فتنة مبادرة السديس
الحج فى زمن الميتافيرس.. خطر العالم الافتراضى يهدد شعائر وعبادات المسلمين
شبح التساؤلات أصبح يسيطر على عقول ملايين البشر حول عالم «ميتافيرس» الذي ينتظره الجميع والمتوقع له أن يحول شكل وطبيعة حياة الكثيرين حول العالم.
المصريون كان لهم نصيب كبير من المخاوف حول العالم الافتراضي المرتقب، وطبيعة تعامل الآباء مع أطفالهم الجالسين لهوًا داخل عالم «ميتا الجديد».
المعترضون على مبادرة «السديس»: تهدد صميم الدين وتفتح الباب أمام استخدام العبادات فى التسلية والترفيه
مبادرة السديس
المخاوف من العالم الافتراضي المرتقب، لم تكن فيما يخص الجانب التقني والتربوي فقط، بل فتح باب الجدل واسعًا أمام تحديات المستقبل فيما يخص مخاطر دخوله بيوت المصريين، وشكل العالم الإسلامي في زمن «الميتافيرس»؛ لا سيما بعد إعلان الدكتور عبد الرحمن السديس، الرئيس العام للمسجد الحرام والمسجد النبوي، إطلاق مبادرة «الواقع الافتراضي للحجر الأسود» والذي يصل بك إلى زيارة افتراضية للكعبة المشرفة وملامسة الحجر الأسود ومعايشة كافة مناسك وشعائر الحج والعمرة من مقعدك فى المنزل دون الحاجة للسفر.
مبادرة «السديس» أثارت جدلًا واسعًا بين مؤيد ومعارض، فرأى البعض أنها تجربة ثرية تفيد غير القادرين على زيارة الكعبة والمسجد النبوي في إلقاء نظرة عن قريب حتى ولو كانت افتراضية، فيما رأى الفريق الآخر أن المبادرة تهدد صميم الدين وتفتح الباب أمام مخاطر واسعة من استخدام العبادات المقدسة فى التسلية والألعاب، لا سيما استسهال البعض خوض تجربة «الزيارة الافتراضية» بدلًا من تأدية المناسك والشعائر خاصة مع الإجراءات الاحترازية التي فرضتها المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة الماضية للحد من انتشار وباء كورونا، وارتفاع تكاليف وأسعار الحج والعمرة في مصر والوطن العربي.
وتعتمد مبادرة «السديس» على تقنيتي الـ«VR» والتي تمثل الواقع الافتراضي، و«AR» المتمثلة فى الواقع المختلط، واللواتي يسمحن برؤية الكعبة عن قرب عقب ارتداء النظارة الخاصة بـ«الميتا»، علاوة على الشعور بلمس الحجر الأسود، وسماع أصوات الأذان وتلاوة القرآن بالحرم المكي حال ارتداء السماعات المخصصة لذلك.
عالم أزهرى: التعامل مع الجولات الافتراضية للحرم المكى على أنها أداء للفريضة نوع من الهزل
جدل فقهى
وأثارت مبادرة السعودية، جدلًا فقهيًا واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعى، حول موقف الشرع من تلك الجولات الافتراضية، ومدى سلامتها من الناحية الفقهية في حالة اعتبارها بديلًا عن المناسك الحقيقية.
وفي محاولة لفك لغز ما أثارته مبادرة «السديس»، تواصلت «النبأ» مع الشيخ أحمد تركي، أحد علماء الأزهر الشريف، والذي قال إن التعامل مع الجولات الافتراضية للحرم المكي على أنها أداء للفريضة نوع من الهزل.
وأكد «تركي» أن عالم «ميتافيرس» لا يترتب عليه أي أحكام شرعية لأنه لا يوجد في الإسلام ثواب على الافتراض، فهي لا تسقط عن المسلم فريضة الحج والعمرة.
وأوضح الشيخ أحمد تركي، أن زيارة الأماكن الدينية عن طريق الواقع الافتراضي «VR» أمر جيد ولكن على سبيل التعايش والرؤية فقط، كما أنها تصلح لأن تكون أحد سبل تدريب المعتمرين على المناسك والشعائر قبل السفر.
أحد علماء الأزهر: «ميتافيرس» افتراض لا يترتب عليه أى أحكام شرعية
عالم ثالث
وقال العالم الأزهري أحمد تركي، إن كلمة «ميتافيرس» مكونة من شقين الأول «ميتا» وتعني ما وراء، والشق الآخر «فيرس» وتشير إلى الكون أي «الكون الماورائي»، معقبًا: «فبدلًا من أن تكون التفاعلات البشرية واقعية ومحسوسة عبر التلاقي الواقعي والمادي أو تكون غير مادية وغير محسوسة عبر التلاقي الرقمي من خلال شاشات الهواتف والكمبيوتر، سيكون هناك طريق ثالث يسد الفجوة بين العالمين الواقعي والرقمي، وهو عالم ثالث افتراضي يأخذ من الواقع شيئًا، ومن الإنترنت والتقنيات الذكية أشياء».
مصير استعداد المؤسسات الدينية لمواجهة معسكرات داعش و«مواخير الإباحية» داخل «ميتافيرس»
وأشار إلى أن تقنية «ميتافيرس» ستسمح لمستخدميها بالعمل والتعليم والترفيه بداخله، مع توفير تجربة تسمح لهم ليس فقط بالمشاهدة عن بُعد عبر الأجهزة الذكية كما يحدث حاليًا، ولكن بالدخول إلى هذا العالم فى شكل ثلاثي الأبعاد.
مواجهة معسكرات الدواعش
وطرح الشيخ أحمد تركي، مجموعة من الأسئلة أثناء حديثه لـ«النبأ»، قائلًا: «هل نحن مستعدون على المستويين النفسي والعلمي لاستقبال العالم الافتراضي؟، هل جاهزين لمواجهة مخاطر ميتافيرس الدينية والفكرية، فما العمل إذا دخل شاب أحد معسكرات الدواعش عبر العالم الافتراضي، أو ذهبوا إلى مواخير الإباحية؟!».
عضو هيئة كبار العلماء يحسم موقف الشرع من ارتكاب المعاصى فى العالم الافتراضى
وتابع: «هل سنواجه كل ذلك بالمنابر وخطبة الجمعة، والخطاب الشعائري المقولب والمتقعر؟ أم نسبق الجميع ونحجز أماكن ومنصات هناك لإنارة الشباب ومحاولة تحصين الأطفال من المخاطر».
معاصى وذنوب افتراضية
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أشار عدد كبير من رواد «السوشيال ميديا» إلى خطورة «ميتافيرس» فيما يخص موقف مستخدميه الشرعي في حالة ارتكاب المعاصي والذنوب في العالم الافتراضي.
وحسم الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، القضية، مؤكدًا أن عباد الله سيحاسبون على السعي وليس الحركة، لافتًا إلى أن القلب له عمل، بينما العقل له عمل وحركة.
وأوضح «جمعة» أن السعي هو الحركة مع العزم والقصد والهدف المحدد مسبقًا، مشيرًا إلى أن مراتب القصد، وهي ما يدور في باطن الإنسان لا يحاسب فيه إلا على النية فقط، منوهًا بأن ما يدور في داخل المسلم ينقسم إلى خمسة أقسام: (الهاجس، الخاطر، حديث النفس، الهم، العزم) موضحا أن الأربعة الأوائل لا يحاسب عليها المسلم إلا العزم الذي فيه قصد وعزم على فعل الشيء.
واستشهد عضو هيئة كبار العلماء بقول الله تعالى: «وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ».