بعد اقتراب زيارة «أردوغان» للقاهرة..
كواليس عقد صفقات اقتصادية ضخمة بين مصر وتركيا بوساطة قطرية
لا يتوقف الحديث خلال الأسابيع القليلة الماضية، عن التقارب المصري التركي والتي بدأت بزيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، بعد قطيعة دامت 10 سنوات.
ويرى البعض أن زيارة وزير خارجية تركيا لـ«القاهرة» تعد التحول الأكبر فى منطقة الشرق الأوسط لما له من آثار سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة، لا سيما استفادة الولايات المتحدة الأمريكية من هذا التقارب باعتبار مصر وتركيا أهم حلفائها الاستراتيجيين في المنطقة.
كواليس إنشاء مدينة صناعية تركية وقصة زيادة حركة السياحة من أنقرة
وعلمت «النبأ» أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ينوي زيارة مصر بعد عيد الفطر المبارك، وذلك بعد عقد عدد من اللقاءات الثنائية بين الأجهزة الأمنية في كلا الدولتين.
وأشارت مصادر رفيعة المستوى لـ«النبأ»، أن زيارة الرئيس التركي للقاهرة ستشهد عقد عدد من الصفقات الاقتصادية الضخمة بمشاركة دولة قطر الشقيقة.
9
مليارات دولار إجمالي حجم التبادل التجاري بين القاهرة وأنقرة بالإضافة إلى 2.5 مليار دولار استثمارات تركية في مصر.
تتمثل الزيارة في عقد قمة ثنائية بين الرئيس السيسي، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، يليها عقد عدد من اللقاءات الثنائية بين دبلوماسيين وهيئات اقتصادية لتوطيد العلاقات وتطوير حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.
وتتضمن زيارة أردوغان لـ«القاهرة» توقيع صفقات اقتصادية ضخمة تقدر بمليارات الدولارات، بالشراكة مع قطر ومنها توطين صناعة السيارات وإنتاج أول سيارة مصرية بأياد مصرية تركية قطرية، علاوة على إنشاء مدينة صناعية تركية في مصر، ومدينة للمنسوجات، علاوة على عقد لقاءات للعمل على زيادة حركة السياحة بين البلدين.
5 خلافات متصدعة تطل برأسها فى مشاورات التقارب المصرى التركى
ويصل حجم التبادل التجاري بين القاهرة وأنقرة مؤخرًا إلى 9 مليارات دولار، بالإضافة إلى حجم الاستثمارات التركية في مصر والتي تقدر بـ2.5 مليار دولار.
الملفات الخلافية
ويقف عدد من الملفات الخلافية بين مصر وتركيا، حائلًا بين التقارب المصري التركي، ومنها الملف الليبي الأكثر تعقيدًا والذي يتطلب بناء رؤية مشتركة بين البلدين، خاصة بعدما تبيّن عدم التزام أنقرة بشرط مصر بوقف التدخل في الشئون الداخلية للدولة الليبية ونزع السلاح، بالإضافة إلى الوضع في سوريا والعراق ومكافحة الإرهاب بهما.
كما يطل برأسه على طاولة المشاورات بين «القاهرة» و«أنقرة» ملف ترسيم الحدود البحرية وغاز شرق المتوسط، والموقف من جزيرة قبرص.
ومن جانبه قال مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي، أثناء زيارته لـ«القاهرة»، إن وجود تركيا داخل ليبيا لا يشكل خطرًا على مصر.
وأضاف أن اتفاقية الصلاحية البحرية المبرمة بين بلاده وحكومة طرابلس في ليبيا ليست ضد مصالح مصر، لافتًا إلى أن اتفاقية القاهرة مع اليونان أيضًا ليست ضد أنقرة.
وأوضح وزير الخارجية التركي، أن مصر راعت مصالح تركيا عندما أبرمت اتفاقيات بحرية مع اليونان، متابعًا: «مصر تعترض حاليًا على الاتفاقية مع حكومة طرابلس بحجة أن الحكومة الحالية في ليبيا لا يمكنها التوقيع على اتفاقيات، لأن ولايتها انتهت ولم تعد شرعية، وأن القاهرة لم تقل إن الاتفاقية الموقعة كانت ضدها».
