رئيس التحرير
خالد مهران

كواليس انتشار المضادات الحيوية المميتة في الأسواق

كواليس انتشار المضادات
كواليس انتشار المضادات الحيوية المميتة في الأسواق

انتشرت خلال الفترة الماضية، موجة تحذيرات قوية من بعض المضادات الحيوية المغشوشة، خاصة بعد رصد حالات وفاة مؤخرًا لعدد من الأطفال الذين لفظوا أنفاسهم بعد إعطائهم حقن مضادات حيوية.

ففي أكتوبر الماضي، شهدت محافظة الإسكندرية، وتحديدًا منطقة مينا البصل، واقعة مؤسفة، حيث توفيت طفلتين شقيقتين إثر إعطائهما مضادا حيويا دون إجراء اختبار لهما قبل الحقن داخل صيدلية بمنطقة بشائر الخير 3.

وفي الأسبوع الماضي، تلقت مديرية أمن الجيزة بلاغا يفيد بوفاة طفل ويدعى «كريم»، وكشفت تحريات رجال المباحث، أن الطفل كان يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، وتناول حقنة مضاد حيوي، أسفر عن إصابته بحالة إعياء، أدى إلى وفاته.

ووجه بعض الصيادلة، على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لمقاطعة ومنع إعطاء تلك المضادات التي حملت أسماء تجارية معروفة، خاصة بعد ظهور أدوية مغشوشة منها في الأسواق، مشيرين إلى أنها تسببت في وفاة حوالي 11 طفلًا خلال الفترة الماضية.

على الجانب الآخر، يرى البعض أن تلك الوفيات تعود إلى عدم إجراء اختبارات حساسية قبل إعطاء حقنة المضاد الحيوي، إلا أن من بين الوفيات أطفالًا خضعوا لاختبارات الحساسية، وهو ما يضعف هذا الاحتمال.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، منشورًا لأحد الأطباء، ينص على عدم إعطاء بعض مضادات الحيوية، والتي جاءت تحت أسماء «يونيكتام، بنسلين طويل المفعول، زوركسون، سيفاراكسون».

وفي هذا السياق، قال محمود فؤاد، مدير مركز الحق في الدواء، إنه خلال الأيام الماضية حدثت هجمة على سوق الدواء نتيجة عدم سيطرة هيئة الدواء على كل المحافظات، وعدم عمل الإدارات الصحية وخاصة التفتيش الصيدلي، وذلك بعد انتقال نظام المراقبة لهيئة الدواء، مما أعطى فرصة لضعاف النفوس للغش، خاصة أن هيئة الدواء لم تبسط نفوذها في المحافظات، لأن عدد مقراتها حتى الآن لم يتجاوز الـ11 مقرًا.

وأضاف في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن الأزمة الاخرى تتعلق بقدرة توفير الماكينات المستخدمة في تصنيع الدواء، رغم أنها تخضع لترقيم وحظر للبيع إلا بمواصفات معينة تضمن تفكيكها وتجزئتها، مشيرًا إلى أن وزارة الداخلية اكتشفت مصنعا كبيرا في القليوبية للأدوية المغشوشة كانت أغلبها مضادات حيوية، بالإضافة إلى آخر في كفر الزيات.

وتابع: «الجيد في الأمر، أن هناك 15 ألف صنف مسجلون رسميًا في السوق المصري، ونسبة الأدوية المغشوشة لا تتجاوز الـ1% ولكن الأزمة تكمن في أن هذا الرقم الضئيل ينحصر في أدوية المضاد الحيوي، الأكثر مبيعًا وتناولًا، لافتًا إلى أنه حتى الآن توفي بسببه 10 أطفال.

وأشار مدير مركز الحق الدواء إلى أن هناك أزمة تتعلق بانتشار ظاهرة أدوية الانترنت، وتعدد مصادر الأدوية منها التطبيقات الإلكترونية الذين وصل عددهم لـ16 تطبيقًا، وتم بيعها دون معرفة لظروف تخزينها ومدى أمانها، لافتًا إلى أن هذه الأدوية يمكن معرفتها من خلال المادة الفعالة «سيفوكتام»، والتي تضم 14 صنفًا بأسماء تجارية.

وأوضح أن هذه المادة هي السبب وراء الوفيات الأخيرة، وتشكل ازعاجًا منذ فترة طويلة، مضيفا بعض الخبراء من قالوا إنه من الممكن أن تكون شوائب تسببت في تلك الكارثة، وآخرون أشاروا إلى عيوب في التصنيع والبعض قالوا حساسية.

واستطرد «فؤاد»، أن هناك أزمة تتعلق بفكرة تنفيذ القرارات على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن الهيئة الدواء أصدرت منشور رسمي بالتحذير من حقن “ينوكتام” وعلى الرغم من ذلك كان يتم بيعها في الصيدليات، متابعًا: «القرارات بتكون على ورق دون الواقع».

وتابع: «نحن بحاجة لسيطرة أكبر، بالإضافة إلى تغليظ العقوبات الخاصة بالغش في الدواء، وتعديل القانون 127 لسنة 59، خوفا على الصحة وأرواح المواطنين والاستثمارات».

بدوره، قال أحمد فاروق، عضو مجلس نقابة الصيادلة، إن الازمة سببها عدم وجود عقوبات مغلظة من قبل الدولة، لحساب المخطئين؛ مما ترتب عليه حدوث تلك الوفيات، متسائلا عن دور هيئة الدواء في التصدي لهذه الكارثة.

وأضاف لـ«النبأ» أن أزمة الأدوية المغشوشة تخص شركتين بالسوق، ولم يتم اتخاذ أي إجراءات متابعا هناك حالات موثقة للوفاة جميعها جاءت بسبب أدوية مضادات حيوية.

وتابع: «تقدمت بتطبيق منذ سنوات لحل هذه الإشكالية تقوم على التتبع الدوائي لكل عقار، ولكنه لم تتم الاستجابة لأي منها».

ولفت إلى أن الصيدلي ليس من دوره إعطاء الحقن في الصيدليات حسب قانون مزاولة المهنة، متابعًا: «هو الصيدلي محتاج دورة حتى يعطي حقنة بعد دراسة 6 سنوات، هو مافيش حيطة مايلة في مصر إلا الصيدليات».

وأشار إلى أننا إذا كنا نعطي الحقن فهى خدمة نؤديها لسد العجز، لا يكون ردها بتحويل صيدلانية لمحكمة الجنايات بتهمة القتل العمد.

وتابع، أن ظاهرة الأدوية المغشوشة مسألة خطيرة تمس الأمن القومي الدوائي وتؤثر على سمعة مصر يجب التصدي لها بكل حزم وقوة.