بعد انضمام مصر لـ«بريكس»..
سيناريوهات تأجيل صرف الدفعة الثانية من قرض صندوق النقد الدولى
يبدو أن مراجعة صندوق النقد الدولي للاقتصاد المصري، «تشوبها» عددا من التحديات هو الأمر الذي يؤجل حصول مصر على الشريحة الثانية للمرة الثانية المقدرة بقيمة 347 مليون دولار من قرض الـ3 مليارات دولار الذي يُصرف على 9 شرائح.
كان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي وافق على اتفاق مع الحكومة المصرية للتعاون في تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي مدته 46 شهرًا، ويموله الصندوق بقيمة 3 مليارات دولار على شرائح صرفت منه مصر الشريحة الأولى بقيمة 347 مليون دولار.
وبحسب صندوق النقد الدولى، كان من المتوقع حدوث مراجعة للاقتصاد المصري لصرف الشريحة الثانية، في 15 مارس الماضي وتم تأجيلها لسبتمبر الجاري ولكن حتى الآن لم يحدث أي مفاوضات أو مراجعات من قبل الصندوق والحكومة، ما تسبب في حالة من الجدل وسط «غموض تام» من قبل الحكومة.
وفي هذا السياق، توقع خبراء الاقتصاد، تأجيل مراجعة صندوق النقد الدولى التى كان من المقرر أن تجرى الشهر الجارى، على أن تنعقد مع نهاية العام الحالى أو مع بداية 2024.
وتوقع آخرون، أن حماس الحكومة انخفض اتجاه مفاوضات صندوق النقد الدولى، بعد الانضمام لبريكس وتسهيلات الحصول على قروض من بنك التنمية بجانب التدفقات الدولارية المتوقعة من صفقات برنامج الطروحات الحكومية خاصة الاستحواذ على حصص في الشرقية للدخان وحصة جديدة من المصرية للاتصالات، بالإضافة إلى انخفاض فاتورة الاستيراد بقيمة 3 مليارات دولار في شهر يونيو فقط ما خفض العجز التجاري بنحو 2 مليار دولار.
ووفقًا لأحدث التصريحات الصادرة من صندوق النقد الدولي، فإنه سيتم الإعلان عن تحديثات مراجعة البرنامج التمويلي لمصر في الوقت المناسب، مؤكدًا استمرار التعاون الوثيق مع السلطات المصرية ومنها تقديم المشورة بشأن السياسات والمساعدة الفنية.
وتعاني مصر من أزمة اقتصادية بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها جائحة فيروس كورونا، مما تسبب في خروج أموال ساخنة بأكثر من 25 مليار دولار، حسب تصريحات رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى خلال مؤتمر اقتصادي عُقد في أكتوبر 2022.
وفقد الجنيه أكثر من نصف قيمته أمام الدولار منذ مارس 2022، بينما سجل التضخم في البلاد 37.4 % على أساس سنوي في أغسطس.
وجاء ذلك في الوقت نفسه الذي تداول فيه الدولار في السوق الموازي بسعر يتراوح بين 38-40 جنيهًا، في حين يبلغ سعره الرسمي في البنوك 30.95 جنيه، الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير خلال الشهور القليلة الماضية في تحويلات المصريين المقيمين في الخارج، التي تشكل مصدرًا مهمًا للعملة الصعبة في مصر.
كان جولدمان ساكس، أحد البنوك الأمريكية العالمية، قدر حاجة مصر إلى ما يزيد على 5 مليارات دولار من تدفقات النقد الأجنبي؛ من أجل تطبيق عملية مرونة سعر الصرف وإدارتها.
وقال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن توقعات تأجيل أو فشل مفاوضات صندوق النقد الدولي هي مجرد اجتهادات شخصية، لا تمس الواقع بصلة.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن أمر القرض بين الحكومة والصندوق، وحتى الآن لم يصدر تصريحات من الجانبين بتحديد أو تأجيل موعد المراجعة.
وأكد «الشافعي»، أن مفاوضات ومراجعات صندوق النقد الدولى لا تزال مستمرة ولكن يجب التأكد من الاشتراطات التي تم الاتقاق عليها في السابق لصرف الشرائح الجديدة، لافتًا إلى أن الاقتصاد المصري قادر على عبور أي أزمات.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن من أحد اشتراطات صندوق النقد الدولي تحرير سعر الصرف، ولكن الرئيس السيسي أكد عدم حدوث تعويم يؤثر على الحياة المواطنين.
وتابع: «ومن المتوقع ظهور خطط بديلة الفترة القادمة لتقديمها للصندوق للحصول على الشريحة الثانية، بما يتوافق مع الصندوق والحكومة ولا تضر مصلحة المواطن المصري».
ومن ناحيته، قال النائب ياسر زكي، عضو مجلس الشيوخ ووكيل لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار، إن على مدار السنوات الماضية يتردد شائعات حول مفاوضات ومراجعات صندوق النقد الدولى بالنسبة لمصر، ولكن في النهاية يتم الاتفاق بطريقة أو بأخرى.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه يجب على الحكومة اللجوء لبدائل لصندوق النقد الدولي، وأولها الطروحات الحكومية في البورصة أمام المستثمر الاستراتيجي مثل ما حدث في الشرقية للدخان، وطرح الصكوك الإسلامية وطروحات أذون خزانة.
وأشار «زكي»، إلى أن عدم اكتمال المراجعات حتى الآن يرجع إلى بعض الضغوطات السياسية والتي منها انضمام مصر لمجموعة بريكس، حيث إن سياسة صندوق النقد مختلفة تمامًا عن دول بريكس.
وأوضح عضو مجلس الشيوخ ووكيل لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار، أن أحد الأسباب، أيضًا، وجود سعرين لصرف الدولار، متابعًا: «ولكن لتخفيض قيمة الجنيه يجب أن يقابلها مجموعة من إجراءات الحماية الاقتصادية من الاهتمام بالصناعة والتصدير وهو ما تحاول الدولة العمل عليه».