بسبب ارتفاع الأسعار..
قصص تورط موزعي شركات السيارات الكبرى في النصب على المواطنين
تعتبر أزمة ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه هي حديث الساعة؛ نظرًا لاعتبارها أزمة عالمية أثرت بشكل كبير على اقتصاد الدول، فالكل يعاني من هذا الارتفاع سواء بالنسبة للسيارات أو المواد الخام أو المنتجات النهائية، مما يعرض أصحاب الشركات والمؤسسات الكبرى لأزمة كبيرة مع عملائهم وتعرضهم للوقوع تحت طائلة القانون بتهمة النصب والاحتيال.
وتستعرض «النبأ» خلال السطور التالية، مدى تأثير ارتفاع الأسعار على بعض الشركات الكبرى وخاصة شركات السيارات التي لم تف بوعودها مع المواطنين نتيجة ارتفاع الأسعار.
الحي الراقي
ففي حي المهندسين الراقي، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط صاحب شركة نقل لاتهامه بالنصب والاحتيال والاستيلاء على أموال المواطنين.
بدأت الواقعة ببلاغ مقدم من نشأت محمد عبد العاطي، يفيد بتضرره من هاني حمدي عبد العزيز صاحب الشركة المصرية للنقل الخفيف؛ لقيامه بالنصب والاحتيال والاستيلاء على مبلغ 219 ألف جنيه ثمن 3 تكاتك، وبعد استلام المبلغ فوجئ بإغلاق مقر الشركة.
وأبلغ الشاكي أنه قام بشراء عدد 3 تكاتك سابقًا من ذات الشركة وبعد استلامهم لم تقم الشركة بتسليمه أوراق الإفراج الجمركي وخطاب المرور حتى يقوم بإنهاء الملكية وطلب اتخاذ اللازم قانونا وقام بإيهامه بأن الشركة تقوم ببيع التكاتك والموتوسيكلات بنظام التقسيط والكاش وتسليمه التكاتك المتفق عليها.
بتقنين الإجراءات اللازمة تم ضبط المتهم، وحُرر عن ذلك المحضر رقم 1038 لسنة 2023 جنح العجوزة.
لغز اختفاء سوزوكي
فيما حرر أحد الحاجزين المتضررين من شركة الطارق للسيارات، -موزع سيارات سوزوكي في السوق المصري- محضرا بسبب رفض الشركة رد مقدم حجز سيارة سوزوكي سويفت.
حيث اشتكى هيثم فارس، أحد الحاجزين المتضررين من تأخير استلام السيارات، من امتناع شركة الطارق للسيارات رد مقدم حجز لسيارة سوزوكي سويفت، ويقدر بـ115 ألف جنيه.
وقال «فارس» إنه حرر محضرًا، أثبت فيه امتناع المعرض عن السداد، مشيرًا إلى أن الشركة اشترطت عليه الإمضاء على تنازلات عن حقوقه المادية والقانونية والتنازل عن أي شكاوى ضد المعرض لرد مبلغ الحجز.
وأضاف أن مدير أحد فروع معرض الطارق للسيارات، اشترط لرد مبلغ حجز السيارة الذي تم دفعه منذ أكثر من 6 أشهر، الإمضاء على إقرارات غير قانونية، وتعتبر مخالفة للقانون لأنها تنص على التنازل عن حقوقه الأساسية في اللجوء للقضاء.
وأضاف أن مدير المعرض قال له نصا: «لا أستطيع رد مقابل الحجز دون التنازل عن حقوقك وتوقيع الإقرارات».
وأكد أحد تجار السيارات، على اختفاء سيارات سوزوكي اليابانية لديهم، بسبب احتكار موزع واحد لها، والذي يتحكم في توزيع 100% من السيارات السوزوكي، ممثلًا في شركة الطارق للسيارات.
أزمة ميني كار
وفي السياق ذاته، رفضت شركة ميني كار إيجيبت، التي تروّج سيارات صغيرة الحجم كبديل لـ«التوكتوك» في الشوارع المصرية -على حد وصفها- رد بقية مبلغ حجز سيارة لعميل قرر التراجع عن قرار الشراء بسبب التأخر في تسليمها.
ويقول أيمن صبحي إبراهيم، أحد العملاء لدى شركة ميني كار إيجيبت، إنه تعاقد مع الشركة لشراء سيارة فى يوم 5 مايو الماضي من عام 2022، بقيمة حجز تُقدر بنحو 45 ألف جنيه كجدية تعاقد، وتم تحديد موعد استلام السيارة بعد 68 يومًا من وقت التعاقد.
وذكر أنه بمجرد مرور المهلة المحددة بين الطرفين، بدأ يتساءل عن موعد استلام السيارة، وعند تأخرها لفترة كبيرة طالب الشركة باسترداد أمواله كاملة، وأبلغهم بعدم رغبته في شراء السيارة.
ورفضت الشركة رد قيمة الحجز للعميل بعد تراجعه عن قرار الشراء، وأبلغته أن السيارة سيتم تسليمها له بشكل فوري ولكن بلون مختلف عن المتفق عليه في العقد وهو ما رفضه العميل، بسبب عدم ثقته في الشركة قائلًا: «لما بيعملوا كده قبل الشراء إزاي هضمنهم بعد كدة في الصيانة وخدمات ما بعد البيع، وإزاي أصلا هضمن عربيتهم؟».
وبعد رحلة طويلة من الاستغاثات، تمكن العميل من استرداد جزء من أمواله بتاريخ 27 سبتمبر 2022، وقيمته 20 ألف جنيه كدفعة أولى، بينما استلم جزءًا آخر من المبلغ بتاريخ 5 أكتوبر بقيمة 10 آلاف جنيه مصري، وبالتالي تبقى 15 ألف جنيه من إجمالي أمواله المستحقة لدى الشركة.
وتابع العميل أن الشركة منذ تاريخ استلام آخر دفعة، تتعنت معه وترفض رد بقية أمواله، معلقًا: «بطالب بفلوسي كل الوقت ده ومدير الشركة يقولي ملكش فلوس عندي».
وحرر العميل شكوى في جهاز حماية المستهلك برقم «38258» وجارٍ التحقيق فيها، كما قدم العميل بلاغًا في قسم شرطة كرداسة، بمحضر رقم «6018» إداري.
خفايا معارض السيارات
وتصاعدت أزمة حاجزي سيارات تويوتا واعتصامهم داخل أحد مقرات التوكيل بالعباسية، مطالبين بحقوقهم في استلام السيارات المحجوزة لدى الوكيل.
وبدأت أزمة حاجزي سيارات تويوتا في مصر مع بداية شهر أبريل 2022، عندما امتنع الوكيل عن تسليم السيارات للعملاء، بحجة نقص المعروض، وفرض زيادات رسمية على السيارة، وأجبر الحاجزين على تحملها.
ومؤخرًا، اشتكى بعض حاجزي سيارات تويوتا في مصر، من تواصل الشركة معهم، وإجبارهم على سحب مبالغ الحجوزات المدفوعة بالجنيه المصري، ثم إعادة دفعها بالدولار الأمريكي للإفراج عن سياراتهم المحتجزة في المنطقة الحرة، مع تحمل مصاريف التخليص الجمركي لها.
واحتجز موظفو فرع تويوتا إيجيبت فرع العباسية، خلال الوقفة الاحتجاجية للمتضررين بتاريخ 17 أكتوبر 2022، بعض العملاء المتضررين من تأخير استلام سياراتهم، ورفضوا خروجهم من الفرع لمنع بقية المتضررين من الدخول.
وقال المعتصمون في مقر تويوتا إيجيبت في مصر، إنهم مضربون عن الطعام والشراب لحين استلام سياراتهم من وكيل تويوتا، رافعين شعار: «مش هنمشي».
بينما علقت إحدى المتضررات من تأخر استلام السيارة: «أسلوب يهود حسبي الله ونعم الوكيل، ذلونا على العربيات اللي حاجزينها بفلوسنا».
وتابعت بنبرة غاضبة: «خسرتونا كل حاجة، بنسدد قروض ومش عارفين نستلم عربياتنا»، مطالبة الحكومة، وجهاز حماية المستهلك بالتدخل لحل الوضع مع وكيل تويوتا في مصر.
