على الهواري يكتب: هل يسقط نظام «ولاية الفقيه» في إيران؟
يتوقع الكثير من الخبراء والمحللون ومراكز الأبحاث والدراسات على أن الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من شهرين في إيران سوف تفضي في نهاية المطاف إلى سقوط نظام الجمهورية الإسلامية، أو نظام الملالي.
فيما استبعد آخرون هذا السيناريو، مؤكدين أنه لا يمكن الحديث عن انهيار نظام ولاية الفقيه، لأن الدولة بمؤسساتها السياسية، الاقتصادية والأمنية قوية ومتماسكة، وتفرض من خلال سلطتها القمعية العنفية المسار الذي تريده، كما أن المجتمع الدولي لا يُساند الداخل الإيراني لإسقاط النظام، ولا نيّة لديه في هذا الإطار، واقتصر موقفه منذ بداية الانتفاضة على وجوب تعزيز الحريات، وليس إسقاط النظام الذي يحاول عقد الاتفاق النووي معه.
وحسب خبراء، فإن انهيار النظام الإيراني لن ينعكس على الداخل الإيراني فحسب، بل ستطال التداعيات الإقليم بأكمله،لا سيما العواصم الأربع التي تُسيطر عليها طهران بشكل مُحكم وتقرّر مصيرها وهي، لبنان والعراق وسوريا واليمن.
إسقاط النظام الإيراني سيساهم في إزالة التوترات في المنطقة ويسهل جهود الولايات المتحدة لإنشاء كتلة مؤيدة لها في الخليج والشرق الأوسط الكبير
في شهر يونيو 2021، دعا معهد الدفاع عن الديمقراطية الأمريكي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى العمل على إسقاط النظام الإيراني في الداخل عبر دعم توفير الوصول إلى الإنترنت وإنشاء صندوق لدعم إضراب للعمال، وصندوق آخر لدعم المنشقين، للضغط على مسؤولي النظام من أجل التنحي، محذرا من أن المفاوضات حول الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية في فيينا تطيل عمر نظام طهران الذي بات تواجده يمثل تحديات خطيرة في المنطقة.
وأضاف التقرير، أن مجرد النطق بكلمات "تغيير النظام" يدق ناقوس الخطر في الولايات المتحدة. ومع ذلك، كما يتصور الكثير من الإيرانيين، فإن انهيار الجمهورية الإسلامية لن يكون بقيادة واشنطن ولن يتطلب تدخلًا عسكريًا أميركيًا. الشعب الإيراني سيقود سقوط الجمهورية الإسلامية. وبالتالي، فإن توقعهم من الولايات المتحدة هو ألا تنقذ الديكتاتورية من الانهيار، لكن بالنسبة للعديد من الإيرانيين، هذا هو بالضبط ما يفعله بايدن.
وذكر التقرير أن عمل الولايات المتحدة كحليف مع الشعب الإيراني من شأنه أن يوفر لأمريكا فرصًا لمواجهة تهديدات مهمة.
أبرز هذه التهديدات هي الملف النووي، وعلى الرغم من المحاولات التي قام بها المفاوضون في فيينا، فإنه لن يمكن كبح التهديد النووي الإيراني، كما قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان. وجادل الكثيرون بأن الفتوى غير المنشورة، التي أصدرها المرشد الإيراني علي خامنئي، والتي تحظر إنتاج الأسلحة النووية تظل ضمانة لأن إيران لن تصنع قنبلة أبدًا، إلا أنه وحتى بعد أن أعلنت إدارة بايدن عن نيتها رفع العقوبات والانضمام إلى الاتفاق النووي، قال وزير مخابرات النظام إن إيران قد تسعى مع ذلك للحصول على قنبلة ذرية.
وفي ملف الإرهاب، لا تزال إيران الدولة الأولى في العالم الراعية للإرهاب، وتدعم طهران الجماعات الإرهابية الشيعية والسنية الرائدة مثل القاعدة من خلال توفير الملجأ لقيادتها العليا، وتعمل طهران بمثابة "الشريان الرئيسي للأموال والموظفين والاتصالات" للمنظمة الإرهابية. وستؤدي نهاية النظام في إيران إلى إضعاف الراديكاليين، خاصة المقاتلين الشيعة في جميع أنحاء العالم، من خلال حرمانهم من مصدر رئيسي للتمويل والإلهام.
