بعد مذبحة تويتر..
سر لجوء الشركات العالمية والمحلية إلى تسريح العمالة
بدأت شريحة من الشركات الكبرى العالمية والمحلية في خطة تسريح العمالة، مع اشتعال الأزمة الاقتصادية العالمية، هو الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا في العالم، ولا سيما داخل مصر الذي من المتوقع أن تتأثر بشكل مباشر خلال الأيام القليلة المقبلة.
وخلال الأيام الماضية، شهدت أغلب شركات العالمية والمحلية الكبرى موجة من تسريح الموظفين العاملين فيها، أبرزها شركة «أمازون»، بعد إعلانها عن تسريح حوالي 10 آلاف موظف يعملون في وظائف إدارية وتكنولوجية، وذلك عقب تحذيرها من تباطؤ النمو في موسم العطلات المزدحم عندما تحقق أعلى مبيعات، قائلة إن ارتفاع الأسعار حد من أموال المستهلكين والشركات، مما يقلص الإنفاق.
وتوقع عدد من الخبراء، أن تشمل خطة التسريح عددا من الموظفين في جميع أفرع الشركة على مستوى العالم والتى من بينهم مصر.
وجاءت بعدها شركة «فيسبوك»، لتعلن اعتزامها تسريح عدد من موظفيها الأيام القادمة، خاصة بعدما فقدت 70% من قيمة أسهمها خلال هذا العام، مما أجبر «فيسبوك» على إيقاف عمليات التوظيف فيها.
وتوقعت تقارير، أن عمليات تسريح الموظفين في فيسبوك، تطول آلاف الموظفين، حيث تسعى الشركة إلى إنهاء معاملتها مع 12 ألف موظف، وهم من ظهر لهم كشف إنتاج ضعيف خلال الأشهر السابقة، مع العلم أن عدد الموظفين في الشركة يبلغ فقط 87 ألفا.
فيما شهد موقع «تويتر» منذ أيام واقعة عرفت بـ«مذبحة الوظائف»، والتي طالت تسريح 50% من موظفي «تويتر» خلال الفترة السابقة.
وبرر إيلون ماسك، قرار تسريحه لموظفين «تويتر»، قائلًا: «فيما يتعلق بتخفيض قوة تويتر، للأسف لا يوجد خيار عندما تخسر الشركة أكثر من 4 ملايين دولار في اليوم».
وتابع: «منح كل من خرج من الخدمة 3 أشهر تعويضا، وهو ما يزيد بنسبة 50% عن المبلغ المطلوب قانونا».
وحذر الإعلامي عمرو أديب، المواطنين من اختفاء «تويتر»، بعد قرارات الرئيس الجديد للشركة إيلون ماسك، بمنع دخول الموظفين حتى يوم الاثنين المقبل، وتسريح نصف الموظفين.
وتساءل الإعلامي عمرو أديب: «هنعمل إيه لو بكرة مبقاش في تويتر؟، وأن بكرة لن يكون في هاشتاج أو في ناس مش هتعرف تشتم بعضها، بالإضافة إلى أن السفرات والمؤسسات ومصالح مجموعة كبيرة من الأشخاص مربوطة بتويتر».
وتابع عمرو أديب: «إيلون ماسك بيقفل ومعقول بيدفع 44 مليار دولار علشان يهدها ويمشي، إيلون ماسك سوف يمنع التغريدات السلبية».
ولم يكن تسريح العمالة على نطاق العالم، بل وصل إلى كبرى الشركات في مصر، هي شركة المصرية للاتصالات، حيث تقدم النائب هشام الجاهل، عضو مجلس النواب، ببيان عاجل، بشأن ممارسات الشركة المصرية للاتصالات ومخالفة توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بشأن الحماية الاجتماعية للعمال وتخفيف حدة الوضع الاقتصادى عليهم وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، بعد فصل الشركة 1218 عاملًا، تابعين لشركة «IBS» (توريد عمالة)، وتسريح أكثر من ألف عامل من شركة واحدة، وفصلهم تعسفيًا ودون سبب.
وقال عضو مجلس النواب: «للأسف صدر قرار من مجلس إدارة من الشركة المصرية للاتصالات بفصل 1218 عاملًا تابعين لشركة IBS، وهى شركة تابعة للشركة المصرية للاتصالات»، مؤكدًا أن تسريح أكثر من ألف عامل من شركة واحدة وفصلهم تعسفيًا دون سبب، بالمخالفة لتعليمات الرئيس السيسى، أمر لن يمر مرور الكرام.
