رئيس التحرير
خالد مهران

علي الهواري يكتب: لماذا صافح أردوغان الرئيس السيسي في قطر؟

النبأ

ما زال اللقاء الذي تم بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش افتتاح مونديال قطر يثير الكثير من الجدل، لا سيما وأن هذا اللقاء تم بعد قطيعة سياسية بين البلدين استمرت لأكثر من تسعة سنوات، وبعد أن أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكثر من مرة أنه لن يلتقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي أبدا.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تراجع أردوغان عن وعوده التي قطعها على نفسه؟ وهل ما حدث يؤكد على قوة موقف مصر؟، وهل موقف الرئيس السيسي الصلب هو الذي أجبر الرئيس التركي على تغيير موقفه؟، وهل كما يقول البعض أن الرئيس التركي فعل ذلك لأنه يتعرض لضغوط داخلية من المعارضة لإعادة العلاقات مع مصر؟.

في البداية، علق النائب والإعلامي المصري مصطفى بكري، على هذا اللقاء بالقول إن "مصر ستبقى المرجعية أراد من أراد، وأبى من أبى".

وعبر حسابه في "تويتر" نشر بكري صورة تجمع الرئيسين السيسي وأردوغان خلال لقاء على هامش افتتاح كأس العالم 2022 في قطر، وكتب تعليقا على ذلك: ستظل مصر دوما مرفوعة الهامة، عصية على الانكسار، وسيبقى قائدها البطل عبد الفتاح السيسي قيمة وطنية تتجسد بمواقفها وحكمتها وصمودها أمام رياح الكذب والادعاء".

وعلق الإعلامي عمرو أديب، على اللقاء قائلا، أن السياسيين لهم حساباتهم والمواطنين لهم انحيازاتهم، معقبًا: «هل لما حدثت المصافحة، النهاردة أنا صفيت من ناحية الجانب التركي وحسيت بارتياح؟ خالص من سنوات طويلة وموقفي واضح في تلك المسألة».

وتابع: «كنا ندخل في معارك ونتصدى كأفراد لمنظومة إعلامية كاملة من تركيا، لكن عندما هدأت الأمور نهدأ، وعندما تتحسن الأمور نتحسن، إنما عندما أشعر أن بلدي في خطر أنا جاهز واقف بالميكرفون والكلمة بتاعتي، الإعلام بقا عنصر مهم بدليل إن الناس مستنية ماذا ستقول».

ولفت إلى تصريحات أردوغان عن الرئيس السيسي خلال الـ8 سنوات الماضية، مضيفًا: «فاكرين قال إيه عن مصر ولا أعيد، كمواطن مصري يهمني احترام بلدي والإدارة ورئيسي والسيادة الوطنية والحدود».

وتساءل عن الجانب الفائز والخاسر لو اكتملت المصالحة المصرية التركية دون عوائق، مستطردًا: «كمواطن عادي جدا لا يد لي في أي شي، موقفي واضح وموقفي هو هو، هتراعيني قيراط هراعيك قيراطين، مصر عمرها ما كانت دولة معتدية لكنها دائما ترد العدوان».

وأشار إلى أن العلاقات بين مصر وتركيا ستكون عادية ومماثلة للعلاقات مع البرازيل والأرجنتين وهولندا، لو احترمت أنقرة الإرادة المصرية والشأن الداخلي المصري، ولا تستخدم أرضها كمنصة هجوم على مصر.

وتابع: «أنا كمواطن معنديش مشكلة لو رفعت يدك عن تلك الأمور، هتجنحوا للسلم أهلا وسهلا، الأشهر الماضية بذلت تركيا جهودًا واضحة حتى لا تكون منصة للهجوم على مصر، حيث إنها طردت العناصر الإرهابية الممولة للإخوان».

واستطرد: «كمواطن مصري المسألة واضحة جدًا وهي أمن بلدي، المصلحة المصرية نمرة واحد، سلم عليه معناه إيه كل هذا الأمر لا أتوقف أمامه، لكن المهم الاحترام وألا تستخدم أرضه للهجوم علينا.. السياسيين لهم اختياراتهم والشعوب لها انحيازاتها».

رجل ليس له كلمة ولا مبادئ ويسعى للتقارب مع مصر من أجل الاستمرار في حكم تركيا

يقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن رجب طيب أردوغان رجل ليس له كلمة ولا مبادئ، مبدئه الأساسي هو المصلحة، مشيرا إلى أن الرئيس التركي ما زال يحلم بعودة الخلافة العثمانية، لذا قام بغزو ليبيا لكي يستولى على ثرواتها، وقال أنها جزء من الأمبراطورية العثمانية.

وأكد «درويش» لـ«النبأ»،  على أن ما يقوم به أردوغان هو تمثيلية يريد من خلالها الاستمرار في حكم تركيا في الانتخابات الرئاسية القادمة، مشيرا إلى أن المعارضة التركية تريد عودة العلاقات مع مصر، موضحا بأنه في الوقت الذي يصافح فيه أردوغان الرئيس عبد الفتاح السيسي في الدوحة يقوم الطيران التركي بضرب سوريا والعراق، مستبعدا أن يكون لهذا اللقاء أي تأثير على العلاقات المصرية التركية، مشيرا إلى أن هناك الكثير من اللقاءات التي جرت بين وزيري خارجية البلدين الفترة الماضية، ورغم ذلك ما زال أردوغان يحتل ليبيا ويجلب الإرهابيين على حدود مصر الشرقية،.

