حقيقة تورط «فاغنر» في انقلاب النيجر وسيناريو تكرار «الأزمة الروسية الأوكرانية» في إفريقيا
تتهم الولايات التحدة الأمريكية وحلفاؤها في الغرب والشرق روسيا ومجموعة فاغنر بالوقوف وراء الانقلاب العسكري الذي حدث في النيجر، رغم أن موسكو طالبت في بداية الانقلاب بالعودة السريعة إلى النظام الدستوري في النيجر.
لكن روسيا رفضت أي تدخل عسكري في النيجر، معتبرة أن ما يجري شأن داخلي لا ينبغي على الدول أن تتعاطى معه.
ورأت موسكو، أن التدخل الأجنبي لن يسمح بحل الأزمة.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف "من غير المرجح أن يسمح تدخل قوات من خارج المنطقة بتحسن الوضع" داعيا في الوقت ذاته إلى "العودة سريعا إلى النظام الدستوري".
وعقب الانقلاب مباشرة، انطلقت مسيرات رفع خلالها المتظاهرون شعارات موالية لروسيا والعلم الروسي، من بينها "تعيش روسيا!"، "يعيش بوتين"، "تسقط فرنسا!".
وذكر تقرير نشره موقع "نيوز ري" الروسي أن شروع عدد من الدول في ترحيل رعاياها من النيجر يعزز المخاوف من اندلاع حرب طاحنة في هذا البلد الأفريقي، لافتا إلى أنه في حال قررت نيامي موالاة روسيا، فذلك سيعزز نفوذ موسكو في القارة السمراء.
وقال الموقع الروسي إن فرنسا وألمانيا شرعتا في إجراءات إجلاء مواطنيها من النيجر، كما اقترحت باريس إجلاء جميع مواطني دول الاتحاد الأوروبي الراغبين في مغادرة البلاد، في حين أوصت برلين جميع مواطنيها بالمغادرة.
وتابع موقع "نيوز ري" بأن مستشار مكتب رئيس أوكرانيا ميخائيل بودولاك لفت الانتباه باتهامه المباشر لروسيا بتنظيم انقلاب في النيجر، مدعيا أن دعم الانقلاب من بوركينا فاسو ومالي -المواليتين لروسيا- يعني بالضرورة تورط روسيا فيه.
وحسب خبراء، فإن الغرب يُسارع خطواته لاحتواء انقلاب النيجر وتداعياته الكارثية على وضع النفوذ والقواعد العسكرية، خشية التمدّد الروسي، لتجنّب تكرار سيناريو حرب أوكرانيا في غرب إفريقيا.
وحسب خبير دولي أمريكي، فإن التنافس الدولي بشأن النيجر ووجود عناصر فاغنر في البلدان المجاورة لنيامي، بالإضافة إلى ضعف الجيش النيجري أمام ضغوط فرنسا، كل ذلك قد يفتح الباب أمام موسكو للتدخل في النيجر ويعيد سيناريو أوكرانيا في غرب إفريقيا.
وفق الخبير العسكري الأمريكي بيتر آليكس، فإن تداعيات انقلاب النيجر وتمدد عناصر فاغنر الروسية يثيران قلق الغرب من الفراغ الأمني وترك الساحة لروسيا لتوجيه ضربة استباقية في إفريقيا وتكرار سيناريو أوكرانيا.