وأيضا ذكر تقرير المعهد أن إسقاط نظام إيران سيوجه ضربة قاضية لبرنامج إيران للصواريخ الباليستية.
وأشار المعهد الأمريكي إلى أن وجود إيران دون الجمهورية الإسلامية لن يحد فقط من الأعمال العدائية مع الغرب، بل سيوفر أيضًا فرصا اقتصادية وسياسية مهمة للولايات المتحدة، خاصة أن إيران هي واحدة من الأسواق الوحيدة المتبقية في العالم غير المستغلة حقًا. كما تمثل إيران الحرة فرصة لإحلال السلام الدائم في المنطقة. وإلى ذلك، فإن تواجد إيران دون عداء تجاه حلفاء أمريكا الإقليميين، سيتيح لواشنطن تمكين هؤلاء الحلفاء من تنسيق الأمن الإقليمي بشكل أكثر فعالية.
وسيساهم إسقاط النظام الإيراني في إزالة التوترات في المنطقة، والتركيز على التحدي الأمني الأكثر أهمية: الصين، خاصة مع توسع بكين في الخليج العربي. ويعد الشرق الأوسط والخليج أمرًا بالغ الأهمية للمصالح الأمريكية، لأنهما في قلب محور أسواق الطاقة العالمية.
إن إزاحة الجمهورية الإسلامية ستعقد أيضا جهود موسكو وبكين لتوسيع نفوذهما في المنطقة، وتسهل جهود الولايات المتحدة لإنشاء كتلة مؤيدة لها في الخليج والشرق الأوسط الكبير لدعم موقعها في منافسة القوى العظمى.
واختتم التقرير: "إسقاط الجمهورية الإسلامية لا يعني دفع الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط أو تكبد المزيد من الدماء والأموال، بل يمكن القيام بذلك من خلال الحفاظ على العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية ومسؤوليها، وتنفيذ سياسة أقصى قدر من الدعم للشعب الإيراني، وضمان انتقال مستقر وبدون دماء".
إن التغيير في إيران سيزيل أحد أهم التهديدات لأمريكا وحلفائها، ويوفر فرصًا للنمو الاقتصادي ولإعادة التوازن إلى التدخل الأمريكي في العالم. ويتسق في النهاية مع تعزيز المصالح الحيوية لأمريكا.
النظام الإسلامي لن يسقط أبدا وما يحدث في إيران مؤامرة صليبية هدفها تدمير الإسلام
استبعد الشيخ أحمد صبح، زعيم المنشقين عن الجماعة الإسلامية، سقوط النظام الإيراني، ذاكرا قول الله تعالى « وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا»، مؤكدا على أن ما يحدث في إيران يتم بأيادي صليبية من أجل كسر الجمهورية الإسلامية، ولكن هذا لن يحدث، ولن يكون هناك فوضى خلاقة في إيران، مشيرا إلى أن نظام الجمهورية الإسلامية متجزر منذ عام 1979، ولو استطاعو أن يسقطوه لفعلوا ذلك منذ الحرب العراقية الإيرانية، ولكن ذهب صدام حسين وبقى النظام في إيران، ذاكرا قول الرسول صلى الله عليه وسلم « لو كان الإيمان معلقا في الثريا لتناوله رجال من فارس»، مشيرا إلى أن هذا الحديث ذكرة الإمام البخاري، في تفسيره لقول الله تعالى « وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ».
وأضاف«صبح»، أن إيران لم ولن تبيع عقيدتها لليهود والصليبيين، ذاكرا قول الله تعالى: « وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ»، مشيرا إلى أن «ناس من الصحابة سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله؛ من هؤلاء الذين ذكر الله إن تولينا استبدلوا بنا ثم لم يكونوا أمثالنا؟ قال: - وكان سلمان بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم-: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ سلمان، قال: هذا وأصحابه. والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطًا بالثريا لتناوله رجال من فارس»، موضحا أن إيران لو أعطت للولايات المتحدة الأمريكية ما تريد لكانت هي قائد العالم الإسلامي الأن، ولكن الجمهورية الإسلامية رفضت أن تكون تابعة، مشيرا إلى أن الإعلام الغربي يصور النظام في إيران على غير الحقيقة أنه يقتل المتظاهرين، مؤكدا على أن إيران لو استطاعت أن تطفئ هذه المظاهرات لفعلت ذلك في يوم وليلة.
