السفيرة الأمريكية في أوكرانيا، بريدجت برينك، أن هذا القرار "مؤشر ضعف" لا قوة. وكتبت في تغريدة على حسابها في تويتر "الاستفتاءات الزائفة والتعبئة هي مؤشرات ضعف وفشل روسي"، مؤكدة أن بلادها ستستمر في "دعم أوكرانيا ما دام اقتضت الضرورة".
كذلك، اعتبر رئيس وزراء هولندا، مارك روته، أن قرار التعبئة علامة على ذعر بوتين. وأضاف متحدثًا إلى قناة (إن.أو.إس) الهولندية "التعبئة والدعوة إلى استفتاءات في دونيتسك كلها علامات على الذعر، فخطاب بوتين بشأن الأسلحة النووية شيء سمعناه مرات عديدة من قبل".
كما شجب الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ اليوم الأربعاء خطاب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين الذي أكد فيه أنه مستعد لاستخدام "كل الوسائل" في ترسانته ضد الغرب، بما فيها أسلحة الدمار الشامل، معتبرًا أنها تدل على أن "الحرب لا تسير وفقًا لخططه"، مشيرا إلى أن تلك التهديدات ليست بالجديدة، معتبرًا أن "بوتين فعل ذلك مرات عدة من قبل".
واعتبر أن استدعاء الآلاف من القوات الروسية الإضافية للقتال في أوكرانيا سيصعد الصراع، واصفا تصريحات بوتين باللجوء لأسلحة نووية "بالخطيرة والمتهورة".
كما أضاف قائلا إن "أول تعبئة في الجيش تقوم بها روسيا منذ الحرب العالمية الثانية ليست مفاجأة، لكنها ستصعد من حدة الصراع"، حسب ما نقلت رويترز. ورأى أن خطوات بوتين أوضحت أن "الحرب لا تسير وفقا لخططه" وإنه من الواضح أنه ارتكب "خطأ كبيرا في الحسابات".
بوتين والحرب النووية
وخلال الحرب الروسية الأوكرانية، لوح الرئيس الروسي أكثر من مرة باستخدام السلاح النووي في حربه ضد أوكرانيا.
في شهر فبراير الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع "قوة الردع" في الجيش الروسي، وهي قوة تشمل عنصرا نوويا، في حال التأهب، متهما الغرب باتخاذ مواقف "عدوانية" تجاه بلاده، في اليوم الرابع من غزو أوكرانيا.
وصرح بوتين خلال لقاء مع قادته العسكريين نقله التلفزيون "آمر وزارة الدفاع ورئيس هيئة الأركان بوضع قوات الردع في الجيش الروسي في حال التأهب الخاصة للقتال". وأجاب وزير الدفاع سيرغي شويغو "مفهوم".
في شهر فبراير الماضي، قالت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حذر فى خطاب أن لديه الأسلحة المتاحة لو جرؤ أى شخص على استخدام الوسائل العسكرية فى محاولة وقف سيطرة روسيا على أوكرانيا.
وفي شهر يونيو الماضي، أكد فيها أن بلاده لن تتردد في استخدام ترسانتها النووية في حال تعرضها لتهديد وجودي.
وكان بوتين قال إن روسيا لا تُهدد أحدًا بالسلاح النووي، وأوضح في كلمته خلال منتدى بطرسبرغ الاقتصادي، الجمعة، أن روسيا ستستخدم الأسلحة النووية إذا لزم الأمر لحماية نفسها.
وحذر بوتين من تسليم أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى، مشيرا إلى أن من سيفعل ذلك سيكون قد تجاوز الخطوط الحمراء.
وفي يونيو 2020، أقر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أسس سياسة روسيا في مجال الردع النووي، باعتبار السلاح النووي سلاح ردع فقط.
وجاء في نص المرسوم الرئاسي، الذي تم نشره على موقع المعلومات القانونية: "من أجل ضمان تنفيذ سياسة الدولة في مجال الردع النووي، أقرر: اعتماد الأسس المرفقة لسياسة روسيا الاتحادية في مجال الردع النووي".