عن بواعث القلق الغربي، يضيف آليكس، أن موسكو رغم رفضها لأي تدخل عسكري غربي في النيجر، لديها عناصرها من فاغنر في البلدان المجاورة لدعم استقرار الانقلابات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو وتشاد، وأضاف:روسيا خلال السنوات الأخيرة، استفادت من المشاعر المناهضة للغرب لتعزيز نفوذها في إفريقيا، وبالتزامن مع القمة "الإفريقية الروسية" التي عقدت مؤخرا في سان بطرسبرغ، شهد النيجر الانقلاب العسكري بعد أن ظهرت روسيا في موضع الداعم لإفريقيا ومنحت 6 دول حبوبا بالمجان، وهناك حركة متصاعدة مناهضة لفرنسا في النيجر، وما شهدناه من احتجاجات مناهضة للغرب ووصفه بالاستعمار، ومع الضغط الغربي وبخاصة الفرنسي، قد يلجأ قادة الانقلاب في النيجر إلى طلب الدعم الرسمي والمساعدة الأمنية من روسيا التي لن تتوانى وتنتظر التحرك، وخلال السنوات الأخيرة، شهدت بلدان إفريقية تأييدا لروسيا خصوصا في منطقة الساحل، وكان آخرها في بوركينا فاسو التي طلبت حكومتها العسكرية العام الماضي رحيل القوات الفرنسية، والارتباط قد يأتي من تبعات الانقلاب بتوسيع مصالح روسيا في إفريقيا خصوصا في دول الساحل، والقوى الغربية بحاجة إلى مراجعة استراتيجيتها في غرب إفريقيا ومعالجة أسباب الفقر ودعمها للحكومات الضعيفة وعدم المساواة والفساد.، كما أن ضعف الجيش النيجري أمام ضغوط فرنسا التي تتشابك مصالحها الاقتصادية مع نيامي يفتح الباب أمام موسكو، للتدخل في النيجر، ومن المحتمل أن يعيد المواجهة بين الغرب وروسيا وسيناريو أوكرانيا في إفريقيا.
وأفادت وكالة أسوشيتد برس اليوم السبت بأن قادة الانقلاب في النيجر طلبوا المساعدة من مجموعة فاغنر الروسية لمواجهة تدخل عسكري محتمل.
وبحسب أسوشيتدبرس، فإن الطلب جاء أثناء زيارة قام بها أحد قادة الانقلاب، وهو الجنرال ساليفو مودي، إلى مالي المجاورة، حيث تواصل مع قائد من فاغنر.
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أن أحد قادة الانقلاب زار مالي، وأجرى اتصالات مع أحد أفراد فاغنر، وأبلغه بحاجة قادة الانقلاب لمساعدة المجموعة العسكرية الروسية الموجودة في مالي للتعامل مع التدخل العسكري المحتمل لمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) التي انتهت مهلتها للانقلابيين بتسليم السلطة أمس الأحد .
وقال مسؤول غربي لأسوشيتد برس إن الانقلابيين في النيجر يحتاجون إلى فاغنر لضمان بقائهم في السلطة، كاشفا عن أن المجموعة العسكرية الروسية تدرس الطلب.
وكان رئيس النيجر المعزول محمد بازوم حذر الخميس الماضي -في مقال رأي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية- مما وصفها بعواقب مدمرة للانقلاب على العالم، معتبرا أن منطقة الساحل قد تنتقل إلى نفوذ روسيا عبر فاغنر. ودعا واشنطن والمجتمع الدولي إلى مساعدة بلاده على استعادة النظام الدستوري
وكشفت تقارير عن وجود عناصر من مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة في العاصمة النيجرية نيامي، بهدف توفير الدعم العسكري لقادة الانقلاب في النيجر.
وأشار موقع "إل إس آي أفريكا"، إلى وجود "مدربين" من مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة في العاصمة النيجرية نيامي.
وقال الموقع إن قوات "فاغنر" ستوفر "الدعم اللوجستي" لقادة الانقلاب في نيامي بهدف "تعزيز" سلطتهم.
وكانت أنباء قد كشفت عن وصول "وحدة روسية كبيرة" مجهزة بأسلحة متطورة، إلى مالي، لنشرها مع القوات المسلحة المالية على حدود النيجر، وفق ما كشف الصحفي المالي المقرب من السلطة عبدول نيانغ.
ووفقا لجهات أمنية سيتم تغطية قطاع "لبزانغا" وحدة مشتركة بين مالي وروسيا ستكون مستعدة للتدخل في حالة قيام المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بعمل عسكري ضد النيجر.
وحسب المصدر "ستكون الساعات الأربع والعشرون القادمة حاسمة بالنسبة لمستقبل غرب إفريقيا".