وعن المستفيد من سقوط النظام في إيران، أكد «صبح»، على أن المستفيد الأول من سقوط النظام في إيران هي إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدا على أن الصليبية الحاقدة تريد أن تدمر الإسلام، لكن الله سبحانه وتعالى سينصر الإسلام ويعز المسلمين، لافتا إلى أن النظام الإيراني لا ينشر الإرهاب والكراهية كما يزعم البعض، لافتا إلى أن أمريكا والغرب يقولون أن إسرائيل هي داعية السلام وأن الشعب الفلسطيني المغتصبة أرضه هو الإرهابي، مؤكدا على أن إيران دولة مسلمة تساعد المستضعفين، وهي الرسالة التي قامت عليها الجمهورية الإسلامية.
وأكد زعيم المنشقين عن الجماعة الإسلامية، أن إيران لا تسعى لنشر المذهب الشيعي في المنطقة، مشيرا إلى أنه قام زيارة إيران أكثر من مرة والتقى بالكثير من القادة والمسئولين والزعماء، سواء القيادات الروحية أو التنفيذية، ولم يطلب منه أحد الدخول في المذهب الشيعي، مؤكدا على أن الغرب يريد من ترديد هذه المزاعم نشر الطائفية بين المسلمين وأن يقتل الناس بعضهم بعضا، هم يريدون قتل الناس بالفتن الطائفية، مشيرا إلى أن أمريكا والغرب يريدون نشر الحرية والديمقراطية التي تحقق مصالحهم، مشددا على أن النظام الإيراني لن يسقط أبدا، ولو كانوا يستطيعون اسقاطه لفعلوا ذلك منذ سنوات، هم يريدون الضغط على النظام الإيراني من أجل تقديم تنازلات في الملف النووي، مؤكدا على أن النظام الإيراني لا يقتل المتظاهرين كما يزعمون ولكنه يدافع عن ممتلكات الشعب من المخربين والعملاء والغوغاء الذين يسعون لتدمير البلد ونشر الفوضى، مشيرا إلى أن قتل الناس والشرطة ونهب الممتلكات ليس ثورة ولا احتجاجات، بل هو منكر يجب إزالته، مؤكدا على أن النظام الإيراني ليس نظاما أيديولوجيا أو طائفيا كما يزعم البعض، مشيرا إلى أن أحزاب اليمين المتطرف وصلت للحكم في إيطاليا وفرنسا، منوها أن كل شعب حر في اختيار النظام الذي يريدونه، مؤكدا على أن الشيعة مسلمون يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الأخر وبالقدر خيره وشره.
سقوط النظام الإيراني سيعني تفكك إيران والاحتجاجات الحالية قادرة على المضي قدمًا حتى الإطاحة بالنظام
يقول استاذ العلاقات الدولية خالد العزي، أن إسقاط النظام في إيران يحتاج إلى جهود دولية ترافق الانتفاضة الداخلية، وفي حال توافرت هذه النوايا عند الخارج وسقط النظام، فحينها سيشتد الحصار على أذرع إيران في المنطقة، التي ستصبح محرومة من التمويل الإيراني، فيضعف دورها، خصوصًا أنها تعاني الحصار أساسًا.
ويضيف، أن سقوط النظام الإيراني سيعني تفكك إيران، وقد يتطور الأمر إلى تقسيم البلاد، وذلك لأن الشعب الإيراني مركب، ويضم إلى جانب الفرس، أحواز يعود أصلهم إلى العرب، أكراد، وحتى ترك، مشيرا إلى أن التفكيك لن يقتصر على الداخل الإيراني فقط، بل سيشمل ذلك المحور الذي تقوده طهران في الإقليم.
الكاتب الإيراني المتخصص في الشؤون الإيراني الدكتور نبيل الحيدري، المقيم في لندن، يرى أنه "كان بإمكان النظام الإعلان عن تنازلات في بداية الاحتجاجات بتقديم المسؤولين عن وفاة مهسا أميني للعدالة وحل شرطة الأخلاق أو ربما إقالة حكومة (الرئيس إبراهيم) رئيسي وإعلان انتخابات مبكرة، لكن الآن فات الأوان لذلك بعدما توسعت دائرة الاحتجاجات وارتفع سقف المطالب إلى إسقاط النظام"، معتبرا أن "النظام يوجد في أضعف مراحله، ولا يمكنه تقديم أي إصلاحات كبيرة، خصوصًا أن القيادة تحضر لانتقال السلطة بسبب كبر سن المرشد الأعلى (علي خامنئي) وتدهور صحته"، مشيرًا إلى أن النظام قد يفضل القوة بدلًا من الإصلاح "لضمان انتقال السلطة وحماية نظام ولاية الفقيه".
