الغرامات تهدد الاقتصاد الوطنى وتنذر بإفلاس المصانع والشركات
أصبحت أزمات البضائع المكدسة في الموانئ المصرية حديث الساعة خلال الساعات القليلة الماضية، ولا سيما مع نقص المعروض من السلع الأساسية وغير الأساسية واستمرار موجة ارتفاع الأسعار، وهو الأمر الذي يفرض غرامات وأرضيات تسدد بالدولار للشركات الأجنبية متعددة الجنسيات في ظل عدم قدرة على تدبير العملة من البنوك، ما يهدد الاقتصاد الوطني، وينذر بإفلاس المصانع والشركات.
وكانت وزارة المالية أعلنت حزمة إجراءات حكومية لتيسير الإفراج عن الواردات وتخفيف الأعباء عن المستثمرين بما في ذلك المصنعون والمستثمرون الأفراد، الذين يواجهون صعوبات في الحصول على المواد الخام والمنتجات النهائية بسبب أزمة نقص الدولار التي تعاني منها البلاد.
وكشفت الوزارة أن المستوردين الذين أنهوا جميع الإجراءات الجمركية، ما عدا «نموذج 4» الخاص بالجمارك، سيتمكنون من الإفراج عن سلعهم، موضحة أنه سيجري وقف تحصيل الغرامات الجمركية من المتأخرين في إنهاء إجراءات الإفراج بسبب المستندات المطلوبة من الجهات ذات الصلة، مع خفض أعباء الأرضيات والغرامات خلال الأيام المقبلة.
الأزمات مستمرة
واللافت في الأمر أن أزمات الغرامات على الشركات والمصانع وتكدس البضائع بالموانئ، لا تزال مستمرة، حيث وصل الأمر إلى نقص وارتفاع السلع الغذائية الأساسية مثل القمح والأعلاف والأدوية ومستلزمات الإنتاج بالنسبة للمصانع.
وتسبب تكدس الأعلاف في الموانئ ونقصها بالأسواق، فى ارتفاع أسعار البيض والدواجن وأعدام الكتاكيت بالمزارع، وهو الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا في الشارع حيث يصل حجم الأعلاف المحتجزة إلى نحو مليون طن ذرة و450 ألف طن صويا، حسب محمود العناني رئيس اتحاد منتجي الدواجن.
كما جاءت أزمة تكدس الأعلاف بالموانئ، بظلالها على قطاع اللحوم، حيث ارتفعت أسعار اللحوم لتتخطى حاجز الـ200 جنيه للكيلو؛ بسبب زيادة التكلفة الإنتاجية ونقص الأعلاف.
ولم يقف الأمر عند قطاع الدواجن واللحوم، بل وصل إلى القمح حيث شهدت الموانئ تكدسًا من شحنات كبيرة من القمح منذ عدة أشهر، نتيجة نقص العملة الأجنبية بالبنوك التي تحتاجها هذه الشحنات للإفراج عنها.
وتسبب التكدس في تراجع مخزون القمح لدى الكثير من المطاحن الخاصة، وزيادة أسعار القمح بالسوق المحلي إلى مستويات قياسية لم تصلها من قبل بالأسواق، ما أدى إلى زيادة بالتبعية في أسعار الدقيق الحر المستخدم في عدد من الصناعات مثل المكرونة والخبز السياحي و«الفينو» ومصنعات المعجنات وغيرها.
كما يواجه المصانع وقطاع الأدوية، ذات الأزمة بسبب تكدس مستلزمات الإنتاج في الموانئ؛ نتيجة عدم توفير الدولار، وهو الأمر الذي يفرض غرامات وأرضيات يسبب نقصا في السلع بالأسواق، وارتفاع أسعارها.
وشهدت الأيام الماضية، اتجاه بعض التجار إلى احتكار السلع والحبوب المهمة مستغلين ظروف نقص الاعتمادات لدي البنوك وتكدس البضائع بالموانئ المصرية.
