بالمستندات.. إهدار 78 مليون جنيه على مشروعات وهمية داخل وزارة الثقافة
أنفقت الدولة خلال السنوات الماضية مبالغ مالية ضخمة على الثقافة في مصر من أجل رعاية الفن والتراث وبناء الإنسان ثقافيًا وحضاريًا، وتعزيز قيم المواطنة وتعميق الولاء والانتماء للهوية المصرية٬ والارتقاء بشتى المجالات الثقافية والفنية بشكل إبداعي مبتكر وتنمية الموهوبين والمبدعين، فضلًا عن دعم الصناعات الثقافية ونشرها دون تمييز تحقيقًا للعدالة الثقافية، إضافة إلى تعزيز مكانة قوة مصر الناعمة وتحقيق ريادتها على الخريطة الثقافية العالمية.
وبالرغم من جهود الدولة في ملف الثقافة في مصر إلا أن جزء كبير من المبالغ المالية الموجهة لهذا القطاع، شابه الفساد والإهدار مما أضاع على الدولة فرصة الاستفادة بهذه المبالغ في الأغراض المخصصة لها، وفي إطار ذلك تم رصد مخالفات مالية بنحو 78 مليون جنيه في دار الأوبرا المصرية والهيئة العامة لدار الكتب، حسب تقرير رقابي صادر في هذا الشأن.
في البداية كشف التقرير الرقابي، -الذي حصلت «النبأ» على نسخة منه- عن إهدار دار الأوبرا المصرية أكثر من 54 مليون جنيه في ترميم وإعادة تأهيل مسرح المنصورة القومي.
وقال التقرير إنه تبيّن عدم الانتهاء من أعمال ترميم وإعادة تأهيل مسرح المنصورة القومي، الأمر الذي أدى إلى عدم الاستفادة من المنحة المقدمة من سلطنة عمان، والتي بلغت نحو 54.577 مليون جنيه منذ وصولها عام 2014 لهذا الغرض، فضلًا عن استنفاذ جانب كبير منها دون تحقيق الهدف منها.
وأوضح التقرير أنه تبيّن أيضًا قيام دار الأوبرا المصرية بالتعاقد مع إحدى شركات المقاولات لاستكمال أعمال الترميم بمسرح المنصورة القومي، وتم تسليم الشركة موقع المشروع منذ سنوات، إلا أنها تقاعست عن تنفيذ الأعمال وتماطل في الانتهاء من هذا المشروع الضخم، مما ترتب عليه صرف مبالغ ضخمة وأعباء مالية زائدة.
وأكد التقرير أنه ظهرت مشاكل ومعوقات أدت إلى توقف العمل بالمشروع، الأمر الذي ترتب عليه صرف نحو 8.639 مليون جنيه مقابل إيجار شهري للشدة المعدنية الداعمة للمبنى، هذا بخلاف قيمة الأعمال المنفذة التي لم يتم استكمالها والاستفادة بها والتي بلغ ما أمكن حصره منها نحو 536 ألف جنيه.
وأشار التقرير إلى حصول الشركة المنفذة للمشروع على أتعاب الإشراف والاستشارات الهندسية بنحو 1.360 مليون جنيه نتيجة قيام دار الأوبرا بالتعاقد مع أحد قطاعات الشركة للقيام بأعمال التصميم وإعداد الرسومات الهندسية وكذا وضع المقايسات وتحديد القيمة التقديرية لأعمال الترميم وإعادة التأهيل للمسرح وذلك بدلًا من إعدادها عن طريق الفنيين بدار الأوبرا أو إسنادها لجهة فنية محايدة، والمفاجأة هي أن الشركة لم تلتزم بتقديم الرسومات والتصميمات النهائية بالمخالفة لشروط التعاقد.
وأكد التقرير الرقابي أنه تم تشكيل لجنة فنية من مهندس ومسئولين دار الأوبرا المصرية، وبحضور عضو الجهاز المركزي للمحاسبات للمرور الظاهري والمعاينة على الطبيعة، وتبيّن لها أن العمل متوقف على الرغم من عدم وجود معوقات أو موانع تمنع التنفيذ، كما لم تتمكن اللجنة من تحديد سلامة العناصر الإنشائية للمبنى والأساليب المطلوبة للصب والتدعيم للمبنى، وعدم القدرة على تحديد مدى الحاجة إلى الشدات المعدنية أو إمكانية تخفيضها أو تركيزها على بعض العناصر الإنشائية.
ولفت التقرير إلى أن الجهاز المركزي للمحاسبات طالب بإجراء التحقيق اللازم بشأن عدم الاستفادة من المنحة المذكورة واستنزاف جانب كبير منها دون تنفيذ فعلي للأعمال، وتشكيل لجنة فنية من الجهات المختصة لإعداد تقرير فني مستقل ومحايد عن السلامة الإنشائية للمبنى وجدوى أعمال الترميم واتخاذ الإجراءات اللازمة قبل الشركة المنفذة.
كما تطرق التقرير الرقابي إلى واقعة إهدار 24 مليون جنيه بمعرفة الهيئة العامة لدر الكتب في مشروع إنشاء مبني الفسطاط الذي لم يتم تنفيذه، حيث تبيّن صرف 1.128 مليون جنيه على تسوية موقع المشروع، وصرف 22.500 مليون جنيه دفعة مقدمة للمقاول، ثم كانت المفاجأة بتوقف المشروع بسبب عدم الحصول على الموافقات اللازمة من المجلس الأعلى للآثار.
وقال التقرير الرقابي إنه في الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية تبيّن عدم الاستفادة من مشروع إنشاء مبنى الفسطاط وبلغ ما أمكن حصره من تكلفة على بعض الأعمال التي لم يتم الاستفادة منها نحو 22.500 مليون جنيه، مما يمثل تعطيلًا للمال العام لعدة سنوات، حيث بدأت الجهة المنفذة في رد الدفعة المقدمة على دفعات بعد تحميل الهيئة بكافة الضرائب والدمغات التي تم خصمها من الدفعة المقدمة، فضلًا عن وجود فروق مستحقة للهيئة لم تقم الجهة التي تم التعاقد معها بردها إلى الهيئة دون مبرر.
وبحسب التقرير، طالب الجهاز المركزي للمحاسبات من الهيئة العامة لدار الكتب تحديد المسئولية وإجراء التحقيق في التعاقد والطرح دون الحصول على الموافقات اللازمة لإتمام المشروع، وقيد المبالغ المستحقة بحسابي الديون المستحقة للحكومة وتسوية مطلوبات الحكومة تمهيدًا لتحصيلها.