الاحتلال الإسرائيلي: قواتنا نفذت أول هجوم بري في غزة
قالت دولة الاحتلال إسرائيل، إن قوات المشاة والدبابات نفذت أول توغل داخل قطاع غزة، الجمعة، في أول إعلان لها عن التحول من الحرب الجوية إلى العمليات البرية للقضاء على مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد أسبوع من هجومها في الأراضي المحتلة.
وغادر بعض سكان غزة منازلهم يوم الجمعة هربا من مسار هجوم الاحتلال الإسرائيلي، بعدما أمرت إسرائيل أكثر من مليون شخص بإخلاء النصف الشمالي من قطاع غزة خلال 24 ساعة. وطلبت حماس منهم عدم المغادرة.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأميرال دانيال هاجاري، إن القوات المدعومة بالدبابات شنت غارات لمهاجمة أطقم الصواريخ الفلسطينية وتسعى للحصول على معلومات عن موقع الرهائن، وهو أول تقرير رسمي عن قوات برية في غزة منذ بدء الأزمة.
وشوهد عدة آلاف من السكان على الطرق في اتجاه الخروج من شمال قطاع غزة، لكن لم يكن من الممكن تقدير أعدادهم. وقال كثيرون آخرون إنهم لن يغادروا.
وتعهدت حماس، التي تسيطر على القطاع الفلسطيني المكتظ بالسكان، بالقتال حتى آخر قطرة دم. وقال الجيش الإسرائيلي إن عددا كبيرا من سكان غزة بدأوا التحرك جنوبا "لإنقاذ أنفسهم".
وقال محمد (20 عاما) وهو يقف في الشارع خارج مبنى تحول إلى أنقاض في غارة جوية إسرائيلية قبل يومين قرب وسط غزة "الموت أفضل من الرحيل".
وأضاف "ولدت هنا وسأموت هنا، الرحيل وصمة عار".
وتبث المساجد رسالة تحث الناس على البقاء في منازلهم والتشبث بأرضهم.
وطلب إياد البزم المتحدث باسم وزارة الداخلية التابعة لحركة حماس من الناس في شمال غزة في مؤتمر صحفي البقاء في منازلهم، وقال إن أهل غزة "متمسكون بأرضهم ولن يغادروها رغم تهديدات الاحتلال".
وقالت سلطات غزة إن 70 شخصا قتلوا وأصيب 200 عندما قصفت إسرائيل سيارات وشاحنات تقل أشخاصا فارين من شمال القطاع إلى الجنوب. ولم تتمكن رويترز من التحقق بشكل مستقل من الحادث.
وحذرت الأمم المتحدة ومنظمات أخرى من وقوع كارثة إذا اضطر هذا العدد الكبير من الناس إلى الفرار.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك "ترى الأمم المتحدة أن من المستحيل أن تحدث مثل هذه الحركة دون عواقب إنسانية مدمرة"، مما دفع إسرائيل إلى توبيخ المنظمة الدولية قائلة إنه يتعين على الأمم المتحدة إدانة حماس ودعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
وكتب مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة مارتن جريفيث على وسائل التواصل الاجتماعي "الخناق يضيق على السكان المدنيين في غزة. كيف يمكن أن يتحرك 1.1 مليون شخص عبر منطقة حرب مكتظة بالسكان في أقل من 24 ساعة؟".
احتياجات هائلة
قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنه سيكون من المستحيل على منظمات الإغاثة تقديم المساعدة في أثناء الحصار على غزة، مضيفة "الاحتياجات هائلة، ويجب أن تكون المنظمات الإنسانية قادرة على زيادة عمليات الإغاثة".
وقال جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض إن دعوة إسرائيل لتحرك ما يربو على مليون مدني في شمال قطاع غزة "أمر شاق".
وأضاف كيربي في مقابلة مع (إم.إس.إن.بي.سي) "نفهم ما يحاولون القيام به ولماذا يحاولون القيام بذلك. إنها محاولة لعزل السكان المدنيين عن حماس التي هي هدفهم الحقيقي".
