الدكتور محمد حمزة يكتب.. رسالة إلى رئيس الوزراء
هناك شخصيات كثيرة حصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه وشاءت لها الظروف والاقدار أن تتبوأ مقعدا مهما بل واحيانا رئيسيا في الشأن العام في الدولة.
وهنا يثور تساؤل مهم يدور حول تخصصها وكيفية الاستفادة منه في ممارسة مهامها وواجباتها، وبالتالي هل يحدث التطابق بين النظرية والتطبيق أم يحدث العكس؟
الحق أننا نملك نماذج كثيرة تؤكد التطابق، وأخرى تؤكد العكس، فهناك من نجح في التطبيق العملي لما درسه نظريا بل وزاد عليه.
وهناك من حالت الظروف وعوامل أخرى كثيرة ومتعددة دون قدؤته على ذلك، بل وهناك أيضا من ينسى أو يتناسى ما درسه بمجرد أن يجلس على الكرسي ولا سيما إذا كان في غير مجاله وتخصصه، طبقا لنظرية اختيار أهل الثقة، السائدة والرائجة في عالم وأنظمة اليوم.
ولا يعنينا هنا سوى الدكتور مصطفى مدبولي، الذي كان وزيرا للإسكان والتعمير، ثم صار رئيسا للوزراء، أي المسؤول الأول عن ملف التطوير الحضاري والتنمية السياحية المستدامة في مصر عامة، والقاهرة خاصة، ومن ثم فهو الرجل المناسب لهذا الملف الخطير بحكم تخصصه وخبراته ودراسته بمرحلتي الماجستير والدكتوراه فالماجستير عام 1992م، كان موضوعه إعادة تأهيل المناطق المركزية ذات القيمة السياحية التاريخية في الدول النامية ـ دراسة حالة القاهرة ـ منطقة الدرب الأحمر.
والدكتوراه عام 1997م وكان موضوعها (نحو إدارة فعالة لعملية تجديد المناطق العمرانية داخل مدن الدول النامية_ دراسة حالة السيدة زينب_ القاهرة).
وهنأ نسأل دولةرئيس الوزراء، إذا كان ما توصلت إليه من نتائج وتوصيات برسالتيك للماجستير والدكتوراه ينطبق على بعض المشروعات التي جرت وتجري بالقاهرة التاريخية، فهل هذه النتائج وتلك التوصيات تنطبق على ما جري ويجري في المقابر التراثية والأثرية والتاريخية بقرافة القاهرة وجبانتها الرئيسة بمسمياتها المختلفة في محور صلاح سالم من جهة؟ وهل ما يجري يتسق مع توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي واللجنة التي أمر بتشكيلها تحت رئاستكم لتقييم الموقف وطرح البدائل والحلول الممكنة، حفاظا على أهمية المنطقة بأبعادها التاريخية والتراثية ومقومات تفردها من جهة أخرى.
وهل مايجري يتسق أيضا مع الدستور والقوانين ذات الصلة المواثيق الدولية من جهة ثالثة وهل قانون المنفعة العامة رقم10لسنة1990م وبالتالي قرار دولتكم رقم3504لسنة2021م باعتبار مشروع تطوير شارع صلاح سالم من أعمال المنفعة العامة ينطبق على المناطق التاريخية والتراثية والاثرية ذات النسيج العمراني والمعماري والبصري المتصل المنتظم منذ مايقرب من15قرنا من جهة رابعة وإذا كان هذا القانون وذلك القرار ينطبق؛ فلماذالم ترد الإشارة إلى موافقة وزارة السياحة والآثار ممثلة في قطاع الآثار الإسلامية واللجنة الدائمة ومجلس إدارة المجلس الأعلى للاثار في اي مرحلة من من المراحل التي سبقت اصدار القرار ولا حتى في القرار نفسه من جهة خامسة
يادولة رئيس الوزراء أعمال المنفعة العامة حق من حقوق الدولة طبقا للقانون يقدرها كل المصريين عند تطبيقها في المدن والاحياء الجديدة والمحاور الدائري والاقليمي والمناطق المستحدثة وغير ذلك؛ اما المناطق والمواقع التاريخية التي تعترض تنفيذ احد المشروعات المستحدثة فيجب ان يتم التعامل معها بطريقة أخرى وحلول ابتكارية ومنهج مختلف وبدائل ممكنة وذلك حفاظا على أهمية المنطقة بابعادها التاريخية والتراثية ومقومات تفردها زي ماقال السيد الرئيس.
وبعد لانرجو ولا نتمنى أن تصبح القاهرة التاريخية فقاعات عمرانية وسلعا معمارية وتقليداممسوخا لنماذج معاصرة لا تاريخ لها؛ ولا نمزق نسيجها العمراني الراسخ في الذاكرة المصرية بل الإقليمية والدولية بالكباري.
وبعد نرجو ونتمنى ونناشد الحكومة الحالية وعلى رأسها خبير ومتخصص لأول مرة في التخطيط العمراني وإعادة تأهيل التراث وإدارته الفعالة في ظل الجمهورية الجديدة التي أرسى دعائمها ووضع أساسها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كتابة فصول نكسة تراثية ومحنة تاريخية وزلزلةعمرانية وخلخلةفي الهوية وشدة عظمى تسبب الألم والحسرة والندم لم ولن ينساها التاريخ لقرون قادمة بل ربما إلى آخر الزمان.
مش كده ولا ايه.
بقلم: الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا