بعد سحبه مرتين..
سر تعثر الحكومة فى مشروع قانون العمل الجديد
بعد مناقشات وحوارات اجتماعية مطولة تجاوزت العام حول مشروع قانون العمل الجديد المنتظر، تخللها هالة إعلامية ضخمة حول مزاياه، تراجعت الحكومة للمرة الثانية، وسحبت قانون، يُعد واحدًا من القوانين التي ينتظر الشارع المصري خروجها للنور، لا سيما أنها تنظم حقوق وواجبات العاملين في القطاع الخاص، فضلًا عن إعادة تنظيم آليات العمل بين العامل وصاحب العمل.
وطلبت الحكومة مهلة 15 يومًا من البرلمان بشأن مشروع قانون العمل الجديد، وذلك لإجراء معالجة لبعض الصياغات الواردة في مواد مشروع القانون، وذلك بعد عقد عدة اجتماعات بلجنة القوى العاملة بمجلس النواب، فضلًا عن عقد عدة جلسات استماع من كل القوى المعنية بمشروع قانون العمل الجديد وبحضور وزير القوى العاملة حسن شحاتة.
ولجوء الحكومة لسحب مشروع قانون العمل ليس الأول من نوعه هذه المرة، فخلال مناقشة مشروع القانون في مجلس الشيوخ، سحبت الحكومة قانون العمل الجديد لإجراء عدد من التعديلات الجوهرية، وتمّ إعادته مرة أخرى للمجلس لمناقشته وإقراره في دور الانعقاد الماضي.
وأثار تعثر الحكومة في خروح قانون يلبي احتياجات العمال وأصحاب الأعمال تساؤلات عدة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، حول الأسباب، وموعد خروجه.
وفي هذا السياق، قال شعبان خليفة، رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، وممثل العمال بالحوار الوطني، إن مشروع قانون العمل بدأت المناقشات حوله منذ سنوات طويلة، ولم تنجح الحكومة حتى اليوم في إصدار القانون.
وأوضح في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن وزير القوى العاملة السابق أول من أرسله لمجلس النواب، بعد مناقشات كانت بدايتها في 2011 مع وزارة القوى العاملة، وتم التوافق عليه من قبل وزير العمال الأسبق، كمال أبو عيطة، واتحاد الصناعات، والنقابات المستقلة وغيرهم إلا أنه لم يذهب مجلس الدولة خلال تلك الفترة، حتى فوجئنا بإرساله للبرلمان في عهد الوزير السابق، وبعد إجراء بعض المناقشات والحوار المجتمعي الشكلي، وجدنا في عام 2021 أنه دخل مجلس الشيوخ وقد تغير تمامًا وانتقص من حقوق العمال في كثير من المواد.
وتابع: «على الرغم المزايا المرتبطة بالطفل والمرأة وذوي الإعاقة، إلا أنه وضع كلمات مطاطة مخالفة للقانون نفسه، فمشروع القانون ينص على الحفاظ على المكتسبات في التشريعات السابقة في حين أن بنوده ينتقص منه، وهو ما يهدده بعدم الدستورية».
واستطرد «خليفة»: «أننا كممثلين للعمال غير مطمئنين في خروج قانون من البرلمان الحالي، لأن كل الموجودين به رجال أعمال وأصحاب مصالح، ولدينا معلومة أنه لن يخرج في القانون الحالي».
وواصل: «قانون العمل يعد أحد أهم التشريعات التي تخدم ملايين المواطنين والأسر وبالتالي من المفترض عدم إقراره في ظروف استنثنائية»، متابعًا: «إيه المشكلة في الانتظار وعدم التعجل لمدة سنتين آخرتين حتى تتحسن الظروف الاقتصادية».
وتابع: «رجال الأعمال وأصحاب الأعمال ينتهزون الفرصة الحالية للضغط بهدف خروج القانون بحجة الاستثمارات، إذا أردنا خروج قانون عمل حقيقي ومتوازن فلا بد من تأجيل مناقشته حرصًا على المصلحة العليا للبلاد وعدم الإصرار على خروج هذا القانون سيئ السمعة، من أجل مصلحة العليا للوطن، وضمان الاستقرار».
بدوره، قال النائب ايهاب منصور، وكيل لجنة القوى العاملة، إنه لن يتحقق هدف القانون إلا بوجود قانون به بنود واضحة غير قابلة للتأويل، يضمن حقوق كل طرف وواجباته.
وأضاف في تصريح خاص لـ«النبأ»: «عقدنا جلسات حوار مجتمعي حول القانون، مع نقابات عمال مصر والصناعات والتشييد والبناء وغيرهم من الجهات، وبعد مناقشات مطولة بالبرلمان، وجدنا أن القانون يحتاج إعادة نظر وتنسيق أكثر بين الجهات المعنية».
وأشار إلى أنه كان هناك خلاف حول كثير من المواد، على سبيل المثال موضوع نسبة العلاوة الدورية، وكذلك الصناديق الكثيرة في مشروع القانون، وتسائلت عن مدى جدواها ما دام أنها لا تقدم شيء للموظفين، وطالبت بتقنينه، وآلية للرقابة عليها، خاصة إنني معترض على أعداد الصناديق الكثيرة فهناك أكثر من 7 آلاف صندوق مما بتطلب نظامًا للمراقبة والرقابة بشكل أكثر حوكمة.
وتابع: «كما طالبنا الحكومة بتمثيل العمال في الصناديق بصورة عادلة، وتحدثنا عن فئات الطفل والمرأة وحقوقهما في القانون، بالإضافة إلى فوائض الصناديق كان خلافا حول إذا كانت ستؤول للدولة أو تعود للصناديق، كما حدث اختلاف حول دلالات بعض المصطلحات في القانون وعدم تعريفها».
ولفت إلى أن الحكومة أحيانًا تقوم بعمل قوانين جيدة، ولكن في كثير من الأحوال تصيغ قوانين لا تصلح، متابعا: «لديهم إصرار عجيب في أنهم يعتقدون أنهم الوحيدون الذين يفهمون في صياغة القوانين».
وأشار إلى أن الظروف الاقتصادية، تفرض عمل فترة انتقالية للقانون، إذا كان صاحب العمل لا يستطيع الوفاء بالامتيازات المقررة، متابعًا: «أتوقع مناقشة القانون وخروج خلال دور الانعقاد القادم».