احتضن قبر والدته.. قصة الإفراج عن أقدم أسير فلسطيني
بعد أن قضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 40 عاما، أفرجت إسرائيل عن كريم يونس، الملقب بعميد الأسرى الفلسطينيين وأقدم أسير في العالم.
واعتقل كريم يونس، وهو عضو في اللجنة المركزية لحركة «فتح»، عام 1983، وكان عمره حينذاك 25 عاما، حيث ولد في 23 نوفمبر 1958، في بلدة عارة في أراضي 1948، وهو الابن الأكبر لعائلته
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اتهمت كريم يونس باختطاف وقتل الجندي الإسرائيلي أفراهام برومبرج عام 1983 في هضبة الجولان.
في الرابع من يناير عام 1983 اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي يونس من داخل حرم جامعة «بن غوريون» في بئر السبع حيث كان يكمل تعليمه طالبًا في السنة الثالثة بكلية الهندسة الميكانيكية.
وبعد 27 جلسة محاكمة على مدار سنة كاملة، اصدرت المحكمة الإسرائيلية قرارًا بإعدام كريم شنقًا بالحبل بتهمة قتل جندي إسرائيلي، وبعد استئنافات عديدة قررت المحكمة إصدار حكمًا بالسجن المؤبد المفتوح، الذي حدد فيما بعد بـ40 عاما.
خلال وجوده في السجن درس كريم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة الدولية المفتوحة، كتب ونشر العديد من المقالات السياسية والثقافية، وأصدر كتابان الأول بعنوان«الواقع الآخر للأحزاب الاسرائيلية»، تحدث من خلاله عن جميع الأحزاب السياسية الاسرائيلية وفضح سياسية تلك الأحزاب، والكتاب الثاني كان بعنوان «الصراع الأيديولوجي والتسوية».
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، فإن يونس قضى أطول عقوبة سجن متصلة لأي فلسطيني.
وبعد الإفراج عنه، حظي يونس باستقبال حاشد في مسقط رأسه قرية عارة، حيث قال: «كان لدي استعداد أن أقدم 40 عاما أخرى من عمري فداء لشعبي، وكل الأسرى كان لديهم، القوة والعطاء بأن يقدموا 40 و50 عاما من أجل حرية شعبهم».
وفي تصريحات للصحافة قال من أمام قبر والدته الذي احتضنه باكيا بشدة: "والدتي كانت سفيرة لكل أسرى الحرية، وتحملت فوق طاقتها لكنها اختارت أن تراني من السماء بعد انتظار طويل".
وحول الرسائل التي حملها الأسرى له قال: الرسالة الأولى هي حب وعرفان لشعبنا الفلسطيني في كل مكان، على صموده وصبره على كل ما يواجهه من إجراءات الاحتلال"، والرسالة الثانية حسبما قال، هي رسالة الوحدة، فهم يدركون جيدا أن الوحدة هي قانون الانتصار.
وقال يونس إن «الأسرى يحملون الكثير من التساؤلات والرسائل، أنا تركت خلفي الكثير من الأسرى وقلبي معهم، هناك أسرى يحلمون الموت على أكتافهم».
وفي شهر مايو الماضي، توفيت والدته، الحاجة صبحية يونس «أم كريم»عن عمر ناهز 90 عامًا، بعد أن انتظرته 40 عاما.
وكانت والدة الأسير كريم يونس، تحتفظ بمكانه على طاولة الإفطار كل عام، حيث ظهرت في فيديو سابق وهي تقول "مكانك محفوظ يما وإن شاء الله رمضان الجاي تكون معنا".
في سياق منفصل، تقدم وزير داخلية الاحتلال الجديد أرييه درعي، بطلب مستعجل لـ”المستشارة القضائية” لسحب “الجنسية الإسرائيلية” من الأسيرين كريم وماهر يونس، قبيل أيام قليلة من الإفراج عنهما، بعد قضائهما 40 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ودعا وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي إلى تجريد يونس من جنسيته الإسرائيلية.
وكتب درعي في رسالة إلى المدعي العام الإسرائيلي "سحب جنسيته سيرسل رسالة مهمة عندما نتحدث عن شخص أصبح رمزا لارتكاب أعمال إرهابية إجرامية".
وقال ابن شقيق أفراهام برومبرج، والذي سمي أفراهام أيضا على اسم عمه، لموقع "والا" الإخباري الإسرائيلي: "الجنسية الإسرائيلية امتياز. لا يمكن للمواطن الإسرائيلي أن يحمل بطاقة هوية إسرائيلية بإحدى يديه ويقتل بالأخرى جنديا".
لكن رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، قال أن طلب المتطرف «درعي» بسحب الجنسية من الأسيرين، «تعبير صارخ عن مستوى التطرف والفاشية غير المسبوق لحكومة الاحتلال، والتي يحاول أطرافها التسابق لإيجاد مسارات جديدة للتنكيل بالفلسطينيين».
وتابع فارس، في تصريحات صحفية، من الواضح أنّ المتطرف “درعي، تقدم بهذا الطلب، استجابة لطلب جميعات متطرفة، وهو يدرك تمامًا أن هذا الطلب غير قانوني”.
ولفت إلى أنّ تصاعد الحديث عن التهديدات بسحب “الجنسية”، “مؤشر خطير على ما ستحمله المرحلة القادمة، من محاولات تهجير تطال الفلسطينيين”.
واعتبر هذا الطلب جزءًا من دائرة أكبر وأوسع من الأهداف لمحاربة الوجود الفلسطيني، مبينًا أن الاحتلال لم يكتف باعتقال كريم وماهر 40 عامًا، بل يريد أن يمعن في عملية الانتقام بطرق مختلفة، في سبيل إرضاء شهوة المتطرفين اليوم ليس إلا.
ووفقا للمنظمات الحقوقية، يقبع في سجون الاحتلال أكثر من 40 ألف أسير فلسطيني.