وأوضح الحيدري، أن "النظام تخلى عن التيار الإصلاحي في الانتخابات الأخيرة وعوضهم بتيار إبراهيم رئيسي المتشدد بهدف ضمان استمرار النظام حال وفاة المرشد الأعلى"، معربًا عن اعتقاده بأن هذه الخطوة "كانت خطأ"، وقال: "في حال بقاء الإصلاحيين في السلطة، كان التعامل مع الاحتجاجات سيصبح أسهل".
وأكد الحيدري، أن الاحتجاجات الحالية دخلت بالفعل "مرحلة الثورة"، لافتًا إلى أنها قادرة على المضي قدمًا "حتى الإطاحة بالنظام".
أما أستاذ الدراسات الإيرانية في "الجامعة الأردنية" الدكتور نبيل العتوم، فيستبعد أن تؤدي الاحتجاجات الراهنة إلى إسقاط النظام "لأنه لا توجد إرادة دولية لتغيير النظام الإيراني"، على حد تقديره، معتبرًا أنَّ العقوبات التي فرضت حتى هذه اللحظة على طهران بسبب تعاطيها مع الاحتجاجات "ليست عقوبات جدية، وإنما عقوبات معنوية، وغير مجدية".
وأضاف، أنَّ "النظام الإيراني يستغل هذه العقوبات لممارسة المزيد من القمع ضد الشعب الإيراني لأنه لا يوجد هناك إجراءات عقابية حقيقية مثل تخفيض أو تصفير صادرات النفط الإيرانية، فالدول الغربية الآن تسمح لإيران بتصدير أكثر من مليون برميل يوميًا، وبالتالي، ستحصل طهران على نحو 38 مليار دولار هذا العام من عوائد تصدير النفط للخارج، وهذا يمثل شريانًا مهمًا وحيويًا للنظام".
غير أن أستاذ الدراسات الإيرانية في "الجامعة الأردنية" الدكتور نبيل العتوم لا يرى إمكانية انحسار المظاهرات من تلقاء نفسها أو احتوائها، لافتًا إلى أن الحراك الحالي يبدو ذا "نفس طويل".
واعتبر العتوم أنَّه توجد الآن ظروف موضوعية "تؤدي إلى زيادة وتيرة هذه الاحتجاجات، لأنها ليست على مقتل مهسا أميني بقدر ما هي استغلال لهذه الفرصة حتى يعبّر الرأي العام الإيراني عن غضبه من سياسات النظام".
وأضاف: "بالإضافة إلى الضغوط التي يعانيها الشعب الإيراني، فإن قرابة 25% من الإيرانيين يعانون ضغوطًا نفسية، بسبب سياسات النظام سواءً السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية". وقال العتوم: "لذلك، أعتقد أنَّ هذه التظاهرات ستستمر، وأنَّ الأمور مرشحة للتصعيد في أية لحظة".
ونشرت صحيفة «التليجراف» البريطانية، مقالا لمستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، تناول أزمة الاحتجاجات في إيران ومستقبل نظام حكم الملالي هناك، وتساءل الكاتب "هل آيات الله المستبدين في إيران على وشك السقوط؟"
ونصح بولتون، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الغرب بضرورة دعم الاحتجاجات، ونصح بولتون الغرب بضرورة دعم الاحتجاجات، وقال "عدة سنوات من القمع، يقاوم الإيرانيون. ولتحقيق النجاح، يجب على الغرب دعم نضالهم".
وشدد بولتون على أنه من الضروري الآن تقييم كيفية الإطاحة بنظام الملالي وما هو نوع الحكومة التي ستحل محله. القضية الرئيسية هي ما إذا كانت الاحتجاجات الواسعة النطاق اليوم لا تمثل فقط مجرد "معارضة" إيرانية جديدة، بل هي قوة حقيقية مضادة للثورة الإيرانية.
ويرى مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق أن احتجاجات الحجاب تمثل تحديات أيديولوجية مباشرة لشرعية النظام، ولهذا السبب فإن المخاطر كبيرة جدا، وهي أعلى بكثير مما كانت عليه الاحتجاجات السابقة مثل عام 2009 ضد الانتخابات المزورة.
