رئيس التحرير
خالد مهران

خطة الدولة لحل أزمة عجز الأطباء والمعلمين بتقليل سنوات الدراسة بالكليات

خطة الدولة لحل أزمة
خطة الدولة لحل أزمة عجز الأطباء والمعلمين بتقليل سنوات الدرا

أستاذ جامعى: تقليل سنوات الدراسة بكليات التربية إلى 3 تأثيره سيكون سلبيًا

عضو هيئة تدريس: الدولة تعالج مشكلة عجز المعلمين بمشكلة أكبر وهى خلق خريجين غير مؤهلين

أستاذ بجامعة حلوان يطالب الوزارة بالاقتداء بتجربة فنلندا فى إلزام خريجى كليات التربية بالحصول على دراسات عليا للتعيين

أستاذ جامعى: الحل لن يكون بتسليم مهمة التدريس لطلاب غير مؤهلين ولكن يمكن إلزام الخريجين بالتدريس لمدة عام داخل المدارس للحصول على الشهادة

أستاذ جامعى: يجب ألا نغامر بمستقبل أجيال بسبب قصور الدولة فى توفير موازنات لائقة لتعيين مدرسين جدد

«حمزة»: يجب إعادة تكليف الأطباء والمعلمين للتعيين لحل أزمة العجز جذريًا

 

لم تلق قرارات المجلس الأعلى للجامعات، خلال اجتماع الأخير، بشأن تقليل سنوات الدراسة لطلاب كليات الطب والجراحة لـ5 سنوات، علاوة على زيادة فترة التدريب الميداني لطلاب كليات التربية بالمدارس، استحسان خريجي كليات الطب والصيدلة والتربية، معتبرين أنها بمثابة «حائط سد» يحول بين حقهم في الحصول على وظيفة حكومية بعد سنوات دراسة طويلة، رغم العجز الذي تعانيه تلك القطاعات.

قرارات الأعلى للجامعات كشفت عن خطة الدولة في سد عجز الموظفين في قطاعي الصحة والتعليم، فهل هذه الخطوة كافية لسد عجز الذي يعانيه هذان القطاعان؟ أم أنه استغناء عن فتح باب التعيينات أمام الخريجين؟ وماذا عن تأثير تلك القرارات؟ وهل هناك مقترحات أفضل لحل الأزمة حلًا جذريًا؟

وشملت قرارات المجلس الأعلى للجامعات، أن يكون التدريب إجباريًا لمدة عامين لطلاب كليات الطب والجراحة، وإقرار اللائحة الموحدة لسنة التدريب الإجباري للصيادلة بدءًا من العام الدراسي المقبل 2023-2024، فضلًا عن الموافقة على إعادة هيكلة برنامج إعداد المعلم بكليات التربية لزيادة فترة التدريب الميداني لطلاب كليات التربية بالمدارس، لتكون سنوات الدراسة 3 أعوام دراسية، على أن يتم تدريب الطلاب سنة إجباريًا بالمدارس.

قرارات رسمية

موافقة المجلس على إعادة هيكلة برنامج إعداد المعلم بكليات التربية، وزيادة فترة التدريب، سبقتها خطوات عدة أعلنت عنها بعض كليات التربية في عدد من الجامعات الحكومية، كخطوة نحو سد عجز المعلمين المستفحل داخل المدارس، وفقًا لما أعلنته تلك الكليات، وأنها جاءت بعد مناقشات بين وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، والتعليم العالي والبحث العلمي، وبعض الجامعات.

وزير التعليم العالي

نقطة البداية

24 أكتوبر 2022، سبقت جامعة القاهرة، الجامعات كافة نحو خطوة تقليل سنوات الدراسة بكلية التربية إلى 3 سنوات، ووجه رئيس الجامعة، الدكتور محمد عثمان الخشت، عميد كلية الدراسات العليا للتربية، الدكتورة إيمان هريدي، بالتنسيق مع عمداء كليات التربية النوعية والطفولة المبكرة بالجامعة، لوضع مقترح لائحة جديدة تكون نظام الدراسة بها 3 سنوات بالإضافة إلى سنة تدريبية داخل المدارس.

