بالإغراء والتهديد.. روسيا تحاول تفادي تعبئة عامة جديدة
تعمل روسيا على تطبيق مجموعة من التكتيكات لإغراء الرجال، أو إجبارهم، على الالتحاق بالجيش، لدعم دفاعاتها في أوكرانيا دون اللجوء إلى تعبئة عسكرية جديدة.
وبعد 15 شهرًا على بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، يواجه القادة الروس وعلى رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين مشكلة كانوا يأملون بتجنبها، وهي نقص المقاتلين، مع زيادة أعداد القتلى بسبب احتدام المعارك وبدء أوكرانيا هجومها المضاد بأسلحة غربية متطورة.
إغراء وتهديد
وتتبع روسيا أسلوبين في إغراء الرجال للانضمام لصفوف الجيش، أولهما إقرار مكافآت للمنضمين الجدد، وثانيها معاقبة المتهربين من الخدمة العسكرية الإلزامية، وفقًا لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال".
ومنذ بدء الحرب في فبراير2021، خسرت روسيا حسب التقديرات الأمريكية 100 ألف مقاتل، لكن وزارة الدفاع الروسية أعلنت مقتل قرابة 6 آلاف جندي فقط، في آخر إحصائية رسمية نشرت في يناير الماضي.
وتقول الباحثة السياسية دارا ماسيكوت، "الخسائر في صفوف الجيش الروسي كبيرة جدًا، والقيادة تدفع بكل السبل لتعويض النقص وتسليح المزيد من الشباب". وتضيف ماسيكوت، الناس في روسيا مرهقون جدًا وليس لديهم القدرة البشرية لتلبية حاجة الجيش الروسي من المقاتلين الجدد.
ويسعى بوتين، لحشد مزيد من الرجال، دون تنفير الشعب في روسيا، على غرار التعبئة السابقة التي أثارت احتجاجات في موسكو ومدن روسية أخرى.
وفي ينايرالماضي، وضعت وزارة الدفاع خططًا لزيادة حجم قواتها المقاتلة إلى حوالي 1.5 مليون فرد بحلول 2026، مقارنة بـ 1.15 مليون في الوقت الحالي. ولتحقيق الهدف، واكبت روسيا خطتها بدعايات ترفع الروح الوطنية بين الروس، وبمغريات مادية ورواتب أعلى من المتوسط ومزايا أكثر للمنضمين الجدد إلى صفوف القوات المسلحة.
ترويج
وفي أبريل الماضي، انتشر عدد كبير من اللوحات الدعائية في أرجاء روسيا تدعو الرجال للتخلي عن وظائفهم العادية كسائقي سيارات أجرة، أو حراس أمن، وإثبات أنهم "رجال حقيقيون" من خلال الانضمام للجيش، مقابل 2500 دولار أمريكي شهريًا، إلى جانب مزايا إضافية لعائلاتهم.
وتزامن مع دعوة وزارة الدفاع ظهور محطات توظيف متنقلة في محطات المترو في موسكو وفي أرض المعارض في تشيبوكساري، وهي مدينة في غرب روسيا على نهر الفولغا.ويقول مسؤولون كبار، إن هذا الجهد يؤتي ثماره. وقال ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، الشهر الماضي في اجتماع حول التجنيد العسكري، إن أكثر من 117،000 شخص وقعوا عقودًا للخدمة في الجيش الروسي منذ يناير الماضي.
والأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم الرئاسة ديمتري بيسكوف للصحفيين، نبلّغ الرئيس بوتين يوميًا عن رغبة الكثيرين من الشباب الروس بالانضمام إلى صفوف الجيش.
وتشكل هذه الإغراءات الحكومية بالنسبة لبعض الرجال الروس خاصة من هم في سن القتال، خيارًا أكثر جاذبية من التجنيد في الجيش النظامي.ويزداد تجاوب الروس للتجنيد مع تعرض بلادهم لهجمات من أوكرانيا خلال الآونة الأخيرة، ومع ارتفاع أصوات السياسيين والنقاد البارزين المطالبين بحشد عسكري أوسع.
وأوضح ديمتري روجوزين، وهو سياسي قومي ورئيس سابق لمؤسسة الفضاء الحكومية، أنه يعتقد أن هناك حاجة إلى موجة ثانية من التعبئة، وكتب على تلغرام الشهر الماضي، أنه "كان ينبغي تنفيذها في ديسمبر ثم في مارس ".
تشكيك
ويشكك محللون عسكريون روس مطلعون على مسار الصراع بشأن ما إذا كان بإمكان بوتين حشد ما يكفي من القوات دون أن يأمر بتعبئة أخرى.
ويقول المحللون، إن توقيع المكافآت والرواتب الجذابة لا تحقق المطلوب لتعويض النقص الناتج عن الخسائر المدمرة في ساحة المعركة، في حين أن القمع المتزايد، بما في ذلك أحكام السجن للأشخاص المتهمين بتشويه سمعة الجيش، تؤكد ارتفاع حجم الرافضين للانضمام إلى صفوف القوات المسلحة.
ويقول مراقبون عسكريون أيضًا إنه حتى لو تمكنت روسيا من العثور على قوات إضافية للدخول في الحرب، فإن جيشها يفتقر إلى المرافق اللازمة لتحويل المجندين الجدد إلى جنود متمرسين وإلى الإمدادات اللازمة لتسليحهم. ويقولون إن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 10000 ملازم ماهر لكل 100000 جندي، وهو أمر بعيد عن متناول الجيش في الوقت الحالي.
والنتيجة هي أنه في حين أن السلطات الروسية توسع نطاق الامتيازات لأولئك الذين يتطوعون، فإنها تعمل أيضًا على تضييق الثغرات، وإزالة الإعفاءات لتوسيع مجموعة المجندين المحتملين، كما يقول المحللون، سواء كانوا يريدون الانضمام أم لا.
وقال أليكسي بريانيشنيكوف، المدافع عن حقوق الإنسان الذي كان يتابع حملة التجنيد في روسيا، "بعد أن رأت السلطات كيف كان رد فعل المجتمع ككل على التعبئة الجزئية التي تم الإعلان عنها في سبتمبر 2022 تدرك جيدًا أنه من الخطر تنفيذ تعبئة أخرى".
وفي ظل عدم تأمين الأعداد المطلوبة من المقاتلين، تقوم شركات الأمن الخاصة مثل فاغنر بتعويض بعض النقص. وتقوم بعض أكبر الشركات الحكومية الروسية الآن بتجنيد مقاتلين لإرسالهم إلى منطقة الصراع، بما في ذلك شركة "روسكوزموس"، مؤسسة الفضاء الحكومية.