مع اشتعال الأزمة وزيادة الغرامات على الشركات والمصانع، بدأت البنوك تدبير السيولة الدولارية اللازمة للإفراج الجمركى عن شحنات من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج والأدوية المحتجزة بالموانئ، حسب مستوردين بالسوق المحلي.
خسائر بالمليارات
وفي هذا السياق قال محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، ورئيس لجنة الضرائب والجمارك، إن البضائع المكدسة بالموانئ تخسر الشركات والمصانع مبالغ ضخمة تقدر بالمليارات.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه يتم تسديد غرامات بالدولار للشركات الأجنبية، على حجز البضائع بالحاويات، بالإضافة إلى غرامات الأرضيات.
وأوضح «البهي»، أن الغرامات تحدد بناء على المدة التي احتجزت فيها البضائع، فهناك بضائع محتجزة في الميناء منذ 5 أشهر وآخر منذ شهر.
وأشار رئيس لجنة الضرائب والجمارك، إلى أنه حتى الآن لم يحدث أي انفراجة في البضائع المكدسة في الموانئ، لافتًا إلى أن المشكلة في المديونيات التي تفرض على المستوردين لصالح الشركات الأجنبية الموردة والتي لن يتم الإفراج عن البضائع إلا بعد استكمال جميع الأوراق المطلوبة للشحنة مع السفن ودفع قيمة البضائع والغرامات.
ولفت إلى أن حل البضائع المكدسة في الموانئ هو توفير الدولار في البنوك، قائلًا: «جميع شركات ومصانع مصر لديهم بضائع محتجزة في الموانئ، وهو أمر ليس بسيط ويمس السلع الاستراتيجية ويضر التجار والمصانع والمستوردين وهو ما يصب على المستهلك في النهاية في ارتفاع الأسعار ونقص المعروض».
وأكد أن هناك مصانع متوقفة عن العمل؛ نتيجة البضائع المحجزة، متابعًا: «المصنع اللي واقف ده لديه ارتباطات تصدير وإنتاج محلي لتغطية احتياجات السوق، وعمال يدفع لها مرتبات دون عمل».
شلل الشركات والمصانع
ومن ناحيته، قال عماد قناوي، رئيس شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن جميع الشركات المصرية والمصانع لديها بضائع مكدسة بالموانئ بأرقام «كبيرة»، هو الأمر الذي يضغط على الدولار.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن المستوردين في انتظار موافقة البنك على المركزي لتوفير العملة، متابعًا: «نأمل بعد اتفاق صندوق النقد الدولي يتم تجهيز وإصدار أوامر بالإفراج عن البضائع المحتجزة لأنها تؤثر على جميع القطاعات».
وأشار «قناوي»، إلى أن البضائع المحتجزة يوضع عليها غرامات لمصلحة الجمارك بالجنيه المصري وغرامات لشركات الشحن الأجنبية بالدولار عن كل يوم تأخير، قائلًا: «غرامة اليوم الواحد لمصلحة الجمارك تقدر بـ300 جنيه، وغرامة اليوم الواحد لشركات الشحن الأجنبية تقدر بـ70 دولارا للحاوية».
وأوضح رئيس شعبة المستوردين، أن هناك بضائع محتجزة من شهر فبراير الماضي لم يفرج عليها حتى الآن، وبضائع أخرى تصل إلى 6 و7 أشهر، موضحًا أن الأزمة تسببت في شلل للشركات والمصانع؛ نتيجة عدم وجود إمداد وبالتالي فالإنتاج متوقف، وهو الأمر الذي يهدد بتسريح العمالة.
وتابع: «الأزمة قربت على العام دون أي حلول، هو الأمر الذي يهدد مجتمع رجال الأعمال في الاستمرار في القطاع وقدرتهم في الحفاظ على العمالة؛ لمدة أطول من ذلك».