وطالب «الجاهل» بتطبيق تكليفات الرئيس وحماية العامل المصرى من الفصل التعسفى وقطع الأرزاق والتسريح الجماعى بالمخالفة لتعليمات الرئيس، وتحميل العمال تبعات الأزمة الاقتصادية.
وبعد رفع الشركات العالمية والمحلية شعار «التسريح للاستمرار في التواجد السوق»، أصبح عدد كبير من العاملين في مصر تحت رحمة رجال الأعمال وأصحاب المصانع والشركات وهو الأمر الذي تسبب في طرح تساؤلات حول أسباب لجوء الشركات إلى لتسريح العمالة.
البقاء في السوق
وفي هذا السياق، قال هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، والرئيس السابق للجمعيتين المصرية والعربية للاستثمار المباشر، إن أسباب لجوء الشركات العالمية والمحلية إلى تسريح العمالة يرجع إلى الانكماش الاقتصادى الذى يمر به العالم الآن وهو يعني أن مجموع قيمة ما تنتجه شعوب العالم منخفضة عن العام السابق، هذا معناه انخفاض دخول المواطنين فى العالم كله، وبالتالى انخفاض الطلب على السلع والخدمات عن العام السابق.
وأضاف «توفيق» أن ذلك سيدفع المنتجين إلى خفض تكلفتهم للبقاء فى السوق، وهذا سيأتى فقط بالاستغناء عن بعض العمالة أو خفض مرتباتهم، أو الاثنان معًا، لافتا إلى أن خفض الدخول معناه مزيد من الانخفاض فى الطلب والاستهلاك، فمزيد من الركود والبطالة.
وتابع: «يزداد الأمر تعقيدًا عندما يصاحب ذلك تضخم فى الأسعار نتيجة توقف سلاسل الإمدادات نتيجة الحروب والأوبئة، فتتوقف المصانع أو تتباطأ، ويصاحب البطالة والانكماش الاقتصادى تضخمًا وارتفاعًا في أسعار السلع والخدمات، فالمزيد من البطالة والانكماش».
وحول الحلول، قال الخبير الاقتصادي، إنها تكمن في براعة واضعو السياسات النقدية والمالية، بحيث يعملون بمشرط الجراح للتوازن بين السياسات التوسعية لتحفيز الإنتاج والتشغيل من جهة، والسياسات الانكماشية من جهة أخرى لمحاربة التضخم والغلاء، مع أهمية تدبير حزم تمويلية خاصة لكل من محدودى الدخل والمصانع كثيفة التشغيل للعمالة، الأمر الذى يزيد الضغط على موازنة الدولة.
ضغط على الحكومة
ومن ناحيته، قال شعبان خليفة، رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، إن جميع الشركات في مصر تلجأ إلى تسريح العمالة، للهروب من تطبيق الحد الأدني للأجور والالتزامات التي أقرتها الدولة للعاملين بالقطاع الخاص.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه يوميًا بيتقدم إلى مكاتب العمل، بين 2 إلى 10 عمال مفصولين فصلا تعسفيا من الشركات المصرية، لافتا إلى أن هناك العشرات من المواطنين يعانوا من البطالة بسبب القطاع الخاص.
وأشار «خليفة»، إلى أن معظم الشركات تستخدم العمالة وتسريحها أو خفض مرتباتها للضغط على الحكومة بالرغم من أن معظم هذه الشركات تربح ولا تتحمل أي خسارة بالرغم من الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وأوضح، أن العاملين بالشركات القطاع الخاص لن يتحملوا ما يحدث من فصل وتسريح وخفض مرتبات، وعدم التميز في تطبيق الحد الأدنى للأجور والعلاوة الاستثنائية، قائلًا: «كفاية عليهم التحمل لمدة 8 سنين، فمنذ 2014 لم يتم تطبيق الحد الأدنى في معظم شركات القطاع الخاص بالرغم من توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي».
وأكد رئيس النقابة العامة للعاملين في القطاع الخاص، أن هناك 3 ملايين و762 ألف منشأة قطاع خاص يستحوذون على ما يقرب من 80% من الاقتصاد الوطني، ويعمل بها أكثر من 24 مليون عامل لم يطبق على معظمهم الحد الأدنى للأجور.
وطالب «خليفة»، بتدخل الحكومة لحل أزمة العاملين بالقطاع الخاص وتطبيق الحد الأدنى للأجور، إعمالًا بالمادة 53 من الدستور المصري التي نصت على عدم التمييز بين المواطنين، مشددًا على أهمية تحقيق التوازن بين حصول العمال على أجر مناسب يراعي الظروف الاقتصادية الصعبة.