بعد قرار الوزارة بمراجعتها..
اشتعال حرب أولياء الأمور والتربويين بسبب الحذف من المناهج الدراسية
- متحدث التعليم: تقديم موعد امتحانات التيرم الثاني خطوة لعودة الأمور إلى نصابها
- أُم: منهج رابعة ابتدائي صعب جدًا ونطالب بحذف الدروس الصعبة بالكامل
- أستاذ تربية: أولياء الأمور العنصر الأكثر تأثيرًا بالعملية التربوية ومطالبهم نابعة من مصالح ذاتية
- أستاذ علم نفس تربوي: الوحدات أو الدروس الأخيرة أساس لمناهج لاحقة فى السنوات الدراسية التالية
- تربوى: حذف بعض المقررات يؤثر بالسلب على الطلاب ويصعب فهم واستيعاب المناهج الجديدة
- أستاذ تربية: تخفيف المناهج الحل الأمثل للخروج من الأزمة
- خبيرة تربوية: أولياء الأمور عايزين أولادهم يقعدوا في البيت وياخدوا ورقة ناجح بامتياز
- «عبدالرؤوف»: نفتقد ثقافة أهمية التعليم وتحل محلها أهمية الشهادات والدرجات
- أستاذة فلسفة تربية: الحديث عن أن شهر مايو للمراجعات أمر غير منطقى
سِجَال قائم بين أولياء الأمور والمختصين التربويين بعد قرار وزارة التربية والتعليم تقديم موعد امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2023، أكثر من شهر، الذي دفع أولياء الأمور إلى المطالبة بحذف مناهج شهر مايو تخفيفًا على أبنائهم، لاسيَّما أن خطة توزيع المناهج وُضعت على أساس عقد امتحانات التيرم الثاني، 3 يونيو كما العام الماضي.
مطالب أولياء الأمور لاقت اعتراضا من التربويين، لما للحذف من تأثير سلبي بخلاف التخفيف، لاسيَّما بعد استجابة وزير التعليم لهم، وتكليف الإدارة المركزية للمناهج بالوزارة بمراجعة مناهج الفصل الدراسي الثاني للتأكد من عدم توزيع الدروس خلال شهر مايو، فلماذا غضب التربويين من فكرة حذف بعض المناهج؟ وماذا عن تأثيره السلبي على الطُلاب؟ وما الفرق بين الحذف والتخفيف من الناحية التربوية؟
قرار وزاري
في 14 ديسمبر الماضي كلَّف وزير التربية والتعليم، الدكتور رضا حجازي، الإدارة المركزية للمناهج بالوزارة، بمراجعة مناهج الفصل الدراسي الثاني للتأكد من عدم توزيع الدروس خلال شهر مايو.
امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب صفوف النقل، ستتضمن المناهج التي تم توزيعها من بداية الفصل الثاني وحتى نهاية شهر أبريل المُقبل، حسب المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم، شادي زلطة، 14 ديسمبر الجاري.
قرار الوزير جاء بعد مطالب أولياء الأمور بضرورة حذف الدروس المُقررة خلال شهر مايو، بالتزامن مع قرار تقديم موعد امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2023، وعقدها بتاريخ 6 مايو المُقبل بدلًا من 3 يونيو، وفقًا لما أعلنت الوزارة 13 ديسمبر الجاري.
مطالب بالحذف
ما يريده أولياء الأمور أن يتم حذف الدروس المُقررة بشهر مايو، وعدم الاكتفاء بحذف بعض الجزئيات الثانوية في المنهج، وفقًا لكمال حامد، ولي أمر: «يا ريت يتحذف من المناهج الدروس المُقررة في شهر مايو، مش يتحذف حاجات ما لهاش لازمة، احنا بجد مضغوطين احنا وعيالنا حرام دول أطفال».
بينما ترى منار محمود ولية أمر أحد الطلاب، أن منهج سنة رابعة ابتدائي صعب جدًا على الطلاب، معقبة: «ياريت يتم حذف الدروس الصعبة بالكامل، خصوصًا منهج الحساب».
وتتساءل منى محمد، ولية أمر، عن سبب التأجيل، مستنكرة عشوائية القرارات -حسب وصفها- متابعة: «وإيه السبب يعني لتقديم الامتحانات، مافيش تخطيط للقرارات ليه!».