ولم تُخف وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي، أن تعديلاتها على لوائح كليات التربية، جاءت في سبيل سد عجز المُعلمين، ولذلك تيقن الجميع أن قرارات تعديل لوائح كليات الطب والجراحة والصيدلة، جاءت لنفس الغرض ذاته، وإنها بمثابة إعلان لخطة الدولة نحو سد عجز الموظفين في قطاعي الصحة والتعليم.

110

آلاف طبيب مصري هاجروا خارج البلاد ليعملوا في الخارج بسبب الرواتب الزهيدة وفقًا لآخر إحصائيات حسب تصريحات الخبير التربوي مجدي حمزة.

مقترح غير سليم

من جانبه يرى الدكتور وائل كامل، عضو هيئة التدريس بكلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان، إن تقليل سنوات الدراسة بكليات التربية إلى 3 بدلًا من 4 سنوات، على أن تكون السنة الرابعة تدريبا ميدانيا بحجة تعويض نقص عدد المعلمين في المدارس، مقترح غير سليم وغير مدروس وتأثيره سيكون سلبيًا في اتجاهين.

وأضاف أن الاتجاه السلبي الأول، يتمثل في خلق خريج غير مؤهل بالقدر الكافي بسبب ضغط محتوى مناهجه على  ثلاثة سنوات فقط بدلًا من أربعة، في حين أن الاتجاه الثاني يتبلور في تحميل الطلاب مسؤولية تعليم أجيال ومستقبلهم وهو مازال بمرحلة تدريب بتعليم منقوص؛ لاسيَّما وأن مناهجه تم اختصارها وبالتالي ينقصه الكثير جدًا؛ ليستطيع تحمُل مسؤولية تعليم أجيال هذا الوطن.

الدكتور وائل كامل

وتابع: «المعنيون بالأمر يعالجون مشكلة عجز المعلمين بالمدارس، بمشكلة أكبر وهي خلق خريجين غير مؤهلين، بدلًا من أن تقوم الوزارة بتقليد فنلندا التي حققت طفرة فى مستوى تعليم شعبها، من خلال اشتراط حصول خريج كلية التربية على دراسات عليا وتدريب كافٍ لتعيينه معلمًا، بل اتجه القائمون على حل الأزمة في مصر، إلى اختصار مدة سنوات الدراسة وإضعاف مستوى خريجين التربية».

خدمة مدنية

واختتم الدكتور وائل كامل حديثه، مع «النبأ الوطني»، أن الحل الأمثل للخروج من تلك الأزمة، وحل مشكلة عجز المعلمين بالمدارس، ولو جزئيًا، يكمن في وضع شرط بعد التخرج شأن الخدمة المدنية للعمل عام دراسي بإحدى المدارس، كشرط للحصول على شهادة التخرج، قائلًا: «يجب ألا نغامر بمستقبل أجيال وتشكيل فكرهم بسبب قصور الدولة في توفير موازنات لائقة لتعيين مدرسين بمدارسها التي تعاني من نقص؛ فهناك فقه الأولويات يجب أن يتم مراعاته».

عجز صارخ

بينما يرى الدكتور مجدي حمزة، الخبير التربوي وعضو هيئة التدريس بإحدى الجامعات الحكومية، أن قرار زيادة سنوات تدريب طلاب كليات الطب والجراحة إلى عامين، خطوة محمودة، ولكنها بديل سريع لهجرة الأطباء وحل أزمة عجزهم داخل المستشفيات، وستمنح الطلاب خبرة أكبر في الممارسة العملية، لاسيَّما وأنها المَحك الأساسي في الاحتياج لسوق العمل.

300

ألف معلم إجمالي عجز المعلمين داخل المدارس بمختلف التخصصات وهو ما أجبر الدولة على تدريب طلاب كلية التربية بالمدارس لسد العجز.

وأضاف أن الدولة تعاني من عجز صارخ في الموظفين شمل كل القطاعات على رأسها قطاع التعليمي والصحي، والذي يعاني من عجز كبير جدًا في أعداد الأطباء، هذا ما دفع وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات بالتعاون مع وزارة الصحة، تقليل عدد سنوات الدراسة في كليات الطب والجراحة، وتطبيق قرار إضافة سنة امتياز لطلاب كليات الصيدلة إجباريًا؛ لسد العجز الصارخ بالمستشفيات الحكومية من الأطباء، لاسيَّما وأن هناك هجرة من الأطباء إلى الخارج، للدرجة التي بلغ فيها عدد الأطباء المهاجرين إلى 110 آلالف طبيب وفقًا لآخر إحصائيات، لأن الرواتب زهيدة جدًا.

وأوضح «حمزة» أن قرار الأعلى للجامعات بشأن كليات الطب والصيدلة، جاء على غرار تدريب طلاب كليات التربية، لاسيَّما بعد إلغاء التكليف من كليات التربية، الأمر الذي جعل أن التدريب لم يكن تدريبا كافٍيا للطلاب، فتدريب طلاب كلية التربية بالمدارس، يعتبر أقوى احتكاك لهم بالتلاميذ، وإنما إلى حد ما سيسد بعض جوانب العجز، خصوصًا وأن العجز في المدارس يعادل حوالي 300 ألف معلم في مختلف المراحل التعليمية.

الدكتور مجدي حمزة

حلول مؤقتة

ويقول: «رغم أن فكرة زيادة سنوات التدريب، أو تقليل سنوات الدراسة مع التدريب الإجباري لطلاب كليات الطب والصيدلة والتربية، خارج الصندوق، إلا أنها لن تسد عجز الموظفين سواء في المدارس أو المستشفيات، كليًا، أتمنى أن يتم التفكير بصورة جيدة في القضاء على العجز في قطاعي التعليم والصحة بشكل جذري والقضاء عليه نهائيًا؛ لأنه سيكون له نتيجة وثمرة إيجابية جيدة».

وأضاف «حمزة» لـ«النبأ»، أن يكون هناك خطة واضحة المعالم، على أن تكون خطة ثلاثية أو خمسية للقضاء على العجز كليًا، وألا يتم التعامل مع الأزمة بالقطعة، بمعنى أنه عندما يحدث عجز في قطاع بعينه تبدأ الجهات المعنية في التفكير، لكن الأفضل أن يتم وضع خطتين أحدهما طويلة المدى وأخرى قصيرة المدى، لسد العجز خلال فترة زمنية معينة، وأن تكون تلك الخطة مُعلنة وأنه في عام بعينه سيتم القضاء على العجز في المعلمين بالمدارس وعجز الأطباء، لاسيَّما وأن هذين المجالين أكثر احتكاكًا بالمواطن احتكاكًا مباشرًا.

يقترح الدكتور مجدي حمزة، حلًا آخر، وإن كان مؤقتًا أيضًا لحل الأزمة، والذي يتمثل في إعادة توزيع المعلمين والأطباء، في بعض المناطق، خصوصًا وأن بعض المناطق مكدسة بالأطباء وأخرى تعاني من عجز، الأمر ذاته ينطبق على المعلمين بالمدارس؛ لاسيَّما وأن مدارس ومستشفيات الصعيد وسيناء والمحافظات النائية تعاني من عجز كبير في الأطباء، بخلاف تكدسهم في محافظات القاهرة والوجه البحري، إلا أن كل هذه الحلول عبارة عن مسكنات.

حل جذري

ويختتم «حمزة»، حديثه مع «النبأ الوطني»، بأنه لا بد من إيجاد حل جذري ودائم لأزمة عجز المعلمين والأطباء، من خلال إعادة التكليف من وزارة الصحة للأطباء بالتعيين فورًا، وزيادة الطاقة الاستعابية لكليات الطب والصيدلة في مختلف الأقسام، وزيادة رواتب الأطباء لمنع هجرتهم خارج مصر، وإعادة التعيينات لخريجي كليات التربية ورغم أن هذا الحل سيأخذ وقتًا؛ إلا أنه بعد عامين أوثلاثة أعوام سنرى ثمرته، هذه هي الحلول التي يمكننا أن نقدمها للحكومة، مُضيفًا أنه لا توجد خطة واضحة من الدولة لحل الأزمة، ولكن لا بد من تدخل مجلس النواب في المسألة ومحاولة وضع خطة لحل الأزمة.