بالتفاصيل.. أسرار علاقة مشروع «الممر الاقتصادي العظيم» بقناة السويس وإسرائيل
في خطوة مفاجئة وغير متوقعة، أعلنت مجموعة العشرين، في قمتها التي عقدت في العاصمة الهندية نيودلهي، الأسبوع الماضي، تدشين مشروع ممر اقتصادي بين الهند وأوروبا والشرق الأوسط، يسهم في زيادة التبادل التجاري والطاقة وتطوير البنية التحتية للنقل.
حيث اتفقت الهند والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي، على توقيع مذكرة تفاهم لتطوير ممر اقتصادي يربط بين الهند وأوروبا والشرق الأوسط لتعزيز عملية التبادل التجاري.
ويضم المشروع، الهند والسعودية والإمارات والأردن وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، وفق ما صرح به جيك ساليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن.
«بن سلمان»: سيضمن أمن الطاقة العالمى بمد خطوط أنابيب لتصدير الكهرباء والهيدروجين
وقال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، على هامش كلمته بـ«قمة العشرين» في نيودلهي، أن المشروع الاقتصادي سيسهم بتطوير البنى التحتية التي تشمل سككًا حديدية، وسيربط موانئ الشرق الأوسط وأوروبا والهند.
وأوضح «بن سلمان»، أن الممر الاقتصادي سيسهم في ضمان أمن الطاقة العالمي، وسيعمل على مد خطوط أنابيب لتصدير الكهرباء والهيدروجين.
وقال البيت الأبيض، في وثيقة نشرتها إدارة بايدن بشأن إعلان «الممر» الكبير بين الهند وأوروبا: «نريد إطلاق حقبة جديدة متصلة عبر شبكة سكك حديد، وربط الموانئ في أوروبا بالشرق الأوسط وآسيا».
«بايدن»: أمر جلل وخطوة هائلة إلى الأمام ستغير قواعد اللعبة
وقال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن الاتفاق إنه «صفقة كبيرة حقيقية» من شأنها أن تربط الموانئ عبر قارتين وتؤدي إلى شرق أوسط أكثر استقرارا وازدهارا وتكاملا، مضيفا: أن «الاتفاق سيتيح فرصا لا نهاية لها، للطاقة النظيفة والكهرباء النظيفة ومد الكابلات لربط المجتمعات».
وأضاف «بايدن» أن هذا أمر جلل، معتبرًا أن المشروع «سيغيّر قواعد اللعبة» ويشكل خطوة هائلة إلى الأمام.
وبحسب تصريحات الرئيس الأمريكي، فإن الولايات المتحدة تعتزم -في إطار المشروع- الاستثمار مع شركائها في خط السكك الحديدية الجديد الذي يبدأ من أنغولا ثم الكونغو وصولًا إلى زامبيا والمحيط الهندي.
ضربة قوية لجهود روسيا والصين
وفي هذا الصدد، أكد الكثير من الخبراء، أن الهدف من هذا المشروع الضخم هو مواجهة التمدد الصيني في الشرق الأوسط والعالم، وضرب مشروع «الحزام والطريق» الصيني، الذي يربط الصين بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية ومشاريع للطاقة.
كما أن هذا الممر الاقتصادي الجديد، سيكون ضربة قوية لجهود روسيا والصين لعزل الولايات المتحدة الأمريكية، ومواجهة تجمع «بريكس»، الذي يهدف إلى إنهاء هيمنة القطب الواحد على العالم، والتحول إلى عالم متعدد الأقطاب، وضرب هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي.
فيما يرى مايكل كوغلمان، الخبير في شؤون جنوب آسيا في مركز ويلسون في واشنطن، أنه إذا تحقق ذلك فإنه سيغير قواعد اللعبة عبر تعزيز الروابط بين الهند والشرق الأوسط، مضيفًا أن ذلك يهدف إلى مواجهة مبادرة الحزام والطريق.
«نتنياهو»: سيغير وجه إسرائيل والشرق الأوسط
وعلق رئيس وزارء إسرائيل بنيامين نتنياهو، على إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن خطط لإنشاء ممر للسكك الحديدية والشحن يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا.