وتشكو آيات عبده، ولية أمر، من طول وتكدس المناهج وضيق الوقت في الوضع الطبيعي، فماذا عن الوضع بعد تقديم موعد الامتحانات، «حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا ملحقين نخلص باقي المنهج ولا ملحقين نراجع».
ورد شادي زلطة، المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم، قائلًا إن تقديم موعد الامتحانات خطوة لعودة الأمور إلى نصابها، بعقدها في مواعيدها المُعتادة بالسنوات السابقة، وبهذا مزاعم تعديل موعد امتحانات الفصل الدراسي الثاني، باطلة، خصوصًا أن عقدها في شهر يونيو العام الماضي، كان قرارًا استثنائيًا لتحديد شكل امتحانات الثانوية العامة.
التربويون يرون أن التخفيف من خلال حذف بعض المعلومات التي سبق دراستها والمعلومات المتكررة أفضل من الحذف المناهج بالكامل.
مناهج مايو
ووزعت الوزارة منهج مادة العلوم للصف الأول الإعدادي للعام الدراسي 2022-2023، للفصل الدراسي الثاني، على النحو التالي: (من 11 فبراير وحتى 18 مارس، تدريس الوحدة الأولى، ومن 25 مارس إلى 15 أبريل الوحدة الثانية، الوحدة الثالثة من 15 أبريل إلى 13 مايو، ما يعني أن الدرس الثالث بالوحدة الثالثة تم توزيعه في الفترة من 6 إلى 13 مايو، وتبدأ المراجعة العامة والاختبارات العملية من 20 إلى 27 مايو)، وبدء الامتحانات من 3 إلى 8 يونيو قبل تعديل موعد الامتحانات، وفقًا لقرار الوزير.
وبالقياس على توزيع منهج مادة العلوم للصف الأول الإعدادي، نجد أن الدرس الثالث في الوحدة الأخيرة في مناهج صفوف النقل في معظم المواد، تدخل ضمن مقررات شهر مايو، وتبدأ المراجعات منتصف الشهر ذاته.
غضب التربويين
استجابة وزير التربية والتعليم لأولياء الأمور بشأن حذف أجزاء من المناهج، لا سيما الحديث عن حذف بعض مقررات شهر مايو، أغضب التربويين، مؤكدين أنه في حالة تنفيذه سيؤثر بالسلب على الطالب، وذلك لأن المناهج الدراسية مترتبة على بعضها على مدار سنوات الدراسة، والحذف سيؤدي إلى خلل في التحصيل الدراسي.
غير تربوية
من جانبه قال تامر شوقي، أستاذ علم النفس والتقويم التربوي بكلية التربية جامعة عين شمس، إن أولياء الأمور العنصر الأكبر والأكثر تأثيرًا في العملية التربوية، ومطالبهم نابعة من مصالح ذاتية متصلة بأبنائهم، حتى لو على حساب المصلحة العامة.
وتابع «شوقي»: «مطالب حذف الوحدات أو الدروس الأخيرة من جميع المُقررات في الصفوف الدراسية، بحجة تقديم موعد امتحانات الفصل الدراسي الثاني، غير تربوية بالمرة، ويترتب على الحذف العشوائي دون دراسة، العديد من المشكلات، خصوصًا أن الوحدات أو الدروس الأخيرة، تعتبر هي الأساس لمناهج لاحقة في السنوات الدراسية التالية، لاسيَّما أن المناهج الدراسية تراكمية، وتتضمن بعض نواتج التعلم الرئيسية للمنهج، أو تتضمن معلمات تمهيدية للمقررات التالية».
ويرى أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، أن حذف بعض المقررات، سيؤثر بالسلب على الطلاب، بأن يخلق لديهم صعوبات في فهم المقررات الجديدة، واستيعابها، وبالتالي الحصول على درجات ضعيفة، أو لجوءهم إلى الدروس الخصوصية لتعويض ما فقده من معلومات، مؤكدًا أن الحل الأمثل للخروج من تلك الأزمة يتمثل في تخفيف المناهج، والذي يعد حلًا تربويًا وعلميًا من الدرجة الأولى، لأنه سيعتمد على تغطية نواتج التعلم المستهدفة.