ويرى المحلل والخبير في الشؤون الأفريقية، محمد تورشينن، أن "فاغنر" على استعداد للتدخل في النيجر، مشيرا إلى أن ذلك قد يزيد من تعقيد الوضع.
ولم يخف الرجل تخوفه من توسع التوتر إلى بلدان أخرى لافتا إلى إعلان باماكو، وواغادوغو، اللذان عبرا صراحة عن استعدادهما التدخل عسكريا في أي لحظة.
أما المحلل السياسي الروسي، فيتشلاف موتازوف، فيقول: "ليس هناك أي مؤشر على ضلوع فاغنر في النيجر، ولا يوجد ما يستدعي تدخله هناك"،مضيفا، بالتأكيد روسيا لا تريد التدخل هناك "هي منشغلة بما يجري على الجبهة الأوكرانية" وفق تعبيره.
ويرى فيتشسلاف بأنه ليس من مصلحة "فاغنر" التدخل في النيجر لاعتبارات لخصها في كونها لا تملك القدرة على مواجهة دول "إيكواس" مجتمعة، مشيرا إلى أن موسكو لا تريد التدخل في شؤون داخلية لبلد آخر، لافتا إلى أن التشظي الحاصل في إفريقيا ليس بسبب موسكو، إنما هناك مصالح لتلك الدول تستدعي هذا التوتر.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إنها "لن تكون متفاجئة" بمحاولة مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر استغلال الوضع في النيجر لمصلحتها الخاصة.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية مات ميلر: "لن أتفاجأ برؤية مجموعة فاغنر تحاول استغلال هذا الوضع لمصلحتها الخاصة لأنها تحاول استغلال مواقف أخرى في إفريقيا لمصلحتها الخاصة، وعندما أقول لمصلحتها الخاصة، أعني لمصلحتها المالية الشخصية، فضلا عن محاولتها لتوسيع نفوذها في القارة".
وأضاف أن "أي محاولة من قبل القادة العسكريين في النيجر لجلب قوات فاغنر إلى النيجر ستكون إشارة على أنهم لا يضعون مصالح الشعب في أولوياتهم".
وأكد ميللر على موقف بلاده من فاغنر، قائلا: "في كل مكان رأينا مجموعة فاغنر تصل يتبعها الموت والدمار، ولكن بشكل خاص في إفريقيا، رأيناهم يستغلون السكان المحليين ويرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان، ويستخرجون المعادن والثروة، لذا فإن وصول قوات فاغنر إلى النيجر، وهو مرة أخرى، لم نشهده في هذه المرحلة، سيكون مؤشرا على أن القيادة العسكرية لاتعتبر مصلحة البلد أولوية".
وقد استبعد البيت الأبيض، تورط مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة في الانقلاب على رئيس النيجر محمد بازوم من قبل الحرس الرئاسي.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان-بيير إن الولايات المتحدة لا ترى أي مؤشرات يعتد بها على تورط روسيا، أو قوات مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة في الانقلاب بدولة النيجر.
وأشاد يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة بالانقلاب العسكري في النيجر، ووصفه بأنه نبأ سارّ، وعرض خدمات مقاتليه لفرض النظام.
جاء ترحيب رئيس «فاغنر» بالانقلاب في رسالة صوتية بثتها قنوات «فاغنر» على «تلغرام»، وقالت إنها لبريغوجين، لكنه لم يشر إلى أي تورط للمجموعة في الانقلاب، الذي وصفه بأنه لحظة تحرير طال انتظارها من المستعمرين الغربيين، وقام بما بدا كأنه دعوة لمقاتليه للمساعدة في حفظ النظام.
وجاء في الرسالة: «ما حدث في النيجر لم يكن سوى كفاح شعب النيجر مع مستعمريه، مع المستعمرين الذين يحاولون فرض قواعد حياتهم عليه وعلى ظروفه وإبقائه في الحالة التي كانت عليها إفريقيا منذ مئات السنين».