وقال بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل في قلب مشروع دولي غير مسبوق وهو مشروع سيربط البنية التحتية بين آسيا وأوروبا.
وأضاف أن هذا الارتباط سيحقق رؤية طويلة الأمد ستغير وجه الشرق الأوسط ووجه إسرائيل.
«تقرير»: تل أبيب تسخن المحركات ضد مصر وتعمل على منافسة قناة السويس
يأتي هذا الإعلان عن هذا المشروع الكبير، بعد أسابيع قليلة من تقرير لمجلة «يسرائيل ديفينس» التي تصدر عن الجيش الإسرائيلي، كشفت فيه عن المشروع الفريد من نوعه التي تسعى إسرائيل إلى إحيائه مرة أخرى.
وقال عامي روخاكس دومبي، الذي أعد التقرير، إن تل أبيب تسخن المحركات ضد مصر وتعمل الحكومة الإسرائيلية على منافسة عائدات قناة السويس بخط سكك حديدية سريع يربط البحر الأحمر بالمتوسط.
وأضاف: «ببساطة فإن قطار بضائع سريع من إيلات على البحر الأحمر إلى حيفا أو عسقلان المطلتان على البحر المتوسط سينافس بقوة قناة السويس وسيضر بإيرادات مصر من القناة»، متوقعا أن هذا القطار سيلحق ضررا هائلا بالمصريين وسيكون منافسًا قويًا وحيًا للإيرادات المرموقة من قناة السويس.
التأثير على قناة السويس
واستبعد الكثير من الخبراء أن يكون لهذا الممر الاقتصادي أي تأثير على قناة السويس، حيث يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عامر، إن هذا الممر سيكون من أسرع الممرات بين البشرية في نقل البضائع بين 20 دولة في 3 قارات في العالم، ويعد من أسهل الممرات لنقل البضائع.
أما عن قناة السويس، أضاف «عامر»: «لا يؤثر عليها إطلاقًا لأن قناة السويس تعتمد على نقل البضاعة عبر الشاحنات الكبرى ولكن الدول التي ستستخدم الممر الجديد البري هي دول لا تتوفر لديها من الأساس ممرات بحرية لتستخدم قناة السويس، لذلك لن تتأثر قناة السويس على الإطلاق بالممر البري الجديد، بل يعد هذا الممر إضافة للتجارة العالمية بالعمل مع الممر المائي».
«الديب»: عدم المساس بحمولات السفن يعزز فرص قناة السويس فى المنافسة
أما الباحث الاقتصادي أبو بكر الديب، المتخصص في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، استبعد أن يؤثر الممر الاقتصادي الذي تم الإعلان عنه في قمة العشرين بالهند على إيرادات قناة السويس أو التجارة العالمية التي تمر من خلالها، مشيرا إلى أن عدم تأثر قناة السويس بالمشروع يرجع إلى العديد من الأسباب أهمها: انخفاض تكلفة النقل البحري مقارنة بالبري، وزيادة حجم البضائع المنقولة عبر السفن والحاويات البحرية مقارنة بوسائل النقل الأخرى، وأن المرور بقناة السويس لا يحتاج إلى أعمال شحن وتفريغ للمنتجات التي تحملها السفن.
وأضاف «الديب»، أن السفن تمر عبر قناة السويس دون المساس بحمولتها، أي لا تتم عمليات تفريغ وشحن أكثر من مرة، بل تظل الشحنة كما هي وبنفس الطريقة التي تم التحميل بها في بلد القيام حتى الوصول إلى الميناء المستهدف، وبالتالي لا توجد أي تلفيات.
«محمود»: سيكون له مخاطر كبيرة على قناة السويس وعلى الدولة المصرية سرعة التحرك
على الجانب الآخر، يقول الدكتور محمد محمود علي، مدير الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري فرع بورسعيد سابقا، وأستاذ الاقتصاد بكلية النقل، إن هذا المشروع سيكون له تأثير سلبي على قناة السويس، وعلى كل المشروعات التي تحلم بها مصر مثل، التحول إلى مركز إقليمي وعالمي للطاقة، وتطوير الموانئ المصرية مثل موانئ السخنة وبورسعيد وغيرها.
