كواليس جديدة عن اتفاق تطبيع العلاقات السعودي الإيراني
تفاصيل وكواليس جديدة للمباحثات السعودية الإيرانية التي قادت إلى اتفاق البلدين على استئناف العلاقات الدبلوماسية، كشف عنها مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي السابق.
الكاظمي، في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية يبدو أنها أجريت قبل إتمام الاتفاق السعودي الإيراني، أعرب عن اعتقاده أنه من المهم أن يستمر نجاح الحوار السعودي-الإيراني ليساعد على التهدئة في المنطقة.
وقال إن "السعودية دولة مهمة جدًا في المنطقة، وإيران دولة مهمة في المنطقة، وهما جارتان مسلمتان، والمصالح المشتركة كثيرة بينهما".
وأشاد الكاظمي بالأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، مؤكدا أنه يستحق الثناء لمثابرته وإخلاصه، مشيرا إلى أنه كان داعما للحوار السعودي الإيراني، وكان يبحث عن مشتركات منذ فترة طويلة.
وعن كيفية ولادة فكرة الحوار السعودي الإيراني في بغداد، قال الكاظمي "قبل الحوار كنت مهتمًا بأن يكون العراق جزءًا من العالم المتحضر، أمضى العراق سبعة عقود تحت وطأة الديكتاتورية والحروب(..) كنت أحاول عن طريق سياسة الانفتاح ونظرية "تصفير المشاكل" أن أقوم بحلحلة التراكمات السلبية، وكنت أدعو دائمًا بأن الحوار ألف سنة أفضل من لحظة فيها إطلاق رصاص، لهذا السبب فكّرت أن ننفتح على الآخر حتى لو كنا نختلف معه".
وأضاف أن "الحوار هو الذي يؤدي إلى بناء عناصر الثقة وحسن الظن بالآخر وليس الخوف من الآخر، واليوم الحكومة الحالية تتبع سياسة الانفتاح هذه نفسها وتضيف عليها، وهذا شيء جيد. الإنجاز في الدولة العراقية ينبغي أن يكون تراكميًا".
وتابع قائلا إن "الحوار كان استراتيجيتي وجوهرها أن ننفتح على الجميع، وأسّسنا لأول مرة مؤتمرا أسفر عن الحوار السعودي-الإيراني، وهو مؤتمر بغداد الذي دعونا إليه كل الدول المحيطة بالعراق والدول الصديقة، بينها فرنسا، وحضره زعماء من المنطقة".
وأشار إلى أن المؤتمر حضره الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وكانت أول زيارة لرئيس مصري للعراق، منذ أكثر من 31 سنة، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالإضافة إلى وزراء خارجية السعودية وتركيا وإيران، وهذا المؤتمر شهد انطلاق فكرة الحوار السعودي-الإيراني.
وأوضح أنه أعقب ذلك المؤتمر جلسات حوار بغداد، معتبرا أن كلها إنجازات تُحسب للعراق.
وكشف الكاظمي أن الحوار السعودي-الإيراني كان على مستوى رؤساء الأجهزة، وتناول قضايا متعددة وكان ناجحا جدًا، وقال "حققنا تقدمًا كبيرًا ووصلنا إلى المرحلة النهائية، لكن التدخلات في المنطقة قد تكون تؤخر بعض الأشياء".
وقال إن "الحوار السعودي-الإيراني كان صريحًا ومثمرًا، ولهذا أتوقع عودة قريبة للعلاقات بين البلدين ولما فيه مصلحتهما ومصلحة شعوب المنطقة".
وأضاف أنه "حدث تقدم في الحوار في العراق، وأول تقدم هو أنهم التقوا للمرة الأولى وجهًا لوجه وتكلموا بكل صراحة، الإيرانيون سمعوا وجهة النظر السعودية، وسمع السعوديون وجهة النظر الإيرانية".
وتابع قائلا "كان الحوار مبنيًا على الصراحة والوضوح، وحصل اعتراف بحدوث أخطاء بينها ما حصل للسفارة السعودية في طهران، وكان هناك اتفاق على بناء عناصر الثقة بينهما في المرحلة الأولى، ثم الانتقال إلى الحوار الدبلوماسي وعودة العلاقات".
وأشار إلى أن الجانبين السعودي والإيراني تطرقا خلال الحوار في بغداد إلى الوضع في اليمن وملف الحوثيين والوضع في لبنان، وقال "كان الحوار شاملا.. وتطرقوا لكل شيء"، موضحا أنه كان يحضر الحوار ويدير جلسات الحوار التي كانت تستمر أحيانًا خمس أو ست ساعات.
وكشف الكاظمي أن الجلسات كانت تعقد في مكان سري في بغداد، وكان أمن المشاركين فيها هاجسا يؤرقه، لكي لا يتعرض أي من المشاركين للخطر.
وأشار الكاظمي إلى أن علاقته بالسعودية بدأت عندما كان رئيسًا لجهاز المخابرات، حيث نقل للجانب السعودي رسالة من الحكومة العراقية، مفادها أنه ليس لدى بغداد مشكلة مع مذهب معين أو طائفة معينة، وإنما المشكلة هي مع التكفيريين أو الإرهابيين.
وقال الكاظمي: "كان جواب الأمير محمد بن سلمان، حقيقة، جوابًا ذكيًا وقال نحن لا نتعاطى السياسة على أساس المذاهب، بل نتعاطى على أساس المصالح المشتركة وعلى أساس انتماءاتنا الثقافية".
وعن لقائه بالأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، قال الكاظمي "كان لقاءً صريحًا لمست خلاله اهتمامه بتعميق العلاقات الثنائية، فنشأت بيننا صداقة مستمرة، وشاهدت رؤية الأمير محمد بن سلمان وهي مستقبلية للمملكة العربية السعودية وللمنطقة على صعيد الإصلاح الاقتصادي والثقافي والاجتماعي".
وأضاف "رأيت فيه الشاب الطموح المهموم بنهضة وطنه والمنطقة ومؤمن ببناء دولة عصرية تكون جزءًا من العالم المتحضر ولها تأثيرها وبصمتها في بناء التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كان يبحث عن مشتركات مع الجميع، وعنده لغة تصالحية وتكاملية مع الآخرين.. يستحق الأمير محمد بن سلمان الثناء لمثابرته وإخلاصه".
الكاظمي كشف أيضا أن بغداد شهدت أيضًا عقد لقاءات بين دول عربية ودول غير عربية، أسست لعلاقات وانفتاح بين دول كانت في حالة قطيعة، إلا أنه قال "لن أدخل في التفاصيل".