وأكدت الوثيقة أن "قرار استخدام الأسلحة النووية سيتخذ من قبل الرئيس الروسي".
وأضافت الوثيقة: "تعتبر روسيا السلاح النووي سلاح ردع فقط، يعد استخدامه تدبيرا طارئا، وتبذل كل الجهود اللازمة للحد من التهديد النووي ومنع تفاقم العلاقات بين الدول، الذي يمكن أن يثير صراعات عسكرية، بما في ذلك الصراع النووي".
ويشدد المرسوم على أن سياسة الدولة في مجال الردع النووي ذات طبيعة دفاعية، ولكن يمكن تحديد أسسها اعتمادا على العوامل الخارجية والداخلية.
وبحسب الوثيقة تعتبر المخاطر الرئيسية لروسيا هي: امتلاك الدول أسلحة نووية وأنواع أخرى من أسلحة الدمار الشاملن الإنتشار غير المنضبط للأسلحة النووية، نشر الأسلحة النووية على أراضي الدول غير النووية، نشر أسلحة هجومية في دول أخرى، نشر أنظمة الدفاع الصاروخي والضربات في الفضاء، حشد القوات بالقرب من حدود روسيا.
وفي أغسطس الماضي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه "لا يمكن أن يكون هناك طرف منتصر في أي حرب نووية"، وإنه "يجب عدم بدء مثل هذه الحرب أبدًا".
وأكد بوتين "التزام روسيا الدائم بمعاهدة حظر الانتشار النووي، روحًا ونصًا، بصفتها طرفًا فيها، وإحدى الدول المنوط بها تنفيذها". وأضاف: "ننطلق من حقيقة أنه لا يمكن أن يكون هناك طرف منتصر في حرب نووية، ولا ينبغي إطلاقها أبدًا ونحن ندافع عن الأمن المتكافئ وغير القابل للتجزئة لجميع أعضاء المجتمع الدولي".
وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، حذر في أبريل الماضي من أن فشل روسيا في تحقيق انتصار عسكري في أوكرانيا قد يدفع ببوتين لإصدار أمر باستخدام سلاح نووي تكتيكي أو منخفض القوة، حسب ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز".
وأضاف بيرنز في كلمة ألقاها في معهد "جورجيا" للتكنولوجيا، "نظرًا إلى إمكان إصابة الرئيس بوتين والقيادة الروسية بيأس محتمل، وإلى الانتكاسات العسكرية التي يواجهونها حتى الآن، لا يمكن لأي منا التعامل باستخفاف مع التهديد الذي يمثله اللجوء المحتمل إلى أسلحة نووية تكتيكية أو أسلحة نووية منخفضة القوة".
بوتين في موقف لا يحسد عليه
وبحسب موقع "إنسايدر"، فإن بوتين بات في موقف لا يحسد عليه في الوقت الحالي، بعدما أعلنت القوات الأوكرانية عن استعادة آلاف الكيلومترات من الأراضي التي سبق أن وقعت في قبضة الروس، بعد إطلاق العمليات العسكرية في فبراير الماضي.
وأوردت التقارير أن الجنود الروس فروا على عجل من عدة مناطق شرقي أوكرانيا، أبرزها خاركيف، تاركين وراءهم أسلحة وذخائر مهمة، وهو ما يعني أن الجهد الذي بُذل طيلة أشهر قد ذهب أدراج الرياح.
ويشير البعض إلى احتمال إقدام بوتين على استخدام السلاح النووي، من أجل تغيير مسار الحرب، وتحقيق بعض المكاسب، لكن هذا الخيار صعبٌ وربما يجعل موسكو في وضع أصعب رغم إمكانية توجيه ضربة موجعة للـ "خصم الأوكراني".
وقالت النائبة السابقة للأمين العام لحلف شمال الأطلسي، روز غوتي مويلر، إنه على العالم أن يبقى في حالة يقظة وحيطة إزاء هذا الاحتمال، لأن بوتين قد يشن هجوما نوويا تكتيكيا على البحر الأسود أو منشأة للجيش الأوكراني.