بالتزامن مع أزمة «تخفيف الأحمال»..
أرقام صادمة وخسائر بالمليارات بسبب سرقات التيار الكهربائى
عادت ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر داخل منازل المصريين مُجددًا بالتزامن مع تعرض البلاد لموجة حر شديدة هي الأولى من نوعها ما أدى إلى ارتفاع معدلات استهلاك الطاقة ولجوء الحكومة إلى إجراءات تخفيف الأحمال.
وتطل ظاهرة سرقة التيار الكهربائي برأسها والتي ما دام سببت صداعًا يؤرق الحكومة، خاصة بعدما وصلت خسائر قطاع الكهرباء المالية إلى أرقام ضخمة تتعدى الـ2 مليار جنيه سنويًا، وهو ما أثر بشكل كبير على أحمال الشبكة وإهدار المليارات من أموال الدولة.
وترصد «النبأ»، خلال التقرير التالي، مئات الحالات لسرقة التيار الكهربائي على يد أصحاب المراكب النيلية والباعة والقائمين على الأفراح الشعبية بالشوارع، وصولًا إلى لصوص سرقة التيار من أعمدة الإنارة والتعدي على خطوط الضغط العالي وهو ما ينذر بكارثة كبرى.
لغز المليون قضية
وعلى مدار مدة لا تتجاوز الثلاثين يومًا، قامت الإدارة العامة لشرطة الكهرباء بضبط العديد من قضايا سرقة التيار الكهربائى بعدما قامت بعدة حملات لضبط كافة المخالفات والظواهر السلبية التي تؤثر على مرفق مترو الأنفاق، أو محطات السكك الحديدية، وداخل القطارات، وأسفرت جهود الحملة في يوليو الماضي عن ضبط 30925 قضية سرقة تيار كهربائى.
كما واصلت الإدارة العامة لشرطة الكهرباء، بالشهر الجاري حملاتها لمواجهة جميع صور الخروج على القانون، وسرقة التيار الكهربائي وأسفرت عن ضبط 55 ألف قضية سرقة تيار كهربائي، تنوعت ما بين سرقة تيار كهربائي للمباني المخالفة المقامة على الأراضي الزراعية، وسرقة تيار كهربائي للمقاهي والكافيهات غير المرخصة، وسرقة تيار كهربائي للعقارات، وحالات التعدي على الحرم الآمن لخطوط كهرباء الضغط العالي والمنخفض.
وتمكنت، أيضا، الحملة الأمنية من ضبط 1646 قضية متنوعة، كما أسفرت جهود شرطة الكهرباء عن ضبط 14251 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد.
كما تمكنت الإدارة العامة لشرطة الكهرباء في الشهر الحالي من ضبط 41230 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد.
وبتحليل بيانات الأمن الاقتصادي على مدار الفترة الماضية، تمكنت وزارة الداخلية خلال الـ7 أشهر الأخيرة فقط منذ بداية العام 2023، من ضبط 1.221.450 قضية سرقة تيار كهربائي، عبر حملات الأمن الاقتصادي اليومية.
الملح والمغناطيس
على الجانب الآخر، لم يتردد «عمرو» عامل نسيج، مقيم بمدينة السلام، في سرقة التيار الكهربائي بوضع مغناطيس يزن 250 جراما فوق العداد، لتقليل الاستهلاك وهو ما اكتشفه موظف الكهرباء المسئول عن قراءة العداد واتخذ حياله الإجراءات اللازمة.
بداية الواقعة عندما تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط عامل بمصنع نسيج ولديه 3 أطفال في مراحل تعليمية مختلفة؛ لاتهامه بسرقة تيار كهربي من خلال وضع مغناطيس بعداد الكهرباء لتقليل قيمة الاستهلاك، وحُرر ضده المحضر اللازم ليكتشف بعد ذلك أنه مطالب بسداد مبلغ مالي 10 آلاف جنيه غرامة وإلا سيقبع خلف القضبان.
وقال المتهم أثناء التحقيقات، إنه كان يقوم بدفع مبالغ مالية لشركة الكهرباء تصل لـ500 جنيه، في حين أنه يتقاضى مرتب 3000 جنيه.
واستكمل المتهم اعترافاته قائلًا: «أدفع ربع المرتب كل شهر للكهرباء وأكل ولادي طوب ولا أحط مغناطيس يرحمني من الفواتير؟».
موقف الوزير
وتعليقًا على انتشار وقائع سرقة التيار الكهربائي، قال الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، إن الوزارة تبذل قصارى جهدها لخفض نسب الفقد بالشبكة القومية لما تتسبب فيه من خسائر مالية ضخمة للقطاع، كاشفا عن أن أهم خطوات تقليل نسب الفقد بالشبكة هى حوكمة سرقات التيار الكهربائى وتغليظ عقوبة سرقة التيار وتطبيق القانون بكل حزم.
وأوضح الوزير، أن فكرة القضاء بشكل نهائي على وقائع سرقات التيار الكهربائي والتعدي على الشبكة القومية للكهرباء لن تتحق إلا بعد التحول بنسبة 100% لشبكة كهرباء ذكية، لافتا إلى أن الوزارة تسير حاليًا في هذا الاتجاه.
وأكد أن شركات توزيع الكهرباء تطبق قانون الكهرباء بكل حزم على المخالفين ولن تسمح بأى تجاوز في حق الدولة.
ولفت وزير الكهرباء، إلى أن هناك تنسيقا بين الوزارة والشركة المسئولة عن تسجيل قراءة عداد الكهرباء لتسجيل بيانات الحسابات الخاصة ببعض المشتركين غير المسجلة لدى شركات توزيع الكهرباء، مشيرًا إلى أن هناك خطة متكاملة للقضاء على سرقات التيار الكهربائى التى تعد سببا رئيسيا فى ارتفاع نسب الفقد بالشبكة.
ألاعيب لصوص التيار
وحول ألاعيب لصوص التيار الكهربائي بعد شن رجال شرطة الكهرباء وموظفي شركات التوزيع المختلفة عدة حملات، تبيّن استخدام المتلاعبين 3 حيل جهنمية لمحاولة تقليل عدد «لفات» العداد؛ لخفض قيمة فاتورة الاستهلاك بطرق غير شرعية.
على رأس تلك الحيل وضع كيس ملح على العداد أو إلصاق مغناطيس بالجوانب الداخلية له لإبطاء دورات القرص الحديدي.
كما يقوم البعض باستخدام إبرة معدنية أو مسمار صغير الحجم ووضعه بدقة بجوار شريط العداد؛ من أجل التأثير على الحركة الطبيعية لدورات عداد الكهرباء.
الأفراح والمال السايب
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تم ضبط العديد من الباعة لاتهامهم بسرقة الكهرباء من الكابلات الرئيسية بالشوارع والميادين التي تتواجد بها أسواق عامة، حيث بات ذلك أمرًا معتادًا وحق أصيل للباعة -من وجهة نظرهم- من منطلق أن الضرورات تبيح المحظورات فضلًا عن أن المال العام ملك للجميع.
هذا إلى جانب تكدس العديد من المحاضر بأقسام الشرطة الخاصة بسرقة التيار الكهربائي من خلال إقامة الأفراح الشعبية والحفلات بالشوارع، حيث تضاء بوابات عملاقة تحمل مئات اللمبات الملونة التي تمتد بعرض الشارع وتعلق عشرات الأمتار من الكهارب والأسلاك التي تدلت منها آلاف المصابيح مع وجود كشافات أنوارها مبهرة تحول الظلام الدامس لساعات ظهيرة.