أحمد عمران يكتب: رحيل مرسي عطا الله ونهاية جيل العظماء بالصحافة المصرية
تودع الجماعة الصحفية واحدًا من جيل العظماء في الصحافة المصرية وشيخًا من شيوخ المهنة، الكاتب الصحفي الكبير مرسي عطا الله، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام السابق ورئيس تحرير جريدة الأهرام المسائي السابق ورئيس مجلس إدارة نادى الزمالك سابقًا، بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز ٨٠ عاما.
مرسي عطا الله أهم المحللين الاستراتيجيين والسياسيين في مصر
يعد مرسي عطا الله أحد أهم المحللين الاستراتيجيين والسياسيين في مصر والمنطقة العربية، ولما كانت أحداث حرب الخليج تتلاحق كل لحظة وتلهث وراءها وسائل الإعلام في مصر دون أن تتمكن من اللحاق بها كاملة، كانت فكرة «الأهرام المسائي» قد ظهرت لتعويض هذه الفوارق الزمنية، ليقود مرسى عطا الله مجموعة من شباب الصحفيين، ويصدر الجريدة المسائية بشكل يومي في وقت قياسي، ولم تتجاوز فترة الإعداد لذلك بضعة أيام تعد على أصابع اليد الواحدة.
وفي وقت قياسي أيضا تحولت الأهرام المسائي إلى واحدة من أهم الصحف توزيعا، خاصة بعد انتهاء حرب الخليج، ووضع مرسي عطا الله من خلالها مهاراته في الصحافة الرياضية ليجعلها من أهم الصحف لدي جمهور الرياضة، إلي جانب أهميتها للقارئ المتابع الذي يحرص على متابعة ما لم تلحق به الصحف الصباحية.
كان الكاتب الصحفي الكبير مرسي عطا لله واحدًا من جيل العظماء الذين أثروا الصحافة المصرية بكتابتهم وأرائهم وأفكارهم، فكان له عمودًا صحفيًا ثابتًا في جريدة الأهرام تحت عنوان (كل يوم) يرصد فيه مستجدات الحياة السياسية والاجتماعية في مصر والوطن العربي.
فلم يترك الكاتب الكبير قلمه حتى وهو على فراش المرض، وهو يجعلني أصف هذا الرجل بالمحارب في بلاط صاحبة الجلالة، الذي لم يترك سلاحه (القلم) وهو على فراش المرض وحتى يوم وفاته، ليشهد التاريخ في أرشيف مؤسسة الأهرام العريقة ذات يوم أن يوم وفاة الكاتب الكبير نُشر له مقالا في عموده بالصفحة الأخيرة.
وفي اليوم التالي من وفاة الكاتب الكبير مرسي عطا الله، نُشر أخر مقال له كان قد أرسله للجريدة قبل وفاته، كما نُشر في نفس العدد بالجريدة خبر وفاته، ونعي له، فقد فقدت مؤسسة الأهرام أحد أعمدتها.
أتذكر أنه تم اختيار عمود الكاتب الكبير ليحل مكان عمود الكاتب الصحفي الكبير صلاح منتصر، بعد وفاته بالصفحة الأخيرة في الأهرام، لكن يرحل الشخص ويبقى الأثر، هكذا تتساقط الثمار الجمال من فوق شجرة جيل العظماء بعد رحيلهم.
ولكن لم يبقى مع رحيل الكاتب الصحفي الكبير مرسي عطا الله من جيل العظماء في الصحافة المصرية إلا القليل، فعزوهم أحياء، بدلا من أن تعزوا أولادهم فيهم أموات، هذه رسالتي، فقد أعز نفسي أولا ثم الجماعة الصحفية في وفاة شيخا عزيزا من شيوخ الصحافة المصرية.. رحم الله الفقيد رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته وربط على قلوب أهله وذويه برباط الصبر.