وأردف: «القضية التي لا ترتاح لها مصر، هي وجودنا في ليبيا، ونحن نقول منذ البداية إن وجودنا هناك لا يشكل خطرا على مصر، وإن هذا التواجد جاء بناء على دعوة من الحكومة الشرعية في ذلك الوقت، ونصرح دائما بأن الوجود التركي في ليبيا ليس له أي آثار سلبية على مصر».
وأكد «أوغلو» أن أنقرة والقاهرة اتفقتا على مواصلة التشاور والتعاون الوثيق بشأن ليبيا، مشيرًا إلى أن مصر ترى أن الوجود التركي في ليبيا أو التعاون العسكري بين الجانبين لا يشكل تهديدًا لها.
أستاذ علوم سياسية: التقارب انفراجة بين البلدين لوضع العلاقات المصرية التركية فى المسار الصحيح
الأمر الآخر الذي أثار الجدل طويلًا ووقف كحائط سد منيع لفتح ملف التقارب المصري التركي خلال السنوات الماضية، ما يتعلق بأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الهاربين والذين اعتادوا مهاجمة النظام المصري ومعارضته دائمًا عبر «فضائيات الجماعة» التي تبث من إسطنبول.
المسار الصحيح
من جانبه يرى الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، أن زيارة الوزير التركي للقاهرة انفراجة جيدة في العلاقات بين البلدين لوضعها في مسارها الصحيح.
وأضاف، أن هذا التقارب سيغير معادلات الأمن والاستراتيجية والسياسية في الإقليم، وليس في منتدى غاز المتوسط فقط».
وتابع: «خاصة أن رسم أي سيناريوهات جديدة للعلاقات المصرية التركية سيمضي في سياقين، الأول نجاح تكتيكي في التوصل إلى تهدئة وتسكين الصراع في ليبيا والمضي قدمًا في تطوير العلاقات الاقتصادية الجيدة مع القبول التدريجي لعلاقات تركية مصرية حذرة، بخاصة من قبل مصر، والثاني العمل على استمرار التفاوض الدائم والمتقطع لبناء استراتيجية تفاوضية محسوبة من قبل الطرفين وبما يسمح بالفعل بالتحرك تجاه الملفات الثنائية والمتعددة ووفق مقاربة ثنائية وإقليمية».
واستكمل «فهمي» حديثه قائلًا: «القاهرة ستراعي بالفعل مسارات واتجاهات علاقاتها السياسية والاستراتيجية، ولن يكون التقارب على حساب ما جرى في نطاق المتوسط وخارجه، بل سيكون الأمر مرتبطًا باستراتيجية تفاعلية قائمة على فكرة المصالح المشتركة في المقام الأول».
2.9
مليار دولار حجم صادرات مصر لتركيا بزيادة 70.63% عن عام 2021 علاوة على ارتفاع حجم التبادل التجاري بنسبة 32.6%.
شريك استراتيجي
وفي نفس السياق، يقول السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن تركيا قررت إعادة حساباتها بعدما اشتدت عليها الأزمة الاقتصادية والمعارضة الداخلية، وأدركت أهمية كسب شريك استراتيجي لها في منطقة الشرق الأوسط وإنهاء العداء الواضح مع مصر.
دبلوماسى سابق: زيارة وزير خارجية أنقرة تظهر حسن النوايا ولا تعنى تجاوز الخلافات السياسية
وأضاف «هريدي» أن زيارة وزير الخارجية التركي تظهر حسن النوايا من جانب أنقرة، ورغبة «أردوغان» في توطيد العلاقات مع مصر».
وأوضح وزير الخارجية الأسبق، أن تلك الزيارة لا تعني تجاوز كل الخلافات السياسية، معقبًا: «ما يحدث يصب في سياق التهدئة الإقليمية وهو ما يحتاجه الشرق الأوسط حاليًا بعد سنوات من ثورات الربيع العربي».
فيما يرى الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، أن اللقاء سيكون بداية في إحداث انفراجة في العلاقات بين الدولتين وزيادة التعاون المشترك وتعزيز التقارب بينهما خلال الفترة المقبلة.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا ارتفع بنسبة 32.6% العام الماضي، حيث ارتفعت صادرات مصر لتركيا في 2021 بنسبة 70.63% مقارنة بالعام الذي قبله، وبلغت صادرات مصر لتركيا نحو 2.9 مليار دولار.