«ضربة معلم»..
تفاصيل المباحثات السرية بين مصر وتركيا قبل لقاء السيسي وأردوغان في قطر
انفراجة جديدة تشهدها العلاقات المصرية التركية خلال الفترة المقبلة، وخاصة بعد تصافح الرئيسين عبد الفتاح السيسي ونظيره رجب طيب أردوغان للمرة الأولى على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم في قطر، والتى أعقبها جلسة مباحثات مصغرة.
سياسة الرئيس السيسي فى التعامل مع الملفات الإقليمية، شهدت اتزانًا وحنكة وقوة خلال السنوات الماضية، دفعت «أردوغان» إلى التراجع عن هجومه المستمر على مصر والقيادة السياسية، والتطلع إلى عودة العلاقات مع مصر من جديد.
ويرى الرئيس التركي، أن استمراره فى الدفاع عن الإخوان والهجوم المستمر على مصر غير مجدٍ ولن يحقق منافع على إثره، وكذا سيتسبب له فى المزيد من الخسائر، ولا سيما وأن مصر قوة عظمى لا يستهان بها فى عهد الرئيس السيسي وتواجدها المستمر في كل الملفات الإقليمية.
بدوره، وصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لقاءه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، في قطر، بأنه خطوة أولى تم اتخاذها من أجل إطلاق مسار جديد بين البلدين.
تصريحات أردوغان تؤكد أن الفترة المقبلة ستشهد تضييقا أكثر على أذرع الإخوان المقيمين في أسطنبول، ما يوحي بسقوطهم ورفضهم من كل دول العالم حتى أبرز الداعمين لهم، في فترات ليست بالقصيرة.
شوط صعب من المفاوضات خاضتها تركيا مع مصر بعد تعقد العلاقات بين البلدين وتدهورها وتوقف «المباحثات الاستكشافية» منذ أكثر من عام، بسبب تعنت الجانب التركى في تنفيذ مطالب مصر بتسليم الإخوان المطلوبين وتوقف منابرهم الإعلامية فى أنقرة التى تواصل الهجوم على مصر ونشر الشائعات.
وعقد البلدان جولة من «المباحثات الاستكشافية» بين وفدين دبلوماسيين في مايو 2021، وتركزت النقاط الخلافية في ملف عناصر الإخوان المقيمين في تركيا والمطلوبين على ذمة محاكمات في القاهرة، والحملات الإعلامية ضد القاهرة عبر منصات تتخذ من تركيا مقرًا لها، وملف تواجد القوات التركية في ليبيا، إلى جانب عمليات التنقيب التركية شرق المتوسط.
وفي سبتمبر 2021 عقد الجانبان الجولة الثانية من المحادثات في أنقرة، اختتمت باتفاق البلدين على العمل لتطبيع العلاقات بينهما، وفي أبريل الماضي أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن بلاده ستقدم على خطوات بخصوص تطبيع العلاقات مع مصر، قبل أن يعود في يوليو ويقول إن تقدم العلاقات مع القاهرة يسير بشكل «بطيء نسبيًا».
وفي أغسطس الماضي، قال الرئيس التركي، إن أنقرة تحتاج للوصول إلى وفاق مع مصر في أسرع وقت ممكن.
وقال الكاتب والمحلل السياسي التركي، طه عودة أوغلو، إن هناك قناعة لدى صناع القرار ومستشاري أردوغان بضرورة العمل مع مصر، وطي صفحة الإخوان، لأن المصلحة تتقدم على المبادئ.
وتابع: «لاحظنا أن هناك مطالب مصرية فيما يتعلق بقنوات الإخوان وأعضاء الجماعة، وبالفعل تم اعتقال عدد كبير منهم وتضييق الخناق عليهم خلال الشهر الجاري».
بدوره قال الدكتور أحمد مصطفى، رئيس المركز الدولي للدراسات والعلوم، إن اللقاء بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في افتتاح كأس العالم بقطر، أكد بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة المصرية كبيرة، وأن القيادة السياسية تعمل دائمًا وفق سياسة خارجية أكثر اتزانًا.
وتابع: «فبالرغم من بعض الأمور التي أقدمت عليها تركيا سالفًا إلا أن مصر لم يكن ردها بالأقوال، وإنما كانت بالأفعال، لافتا إلى أن اللقاء من شأنه أن يفك حالة الجمود السياسي بين الدولتين الكبيرتين التي تسود منذ قرابة العشر سنوات تقريبا».
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أنه بالرغم من حالة الخلاف التي كانت سائدة في السابق، إلا أن ذلك لم يكن مؤثرا على العلاقات المصرية التركية تجاريا واقتصاديا، مؤكدا استمرارية العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وأنقرة رغم حالة الخلاف السياسي، والتي ربما تمثل ركيزة لعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين، مع التزام تركيا بعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية، وعدم إيواء عناصر مصرية متورطة في قضايا إرهاب على أراضيها.
ولفت رئيس المركز الدولي للدراسات، إلى أن هناك عددا من المؤشرات التي توضح أن مصر تسعى دائما لعلاقات مفتوحة مع كل الدول التي تلتزم بالمواثيق والقوانين الدولية وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى، فمصر استمرت في إدانة الأعمال الإرهابية على الأراضي التركية وأبرزها بيان الخارجية المصرية بشأن انفجارات ميدان تقسيم الأخيرة وغيرها من المواقف التي تدعم الاستقرار والأمن في المنطقة.
ولفت إلى أن لقاء الرئيسين يؤكد سقوط ورقة الإخوان وأنه أضحى أن تكون هناك بيئة مواتية للتفاوض، وخطوة لإطلاق مسار جديد بين البلدين وتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين.
من جانبه يقول اللواء سامح لطفي، مساعد رئيس حزب المؤتمر للعلاقات الخارجية، إن مصافحة الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان أكدت أن مصر قوية وعصية على أي عدو وأن الجميع يأتي صاغرا إليها، مشيرًا إلى أن العلاقات بين الدول تسير بمبدأ ليس بيني وبين أحد صداقة دائمة وليس بيني وبين أحد عداوة دائمة بل تعرف القوة والأهداف والرؤى المشتركة.
وأشار لطفي، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، إلى أن الأجهزة والدبلوماسية المصرية انتصروا على كافة أعدائهم وأرغموهم على العودة للعلاقات مع الدولة المصرية بشروطنا ورغباتنا، وهذا يرجع للرؤية والقيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي قائد مسيرة التنمية.