ويختتم «شوقي»، حديثه مع «النبأ الوطني»، بتوضيح أنه استبدال الحذف بالتخفيف، يحتاج إلى مراعاة بعض المحكمات، كأن يُؤخذ في الاعتبار أن كم أو مقدار التخفيف يختلف من مادة إلى أخرى ومن درس إلى آخر في نفس المادة الدراسية، كما يجب تجنب التخفيف في جزئيات المقررات المتصلة بالنواتج الرئيسة للتعلم.
وأضاف أن يكون التخفيف من خلال حذف بعض المعلومات التي سبق أن درسها الطلاب سواء في نفس السنة أو في سنوات سابقة بحيث يكون الطالب لديه إلمام بها، كما يمكن حذف بعض المعلومات المتكررة في أكثر من مادة في نفس السنة الدراسية حتى لو كانت معلومات جديدة، على أن يتم الإبقاء عليها في مادة واحدة فقط، أو أن يتم حذف بعض التفاصيل غير المهمة أو الهامشية في أي مادة.
ضرر كبير
«أولياء الأمور في مصر، عايزين أولادهم يقعدوا في البيت وياخدوا ورقة ناجح بامتياز بنسبة 99.9%، وسيكونون سُعداء غير آبهين بتعليم أبنائهم، ويبقوا يتعلموا بعدين»، بهذه الكلمات بدأت أستاذ فلسفة أصول التربية، والخبيرة التربوية، الدكتورة بثينة عبدالرؤوف، في حديثها مع «النبأ الوطني».
وترى «عبدالرؤوف»، أننا ليس لدينا ثقافة أهمية التعليم، بل تحل محلها أهمية الشهادات والدرجات، دون الاهتمام بالحصيلة التعليمية التي استفاد منها الطالب، مستنكرة قرار تقديم موعد امتحانات الفصل الدراسي الثاني، مُتسائلة، أنه إذا كان هناك نية لإرجاع الامتحانات إلى موعدها القديم، لماذا لم تضع الوزارة الخطة الزمنية للعام الدراسي 2022-2023، بناءً على ذلك؟!
وأضافت «عبدالرؤوف»: «الوزارة تعاني من عيب خطير على مدار الـ6 سنوات الماضية تقريبًا، وهو أن لا يتم دراسة القرارات جيدًا قبل اتخاذها، فكان لا بد أن تدرس الوزارة ذلك القرار قبل وضع خريطة توزيع المناهج الدراسية للعام الدراسي 2022-2023».
وترى أستاذ فلسفة أصول التربية، أنه لا يجوز حذف دروس أو وحدات بأكملها، لما له من ضرر كبير على المحصلة الدراسية للطلاب، لأن المناهج مترتبة على بعضها البعض، اللهم إلا الجغرافيا قد تكون ذات طبيعة مختلفة، لأنها تُدَّرس المناخ والتضاريس وغيرها، مُضيفةً أن لا يصح على الإطلاق أخذ جزء وحذف جزء، ولكن يمكن التخفيف من خلال حذف بعض العناصر من التي لا تؤثر في المحتوى من الدرس الواحد.
التخفيف الحل
وترى الخبيرة التربوية بثنية عبدالرؤوف، أن الحل الأمثل لهذه الأزمة يتعمد على تطبيق تخفيف المناهج، من خلال حذف المعلومات الثانوية التي لا تؤثر على صُلب المادة العلمية، وليس حذف الوحدات أو الدروس الأخيرة من المناهج؛ لأنه في حالة حذف الوحدة الأخيرة في مواد سنة دراسية معينة، والتي تكون مبني عليها الوحدة الأولى في السنة الدراسية التالية، ستؤثر على الطالب بالسلب، وتُفقده تعلم مهارات تمهيدية لمهارات أخرى مرتبطة بها.
وتختتم «عبدالرؤوف»، حديثها مع «النبأ الوطني»، بالتأكيد على أن الحديث عن أن شهر مايو تم تخصيصه للمراجعات أمر غير منطقي، فليس منطقيًا أن تتم مراجعة المنهج شهرًا كاملًا، لاسيمَّا وأنه وفقًا لتوزيع مناهج الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي الحالي، معظم شهر مايو مراجعات، باستثناء الأسبوع الأول الذي يكون مقرر به بعض دروس الوحدة الأخيرة، مُضيفةً أنه من المفترض أن تكون فترة المراجعة أسبوعًا واحدًا فقط، وليس 3 أسابيع كما في توزيع الكثير من المناهج الدراسية لعدد من الصفوف الدراسية.