وأكد أن الهدف من هذا المشروع هو تفادي المرور من قناة السويس، مشيرا إلى أن هذا المشروع ليس فقط لنقل البضائع كما يتوهم البعض ولكنه يشمل الطاقة والغاز والبترول والطاقة النظيفة والكهرباء وغيرها، وهو مشروع متكامل وسيكون له تأثير سلبي على قناة السويس؛ لأن البضاعة التي ستمر من خلال هذا الممر ستكون خصما من البضاعة التي تمر من قناة السويس.
وأضاف «علي»، أن هذا المشروع ليس وليد اللحظة ولكن بدأ التفكير فيه منذ سنوات طويلة، والآن بدأ تنفيذه، لافتًا إلى أن إسرائيل تعمل على هذا المشروع وربطه بجسر النبي في الأردن، كما تقوم الشركات الهندية بتنفيذ المشروع في المنطقة العربية.
وأشار إلى أن تركيا بدأت تغازل المشروع من خلال ربط العراق وتركيا بخط للسكك الحديدية، موضحا أن هذا المشروع ليس ممرا للنقل فقط، ولكنه ممر اقتصادي، وبالتالي هناك خطورة كبيرة على قناة السويس من هذا المشروع، وهذا يتطلب من إدارة قناة السويس تعزيز القدرة التنافسية للقناة، لا سيما وأن هذا المشروع ليس الوحيد، فهناك مشروعات إقليمية ودولية أخرى.
وأكد خبير النقل الدولي، أن السرعة التي سيتم بها نقل البضاعة عبر السكك الحديدية ستقضي على الفرق في التكلفة، وأن الحديث عن عملية تكرار الشحن والتفريغ غير صحيح، مشيرا إلى أن التقنيات الحديثة تسمح للقطار بالصعود إلى السفينة وتحميل البضاعة بكل سهولة ويسر.
ولفت إلى أن إسرائيل من خلال هذا المشروع تحاول أن تسرق حلم مصر بالتحول إلى مركز تجاري وصناعى ولوجستي عالمي، وتسرق أهمية الموانئ المصري التي تم تطويرها الفترة الأخيرة، لا سيما وأن هذا المشروع سوف يحول التجارة من قناة السويس إلى مسار آخر، متابعًا: «لذلك على الدولة المصرية أن تأخذ الموضوع على محمل الجد، وأن تقوم بدعم الميزة التنافسية لقناة السويس ولكن بأسلوب مختلف عن ما يحدث الآن، وأن تقوم بتقعيل وتطوير خط السكة الحديد بين السخنة والعلمين، وأن يكون هناك رؤية لاستغلال عامل الوقت، واللعب على السعر وتحسين جودة الخدمات المقدمة، وإنشاء مشروعات جديدة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس؛ من أجل خلق طلب إضافي للمرور من القناة، وكذلك خلق نمط من التجارة لم يكن موجودا سابقا، وأن يكون هناك تعاون أكثر مع الصين في مشروع طريق الحرير لمواجهة هذا الخطر، وتنمية دور مصر وقناة السويس كمحور للتجارة واللوجستيات».
وأكد «علي»، وجود أهداف سياسية لهذا المشروع، مشيرا إلى أن مد خط سكك حديدية يبدأ من الإمارات ويمر عبر الخليج ومنها إلى إسرائيل لن يتم دون التطبيع مع إسرائيل، وهذه رسالة واضحة لهذا المشروع.
وأوضح أن مصر خارج حسابات هذا المشروع، لافتًا إلى أن المشروع يهدف لتفادي المرور من قناة السويس، وضرب أحلام مصر ومشروعاتها، وضرب مشروع تحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة، والاستحواذ على نصيب مصر في السوق الأوروبية، وبالتالي على مصر إعادة ترتيب أوراقها ومشروعاتها لمواجهة الأخطار المحدقة بقناة السويس.