رئيس التحرير
خالد مهران

الرابحون والخاسرون من "حرب الرقائق" بين الصين والولايات المتحدة

النبأ

حظرت الصين استخدام الرقائق المصنعة من قبل شركة ميكرون الأمريكية لصناعة رقائق الذاكرة، وهو ما أثار المزيد من التوتر في سوق الرقائق العالمية، التي ينظر إليها بأنه الأكثر تضررا من اشتعال حرب الرقائق الدائرة بين الولايات المتحدة والصين.
ويعد القرار الأخير وما قبله من قرارات اتخذتها أمريكا لتقييد وصول بكين إلى التكنولوجيا الفائقة بمثابة تذكير صارخ بالمخاطر التي تواجه صناعة الرقائق العالمية وسط التوترات التجارية المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة.
وقالت إدارة الفضاء الإلكتروني الصينية إن منتجات "ميكرون" تشكل "مخاطر أمنية جسيمة على الشبكة"، وتهدد البنية التحتية للمعلومات في الصين وتؤثر على الأمن القومي. وردت واشنطن بأنها ستعمل مع الحلفاء لمعالجة "تشويه أسواق رقائق الذاكرة بسبب تصرفات الصين".
--خلفية
قرار بكين ضد  أكبر شركة لتصنيع رقائق الذاكرة في الولايات المتحدة جاء بعد يوم واحد فقط من موافقة مجموعة الدول السبع الغنية على بحث ما سمته عن " إنهاء المخاطر والاكراه الاقتصادي" من جانب الصين دون أن يسمها بيان المجموعة المشترك بالاسم.
وتعد شركة ميكرون، التي تصنع رقائق ذاكرة فلاش ناند ودرام، أول شركة أمريكية لتصنيع الرقائق تستهدفها بكين بعد أن أعلنت واشنطن خلال العام الماضي عن سلسلة من ضوابط التصدير لمنع استخدام بعض الرقائق في تعزيز القدرات العسكرية للصين.
وقبل أيام قليلة من حظر الصين لميكرون، أعلنت شركة ميكرون عن خطة لاستثمار ما يصل إلى 500 مليار ين (3.7 مليار دولار) في اليابان لتصبح أول شركة لتصنيع الرقائق تقدم تقنية صناعة الرقائق المتقدمة إلى اليابان. وتسعى طوكيو جاهدة لتنشيط قطاع الرقائق، بينما تحث الولايات المتحدة حلفاءها بشكل متزايد على العمل معا لمواجهة الصين وتقييد تطوير التكنولوجيا المتقدمة بها.
وقالت شركة ميكرون، التي حققت حوالي 11٪ من إيراداتها من مبيعات الرقائق في البر الرئيسي للصين في العام المالي الماضي، إنها تتطلع إلى مواصلة المشاركة في المناقشات مع السلطات الصينية، دون التعليق على ما إذا كان قرار بكين قد يؤثر أيضا على خطط الشركة الاستثمارية في اليابان بأي شكل من الأشكال.
--الخاسر والرابح
قد تفيد هذه الخطوة المنافسين الرئيسيين لميكرون وخاصة الشركات الكورية الجنوبية المتخصصة في تصنيع تلك الانواع من الرقائق على المدى القريب.
قد تكون خطوة بكين أثارت أعصاب شركتي سامسونغ وأس كيه هاينكس الكوريتين مع اشتداد حرب تكنولوجيا المعلومات بين الولايات المتحدة والصين. وتنتج سامسونغ 40 في المائة من إنتاجها من رقائق الفلاش ناند في مدينة شيان الصينية، بينما ينتج مصنع مدينة ووشي التابع لشركة أس كيه هاينكس 40 في المائة من رقائق درام و20 في المائة من إنتاج رقائق الفلاش ناند.
وبموجب التشريعات الحمائية الأخيرة في الولايات المتحدة، كانت هناك مخاوف من أن تضطر الشركتان الكوريتان إلى إغلاق مصانعهما في الصين خلال السنوات العشر القادمة. وبموجب قانون الرقائق والعلوم، يتعرض صانعو الرقائق الذين يتلقون إعانات أمريكية لضغوط لنقل منشآتهم الإنتاجية خارج الصين، لكن الشركات الكورية فازت بفترة سماح  لمدة عام للاحتفاظ بمصانعها ما دام أنها لا تبني منشآت جديدة هناك.
وشركة ميكرون لا تصنع الرقائق في الصين في حين أن الشركات الكورية لديها مصانع إنتاجية هناك وتبدو أكثر أمانا في الوقت الحالي. فالصين يمكن أن تحد من مبيعات المنتجات المصنوعة في المصانع خارج حدودها بدعوى مخاوف أمنية، لكن سيكون بإمكانها استخدام المنتجات المصنوعة داخل حدودها، وهو ما سيصب في مصلحة الشركات الكورية الجنوبية.
ومنحت الولايات المتحدة سامسونغ وأس كيه هاينكس فترة سماح لمدة عام واحد عندما حظرت تصدير معدات تصنيع أشباه الموصلات عالية التقنية إلى الصين في أكتوبر الماضي.
ولكن الرياح قد تأتي بما لا تشتهي السفن حيث يحذر مطلعون على الصناعة: "إذا حظرت الولايات المتحدة تصدير المعدات المتطورة التي يتم تصنيعها في كوريا، فقد تواجه سامسونغ واس كيه مشاكل في ترقية منشآتها الإنتاجية في الصين ويمكنهما بعد ذلك إنتاج رقائق بالمستوى الحالي للتكنولوجيا  سرعان ما تصبح عفا عليها الزمن".
وطلب البيت الأبيض من كوريا الجنوبية حث صانعي الرقائق، أكبر منتجي شرائح الذاكرة في العالم، على عدم سد أي فجوة في السوق في الصين إذا تم تقييد بيع منتجات ميكرون، وفقا لتقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز الشهر الماضي.
وفي الصورة العامة، يرى المحللون أن الحرب بين الجانبين في هذا المجال على المدى الطويل لن تساعد أي طرف. ويتوقع أن تلقي التوترات الجيوسياسية المتزايدة بظلالها على الصناعة حيث تحتاج الشركات إلى التغلب على حالات عدم اليقين المتزايدة التي قد تؤثر على الاستثمار وإدارة سلسلة التوريد، إذ يتفق المراقبون على أن مثل هذه السياسات المتبادلة ستجعل قرارات الاستثمار صعبة في هذا المجال.
وفي ضوء التكلفة الهائلة لانشاء مصانع رقائق جديدة قد تظهر طرق ملتوية لاستيراد رقائق الذاكرة ردا على أي ضغط جيوسياسي إضافي.