إذا سقط نظام الجمهورية الإسلامية لن يبقى شيء من إيران ولا من الإسلام
دعا أنصار التيار الإصلاحي أو المحسوبون على هذا التيار بشكل صريح ومباشر إلى تغيير الدستور الإيراني لينسجم مع واقع إيران والظروف الجديدة التي طرأت على البلد والعالم، مؤكدين أن الدستور ما وضع ليكون أبديا.
وفي هذا الاتجاه، سارت صحيفة "آرمان امروز" التي عنونت أحد تقاريرها بالقول: "الدستور ليس قرآنا"، فيما صدرت صحيفة "اعتماد" صفحتها الأولى بعنوان: "تنفيذ القانون أم أحكام الشرع؟"، لتوضح ما إذا كانت الدولة هي المسؤولة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع أم إن ذلك من مهمة "المؤمنين" ومَن يعتقدون بالمعروف معروفا والمنكر منكرا.
كما نشرت الصحيفة مقالا للناشط السياسي عباس عبدي بعنوان: "ماذا الذي يجب فعله؟"، انتقد فيه أساليب النظام في التعامل مع أزمة الاحتجاجات وادعاء وسائل الإعلام التابعة للحكومة انتهاء الاحتجاجات ليتبين خلاف ذلك في اليوم التالي دون أن تملك الحكومة خطة واضحة للتعامل مع الأزمة.
فيما تطرقت صحف الأصوليين إلى السير على الخطى المعروفة سابقا والممثلة في اتهام الغرب والولايات المتحدة الأميركية بتدبير هذه "المؤامرة" التي تتعرض لها إيران، وعنونت صحيفة "جوان" التابعة للحرس الثوري بالقول: "أمير عبداللهيان:الفوضى والاضطرابات هي الخطة B الأمريكية"، فيما أشادت صحف أخرى من هذا التيار بالإنجازات الاقتصادية ونقلت كلام المساعد الاقتصادي لرئيس الجمهورية، محسن رضايي، الذي ادعى قبل أيام أن الوضع الاقتصادي في البلاد بدأ يتحسن يوما بعد يوم.
وفي تقرير لها تناولت صحيفة "رسالت" الأصولية الأزمة الحالية التي تمر بها إيران وانتقدت الاحتجاجات الرامية لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية لأن "سقوط هذا النظام سيكون سقوطا لإيران والإسلام"، حسب ادعائها.
وقالت الصحيفة في هذا السياق: "إذا سقط نظام الجمهورية الإسلامية لن نكون كالنرويج أو سويسرا ولا كألمانيا أو فرنسا. هنا منطقة الشرق الأوسط والمنطقة لها خصوصية وقواعدها الخاصة. إذا لم تكن هناك جمهورية إسلامية فلن يبقى من إيران شيء وستسقط الدولة في مرحلة من عدم الاستقرار والفوضى والضعف والتبعية للغرب".
وتضيف رسالت: "إذا سقط نظام الجمهورية الإسلامية لن يبقى شيء من إيران ولا من الإسلام. لن تبقى قوة ولا أخلاق. لن تبقى حضارة ولا استقلال ولا حرية".
وتطرقت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية في مقالها الافتتاحي إلى الأزمات المتصاعدة في إيران في السنوات الأخيرة وقالت إن إيران تواجه تحديات كثيرة في جميع مجالات السياسة داخليا وخارجيا وعلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، موضحة أن ما يربط بين جميع هذه الأزمات على مختلف أبعادها هو أن جميعها لا يتم البحث لها عن حلول من خلال الحوار العام وتبادل وجهات النظر.
واستشهدت الصحيفة بموضوع إرسال إيران طائرات مسيرة إلى روسيا كنموذج من هذا النوع من التحديات والمشاكل، فعلى صعيد الإعلام والشفافية لم يقدم أحد الإيضاحات الكاملة وبقيت القضية غامضة وغير معروفة التفاصيل.
وأضافت الصحيفة: "من الخطأ أن ننظر إلى مشاكلنا وأزماتنا من الخارج، أي يتم تغليب السياسة الخارجية على الداخلية وتنظم المشاكل والأزمات الداخلية وفق ما تحدده متطلبات السياسة الخارجية. الحل الأساسي يكمن في خلق إمكانية لمعالجة المشاكل عبر إخضاعها للرأي العام الإيراني، وحتى السياسة الخارجية أيضا يجب أن لا تستثنى من ذلك، فقبل كل شي يجب أن نغير ونصلح ما نعاني منه من تحديات على كافة الأصعدة والمجالات".