رد حماية المستهلك
من جانبه قال أيمن حسام الدين، رئيس جهاز حماية المستهلك، إن هناك قانونًا بجهاز حماية المستهلك ينص على «إلزام الشركات بتسليم السلع (سيارة أو أجهزة منزلية أو معمرة) بذات السعر المثبت في إيصال الحجز حتى تاريخ 12 أبريل بنفس السعر وإلزامهم بتسليم البضائع».
وتابع أن الشركة التي لا تلتزم بتسليم السيارة التي تم سداد كامل سعرها سيحيله جهاز حماية المستهلك للنيابة، لافتًا إلى وجود قرار يلزم المورد بأنه في حال رد قيمة حجز السيارة يتحمل المورد أقصى عائد موجود في السوق المصرفي 18% مستحق من بداية فترة الحجز؛ مؤكدًا أن هذا الأمر غير منصف للمستهلك.
وأكد «حسام الدين» أن الشركة ملزمة بتسليم السلعة بنفس السعر المتعاقد عليه، لافتًا إلى وجود 2600 شكوى أمام جهاز حماية المستهلك بخصوص السيارات.
وأشار إلى أن الشركات تعتقد أن اللجوء للقضاء في هذه الحالة سيكون تحت بند «القوة القاهرة» الذي يصدر في الحروب والأزمات.
أزمة ضمير
فيما يرى محمد شتا، الخبير الدولي في قطاع تصنيع وتجارة السيارات، أن هناك أزمة اقتصادية عالمية ومحلية، ولكن هناك أزمات أخرى تسببت في أزمة سوق السيارات وقطع الغيار، أولها هو أننا نعاني من أزمة «ضمير».
وتابع: «رئيس شركة بي إم دبليو صرح بأنه لا زيادة في أسعار سيارات بي إم دبليو بسبب أزمة أوكرانيا، لأن الشركة ملتزمة بالعقود المبرمة مع الوكلاء والموزعين، مؤكدًَا أن أسعار السيارات ثابتة لنهاية العام».
وأوضح خبير تصنيع وتجارة السيارات: «من غير المعقول أن يزيد سعر الدولار 20%، وسعر العربية يزيد 50% و60%، هذا لا يحدث في أي مكان في العالم».
مصير السيارات المحجوزة
ويقول أسامة أبوالمجد، رئيس رابطة تجار السيارات، إن أي عميل حجز سيارة من معرض قبل اتخاذ قرار رفع سعر الفائدة وزيادة الدولار الجمركي، سيحصل عليها بنفس السعر المتفق عليه.
وأضاف «أبو المجد»، أن أغلب الشركات رفعت الأسعار، لافتا إلى أن شركات السيارات ملتزمة بالشركات الأم والتوكيل.
موقف القانون من الأزمة
ومن جانبه قال المستشار مجدي عز الدين المحامي بالاستئناف العالي، لـ«النبأ» إن هذه الشركات التى ترفض الالتزام بوعودها وترفض تسليم العملاء السيارات بالأسعار التي تم الاتفاق عليها قد تتعرض للمساءلة القانونية وتقع تحت طائلة القانون بتهمة النصب والاحتيال.
وأكد «عز الدين» أن قانون العقوبات فى المادة رقم 336 تضمن عقوبات رادعة لمرتكب جرائم النصب والاحتيال على المواطنين، على أن يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أي متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو تسديد المبلغ الذي أخذ بطريق الاحتيال أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور وإما بالتصرف في مال ثابت أو منقول ليس ملكًا له ولا له حق التصرف فيه وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة.
فيما تنص المادة «338» على أن كل من انتهز فرصة احتياج أو ضعف أو هوى نفس شخص لم يبلغ سنه الحادية والعشرين سنة كاملة أو حكم بامتداد الوصاية عليه من الجهة ذات الاختصاص وتحصل منه إضرارا به على كتابة أو ختم سندات تمسك أو مخالصة متعلقة بإقراض أو اقتراض مبلغ من النقود أو شيء من المنقولات أو على تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات الملزمة التمسكية يعاقب أيا كانت طريقة الاحتيال التي استعملها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، ويجوز أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري.