الموت جوعا في أحضان الأم.. مأساة إنسانية في كوريا الشمالية
"كيف يمكن لأم أن تقتل ابنها وهو في أحضانها؟، هكذا لخّص مواطنون من كوريا الشمالية معاناتهم داخل الدولة التي تفرض سياجًا هائلًا من السرية على حياة مواطنيها.
نجحت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في اختراق هذا السياج الحصين، وأجرت مقابلات مع 3 مواطنين في كوريا الشمالية، حيث كشفوا عن ظروف معيشية مروّعة، تجعلهم ينتظرون الموت بدلًا من الاستمتاع بالحياة.
وقالت "بي بي سي": "على مدار أشهر، أجرينا مقابلات سرية مع 3 مواطنين في كوريا الشمالية، حيث شرحوا لنا حجم الكارثة التي يعانون منها، جرّاء إغلاق حدود الدولة منذ أكثر من 3 سنوات".
وأشارت إلى أن العناصر الثلاثة التي تسيطر على حياة المواطنين في كوريا الشمالية وتجعلها تشبه الجحيم هي الجوع، القمع الوحشي، ولا فرصة للهروب من هذه الأوضاع المأساوية.
ونقلت بي بي سي عن مواطنة كورية قولها إنها تحاول كسب قوت يومها من خلال عمل تجاري يقوم على بيع الأدوية، وأنه لا سبيل أمامها في ذلك سوى التهريب، والحصول على تلك الأدوية من الخارج، وأنها تضطر أحيانًا لدفع رشى كي تتجنب دخول السجن بتهمة انتهاك القانون، وتهريب مواد محظورة من الخارج.
ولا يقتصر الأمر في الدولة التي يحكمها نظام كيم جونغ أون على ذلك، بل يصل إلى صعوبة الحصول على الطعام أيضًا، حيث قالت ميونغ سوك، المواطنة الكورية الشمالية إن الوضع لم يكن أسوأ مما هو عليه الآن، في ظل الإغلاق الذي تفرضه السلطات.
من جانبه، قال تشان هو، وهو مواطن يعمل في مجال البناء،: "أود أن أبلغ الجميع أنني نادم على مولدي في كوريا الشمالية.
وأشار في حديثه مع "بي بي سي" إلى إنه يعمل لساعات طويلة في مجال البناء، وهو عمل شاق للغاية، ولا يحصل سوى على ما يعادل 4 دولارات يوميًا، وهو مبلغ لا يكفي لشراء كيلو غرام واحد من الأرز.
وقال إن الأسواق في كوريا الشمالية تبدو خاوية الآن، في ظل إغلاق الدولة ومنع الاستيراد، ما تسبب في ارتفاع كبير في أسعار الأرز والحبوب والأطعمة الأساسية الأخرى، وبالتالي فإن المواطنين يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على الطعام، ما يدفع قطاعًا عريضًا منهم نحو الجوع، في ظل عدم كفاية الإنتاج الزراعي لاحتياجات السكان.
ونقلت بي بي سي عن تشان هو قوله: "في البداية كنت خائفًا من كوفيد 19، ولكنني الآن خائف من الموت جوعًا، خاصة وأنا أرى من حولي يموتون بتلك الطريقة".
نفس المعاناة تعيشها سيدة أخرى في كوريا الشمالية، حيث تضطر إلى سرقة بعض الخضروات والفواكه من المتجر الذي تعمل به لبيعها في السوق، بينما يبيع زوجها السجائر المهربة أيضًا، ولا يكفي ذلك على الإطلاق لإطعامهما رفقة طفليهما.
وأشارت إلى أنها تعتمد في الوجبة الوحيدة التي تتناولها يوميًا على خليط من النباتات والأعشاب والخضروات، وهي وجبة شعبية كانت منتشرة في أسوأ مراحل كوريا الشمالية تاريخيًا، والتي شهدت وفاة 3 ملايين شخص إثر المجاعة التي شهدتها في التسعينيات