واشار، بأن أردوغان يشعر بالغضب والضيق من تحول مصر إلى مركز عالمي للغاز وأنها تأخذ الغاز من إسرائيل، لافتا إلى أن أردوغان يريد من خلال هذا اللقاء الوصول مرة أخرى لحكم تركيا، ولكن القيادة السياسية في مصر تدرك ذلك، مؤكدا على أن ما يهم الرئيس التركي هو جمع المال واستعادة مجد الخلافة وأن يصبح أميرا للمؤمنين، لافتا إلى أن أردوغان يتحالف من إيران من أجل تقسيم المنطقة والإستيلاء على الأراضي العربية، مؤكدا على أن إعادة العلاقات بين مصر وتركيا هو مكسب لأردوغان في الانتخابات الرئاسية القادمة.

 من مصلحة الطرفين أن تكون العلاقات بينهما طيبة..تركيا دولة إقليمية كبيرة ومهمة ومصر دولة عربية قائدة ومحورية

ويقول الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، أن ما حدث كانت مصافحة عابرة وليست لقاء مخطط له بسبب تواجد الرئيسين في حدث عالمي، مشيرا إلى ذلك تم بترتيب من أمير دولة قطر، لافتا إلى أن هناك الكثير من الأطراف العربية تسعى لتحسين العلاقات بين مصر وتركيا، على رأسها السعودية والإمارات وقطر.

وأوضح «غباشي»، لـ«النبأ»، أن السياسة فن الممكن، وبالتالي إذا كانت مصلحة مصر في المصالحة مع تركيا فليكن ذلك، مشيرا إلى أن العرب يجلسون مع الإسرائيليين ويبرمون اتفاقيات السلام معهم، وبالتالي ليس عيبا أن يتم التصالح بين دولتين مسلمتين، لافتا إلى أن الرئيس التركي تربطه علاقات قوية مع إيران ودول الخليج وبعض الدول العربية وفي طريقه إلى فتح حوار مع النظام السوري.

 ولفت، إلى أن كل الدول تعاني من مشاكل اقتصادية وليس تركيا فقط، ولم يستبعد «غباشي» حدوث زيارات متبادلة بين الرئيسين الفترة القادمة، متوقعا أن يفتح هذا اللقاء العابر أفاق لتطوير العلاقات بين البلدين، مؤكدا أنه من مصلحة الطرفين أن تكون العلاقات بينهما طيبة، مشيرا إلى أن تركيا دولة إقليمية كبيرة ومهمة، ومصر دولة عربية قائدة ومحورية، موضحا أنه من المطالبين بإعادة صياغة علاقة العالم العربي بتركيا وإ‘يران باعتبارهما دولتين إقليميتين كبيرتان ولهما وزنهما في المنطقة،.

وأكد، على أنه من مصلحة العالم العربي أن يكون له علاقات طيبة بالطرفين، لافتا إلى أن تركيا ومصر دولتان إسلاميتان لهما وزنهما ومن مصلحة العالم العربي والإسلامي أن يكون بينهما علاقات طيبة، ومن مصلحة العالم العربي أن يكون له علاقات متوازنة مع إيران وتركيا، وليس من مصلحة العالم العربي أن يكون هناك عداء معهما، مشيرا إلى أن هناك قوى أخرى تستفيد من الخلافات بين الدول العربية وإيران وتركيا، موضحا أن هناك الكثير من الدول في المنطقة وخارجها استفادت من الخلاف الذي حدث بين قطر وبعض الدول العربية.

أردوغان لا يعرف ماذا يريد ويطمح في إعادة الأمبراطورية العثمانية وما زال يحتضم الإخوان ويجلب الإرهابيين على حدود مصر

ويقول السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر الرسمية لم تقطع علاقتها مع تركيا باعتبار أنها دول صديقة، مشيرا إلى أن أردوغان رجل لا يعرف ماذا يريد، فهو ذهب لضم ليبيا على اعتبار أنها جزء من الإمبراطورية العثمانية، ويسعى للسيطرة على غاز شرق المتوسط، ويحارب اليونان، ويتحالف مع الإخوان، ويرفع شعار رابعة، ثم يعود ويعتذر ويرسل وزير خارجيته لكي يتفاوض مع مصر.

وأكد «بيومي»، لـ«النبأ»، على أن الرئيس التركي يطمح لإعادة الإمبراطورية العثمانية، منوها بأن شركائه في حلف شمال الأطلسي لا يوافقون على ما يفعله، لافتا إلى أن احتضان أردوغان للإخوان ونقله الإرهابيين على حدود مصر من أجل زعزعة الاستقرار في مصر وليبيا أمر غير مقبول، معبرا عن تفائله الحذر من هذا اللقاء بين الرئيسين في قطر، مؤكدا على أن الرئيس التركي لم يفعل ذلك عن رغبة ولكن بسبب ضغوط يتعرض لها من المعارضة في الداخل التي تضغط من أجل إعادة العلاقات مع مصر، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي يتصافح فيه أردوغان مع الرئيس يقوم الطيران التركي بضرب سوريا والعراق ودولا عربية أخرى، لافتا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وضع خط أحمر لتركيا في ليبيا ولا يستطيع أردوغان أن يتجاوزه أو يقترب منه.