غضب ليبي بسبب تدخل واشنطن لعرقلة الانتخابات الرئاسية
بعد قصف حلف الناتو لليبيا وسقوط حكم الرئيس معمر القذافي عام 2011، دخلت البلاد في دوامة من الفوضى الأمنية والسياسية والإقتصادية بسبب غياب رئيس موحد للبلاد، ناهيك عن التدخل الخارجي السافر في الشأن الداخلي الليبي والذي أدى إلى ضياع ثروات البلاد من الذهب الأسود وإستمرار حالة الفوضى وفشل إجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يطمح لها قُرابة الثلاثة ملايين مواطن في ليبيا.
وبعد مرور أكثر من عقد على غياب حكومة ورئيس مُنتخب من قِبل الشعب كانت ليبيا على بعد خطوات من إجراء إنتخابات رئاسية في ديسمبر 2021 وفق مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف والذي رسم خارطة حل سياسي سلمي تنتهي بإنتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة، لكن هذا الإستحقاق لم يتم لأسباب عديدة أهمها التدخل الخارجي في البلاد.
حيث أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برئاسة الأمريكية ستيفاني ويليامز إنحازت عن مهامها الرئيسية وقررت أن تُنفذ أجندات واشنطن في البلاد عبر ضمان إستمرار الفوضى الأمنية والسياسية وعدم وصول الشعب الليبي إلى صناديق الإقتراع.
وفي ديسمبر 2021 قررت ستيفاني أن تُشعل خلاف على مناطق النفوذ بين الميليشيات المسلحة المدعومة من تركيا في العاصمة طرابلس وبالتالي توتر الوضع الأمني الأمر الذي إنتهى بإعلان المفوضية العليا للإنتخابات عن تأجيل الإستحقاق الإنتخابي إلى أجل غير مُسمى بسبب سوء الظروف الأمنية.
وها هي بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تعود من جديد بمبادرة لإجراء الإنتخابات بالتزامن مع توافق مجلس النواب الليبي والمجلس الاعلى للدولة على التعديل الدستوري الثالث عشر الذي عن طريقه ستتمكن البلاد من الوصول إلى صناديق الإقتراع أواخر العام الجاري، على عكس مبادرة بعثة الامم المتحدة التي لم تضع أي خطة واضحة لكيفية إجراء الإنتخابات ناهيك عن فقدان البعثة للمصداقية لدى أبناء الشعب الليبي.
أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الليبية فتحي السوكني قال: "إن سلمنا جدلًا بصحة وحسن نوايا مبادرة المبعوث الأممي عبد الله باثيلي، فإن ذلك يحتاج إلى عام آخر على أقل تقدير، بينما توافق مجلسي النواب والدولة الأخير يحتاج فقط إلى إستكمال بنوده وتشكيل لجنة 6+6 المنصوص عليها في التعديل الدستوري لإقرار قوانين إنتخابية جديدة توافقية".
الشكوك والجدل حول مبادرة عبد الله باثيلي سببها تركيزه على ضرورة وضع آلية لإدارة عائدات النفط الليبي دون الإلتفات إلى أسباب تأجيل إنتخابات ديسمبر 2021 من سوء الأوضاع الأمنية وتواجد الميليشيات والمرتزقة في العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى الدعم الغير مسبوق من قبل الولايات المتحدة الامريكية لهذه المبادرة مما يدل على وجود مخطط هدام غير مُعلن عنه.
الخبير والمحلل السياسي الليبي أحمد الصغير يرى أن تدخل دول الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية في الشأن الداخلي الليبي سبب رئيسي في فشل إجراء الإنتخابات حتى يومنا هذا، وكلما إقترب الشعب من صناديق الإقتراع تتدخل واشنطن عبر البعثة الأممية لعرقلة المسار السياسي السلمي.