وسط نشاط مكثف للروس والأمريكان والأتراك
تفاصيل تحركات مصر لإطفاء الحرائق المشتعلة فى ليبيا والسودان
شهد الملفان الليبي والسوداني خلال هذا الشهر، تطورات وتحركات سياسية مفاجئة ومكثفة من جانب الكثير من الدول وعلى رأسها مصر، ففي الوقت الذي تسعى فيه القاهرة لحل الأزمتين، نجد الجانب التركي يسعى للبحث عن مصالحه وإفشال كل ما تقوم به مصر من مساعي لإطفاء النيران المشتعلة في الدولتين الجارتين، كما تشهد الساحة الليبية تحركات مكثفة من جانب الروس والأمريكان.
يحسب للقاهرة أنها نجحت في جمع خالد المشري المحسوب على التيار الإسلامي ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح بعد ما كان من المستحيل جلوسهما على طاولة واحدة.
استضافت القاهرة اجتماعا ضم رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والقائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر، حضره مسؤولون مصريون، وناقش المسارين العسكري والسياسي في ليبيا، وسط مساع مصرية لحل الأزمة هناك، ومعالجة الانسداد السياسي في البلاد، وتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية بين الشرق والغرب، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت للخروج بالبلاد من هذا الانسداد السياسي الحالي.
وكشفت مصادر مطلعة، أن حفتر والمنفي بحثا مستجدات الأزمة الليبية ووثيقة القاعدة الدستورية وملف المصالحة الوطنية، واتفقا على تعزيز جهود التهدئة بين الأطراف الليبية لإنجاح مسار التسوية، كما اتفقا على استمرار لقاءات التشاور للتنسيق بشأن تطورات الأزمة.
وقبلها بأيام قليلة، اتفق رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية خالد المشري، على وضع «خريطة طريق» لإتمام العملية الانتخابية، وذلك خلال اجتماعهما في القاهرة بحضور رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي.
ويحسب للقاهرة أنها نجحت في جمع خالد المشري رئيس مجلس الدولة الليبي والمحسوب على التيار الإسلامي وعلى رأسه جماعة الإخوان المسلمين الليبية، ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، بعد كان من المستحيل جلوسهما على طاولة واحدة، بسبب وجود خلافات أيديولوجية وفكرية وسياسية عميقة بينهما.
مقاطعة مصر والسعودية والإمارات لاجتماع طرابلس يكشف عمق الانقسام العربى
على الجانب الآخر، أثار مقاطعة مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وعدد من الدول العربية، اجتماع وزراء الخارجية العرب التشاوري الذي عقد في العاصمة الليبية طرابلس، غضب حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة.
وقالت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة وأول امرأة تقود الدبلوماسية الليبية، إن هناك محاولات عربية لعرقلة الجهود الدولية في الاستقرار ومسار الانتخابات، -على حد قولها-.
تحركات أمريكية روسية مكثفة في ليبيا.. واشنطن تصنف مجموعة «فاغنر» «منظمة إجرامية دولية»
في سياق منفصل، شهدت الساحة الليبية منذ بداية شهر يناير تحركات مكثفة من الجانبين الروسي والأمريكي، وصلت لحد التسابق على إجراء لقاءات مع أطراف ليبية وعربية فاعلة، بعضها لم يحدث منذ سنوات طويلة.
فقد زار مدير وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه»، وليام بيرنز، ليبيا والتقى المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي، وعبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المنتهية ولاياتها، وكان محور النقاشات مع الطرفين هو إخراج المرتزقة من ليبيا، والوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية وتوحيد الجيش الليبي في أسرع وقت.
كما كشفت السفارة الأميركية لدى ليبيا، أن المشير حفتر التقى مسؤولين أمريكيين في مدينة بنغازي شرقي الأمريكية، هم القائمون بأعمال السفارة ليزلي أوردمان، ونائب قائد القوات الجوية الأميركية في إفريقيا الجنرال جون دي لامونتاني.
في المقابل عقد عدد من المسئولين الروس لقاءات مكثفة مع مسئولين ليبيين، وحسب بيان لوزارة الخارجية الروسية فإن التطبيع في ليبيا كان على رأس مباحثات الوزير سيرغي لافروف، مع سفراء عرب وممثلي جامعة الدول العربية في موسكو، ضمن توجه روسي قوي لتمتين العلاقات مع الدول العربية الفترة المقبلة.
وحسب خبراء ومراقبين، فإن التحركات الروسية الأمريكية المكثفة في ليبيا تأتي في إطار الصراع الأمريكي الروسي الذي يشهده العالم حاليا، مشيرين إلى أن واشنطن تريد التخلص من صداع شركة «فاغنر» التي تتمدد من بوابة ليببا بشكل كبير داخل إفريقيا بعد الفراغ الذي أحدثه الانسحاب الفرنسي العسكري من دول مثل مالي، والتي يقول خصوم روسيا، إن موسكو تسعى من خلال شركة «فاغنر» أن تفرض وجودا عسكريا روسيا في هذه الدول يحل محل الوجود الأوروبي القديم.
وفي ظل هذا الصراع بين واشنطن وموسكو، قررت الولايات المتحدة تصنيف مجموعة فاغنر الروسية، «منظمة إجرامية دولية».
كواليس المبادرة المصرية لحل الأزمة السودانية
في سياق منفصل، قامت القاهرة خلال شهر يناير بتحركات من أجل حل الأزمة السودانية، من خلال طرح مبادرة سياسية لحل الأزمة.
ففي بداية هذا الشهر قام رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، بزيارة السودان وإجراء مباحثات مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان.
وعقد كامل مشاورات منفصلة مع قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، وقوى الحرية والتغيير «الكتلة الديمقراطية»، واقترح على الطرفين استضافة القاهرة مؤتمرا للقوى السودانية لتوحيد مواقفها تجاه قضايا الانتقال في بلادها، وتوسيع القاعدة السياسية من أجل ضمان أمن واستقرار السودان.
خفايا الزيارة المفاجئة لـ«كاتم أسرار أردوغان» لطرابلس والخرطوم
مقابل هذه التحركات المصرية التي تسعى لحل الأزمتين السودانية والليبية، هناك تحركات تركية مضادة على الساحتين السودانية والليبية.
فمنذ أيام قليلة، استقبل رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان، الملقب بـ«كاتم أسرار أردوغان»، بحضور مدير المخابرات العامة، الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل.
أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي أبدا
ويرى السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن تحركات مصر في الأزمتين الليبية والسودانية تهدف إلى الحفاظ على الأمن القومي المصري وتحقيق المصالح المشتركة مع هذه الدولة بالإضافة إلى تحقيق الاستقرار في هذه الدول، مشيرا إلى أن هذه التحركات جاءت متأخرة بعض الشيء، مما أعطى الفرصة لقوى إقليمية ودولية أخرى للتواجد ولعب دور في الأزمتين الليبية والسودانية، ولكن الدور المصري مطلوب، فإن تأت متأخرا أفضل من ألا تأتي أبدا.
وأضاف «حسن»، أن المبادرة المصرية لحل الأزمة في السودان تواجه الكثير من التحديات منها، عدم وجود توافق بين الفرقاء السياسيين، والموقف الغامض من جانب المكون العسكري، بالإضافة لوجود مجموعات لم تدخل ضمن الاتفاق السياسي في السودان، وهذا يزيد المشكلة السودانية تعقيدا ويجعل مهمة القاهرة صعبة ولكنها ليست مستحيلة، لا سيما وإنه ا جاءت بعد دخول أطراف دولية وإقليمية أخرى في الملف السوداني.
وعن الوضع في ليبيا، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن تشكيل حكومة فتحي باشاغا دون التشاور مع حكومة عبد الحميد الدبيبة المعترف بها دوليا أدى إلى انقسام إقليمي ودولي وزادت المشكلة الليبية تعقيدا، والدليل عن هذا الانقسام ما حدث في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير في طرابلس، والذي لم يحضره سوى عدد قليل من الدول العربية وقاطعته دول كبرى ومؤثرة في الملف الليبي مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات.
وشدد على أن الحل في ليبيا يبدأ من إجراء مصالحة وطنية شاملة ووجود توافق ليبي عام، بالإضافة إلى تنحي جميع القيادات الليبية الحالية، مشيرًا إلى أن هناك قوى إقليمية ودولية أخرى موجودة في الساحة الليبية وتؤثر بالسلب على التحركات المصرية، وعلى رأس هذه القوى تركيا التي تسيطر على الغرب الليبي.