ودعت إسرائيل يوم الجمعة جميع المدنيين في النصف الشمالي من قطاع غزة، أي أكثر من مليون نسمة، إلى الانتقال إلى الجنوب خلال 24 ساعة.
وقالت الأمم المتحدة إن إجلاء الجميع أمر مستحيل في ظل انقطاع إمدادات الكهرباء ونفاد الغذاء والمياه في القطاع بعد أسبوع من الغارات الجوية الانتقامية والحصار الإسرائيلي الكامل.
ويضم النصف الشمالي من قطاع غزة أكبر تجمع سكاني في القطاع، في مدينة غزة. وقالت الأمم المتحدة إنه جرى إبلاغها بأن إسرائيل تريد أن يتحرك جميع السكان إلى جنوب القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان "يا سكان غزة، عليكم التوجه جنوبا حفاظا على أمنكم الشخصي وأمن عائلاتكم، وأبعدوا أنفسكم عن مخربي حماس الذين يستخدمونكم دروعا بشرية".
وأضاف "يختبئ مخربو حماس في مدينة غزة داخل أنفاق تحت المنازل وداخل المباني المأهولة بالمدنيين الأبرياء في غزة".
وقال محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية المنافسة لحركة حماس، لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في الأردن إن التهجير القسري للفلسطينيين في غزة سيشكل تكرارا لما حدث عام 1948، عندما فر مئات الآلاف من الفلسطينيين أو طردوا مما أصبحت إسرائيل الآن. ومعظم سكان غزة هم من نسل هؤلاء اللاجئين.
ودعا عباس إلى السماح بدخول المساعدات إلى غزة على الفور. وقالت إسرائيل إنها لن ترفع حصارها حتى يتم إطلاق سراح عشرات المحتجزين الذين أسرتهم حماس. وقال الصليب الأحمر إن وقود الطوارئ قد ينفد قريبا من المستشفيات.
وركزت المحادثات الدولية على تقديم المساعدات وتوفير مناطق آمنة في غزة وسط مخاوف من احتمال انتشار الصراع، مع تحذير إيران من رد فعل من حلفائها، بما في ذلك حماس وجماعة حزب الله القوية في لبنان.
ونظمت احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم. وفي بعض الأماكن، تخشى الجاليات اليهودية من احتمال استهدافها بعد الرد العسكري الإسرائيلي على الهجمات غير المسبوقة التي وقعت مطع الأسبوع والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1300 شخص، معظمهم من المدنيين.
وردت إسرائيل بالفعل بشن الضربات الجوية الأكثر كثافة خلال صراعها المستمر منذ 75 عاما مع الفلسطينيين. وتقول وزارة الصحة في غزة إن هناك 1799 قتيلا فلسطينيا و6388 جريحا جراء الضربات الجوية الإسرائيلية منذ يوم السبت.
"أعدكم بأننا سننتصر"
وقال وزير دفاع الاحتلال، يوآف جالانت، خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الذي سافر إلى إسرائيل بعد يوم من زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن "نحن نقاتل من أجل وطننا. نحن نقاتل من أجل مستقبلنا.. الطريق سيكون طويلا، لكني أعدكم في النهاية بأننا سننتصر".
وقال أوستن إن المساعدات العسكرية تتدفق إلى إسرائيل، لكن هذا هو وقت الحزم وليس الانتقام.
وسافر بلينكن يوم الجمعة إلى الأردن حيث التقى بالملك عبد الله وعباس، الذي تمارس سلطته الفلسطينية حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل لكنها فقدت السيطرة على غزة لصالح حماس في عام 2007. وسافر بلينكن في وقت لاحق إلى قطر، حليفة الولايات المتحدة التي لها نفوذ لدى الجماعات الإسلامية.
وفي الضفة الغربية، خاض محتجون مؤيدون لغزة معارك بالأسلحة النارية مع قوات الأمن الإسرائيلية. وقال مسؤولون فلسطينيون إن 11 شخصا قتلوا بالرصاص.
كما كانت هناك مخاوف من انتشار الأعمال العدائية إلى جبهات جديدة، بما في ذلك الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، حيث كانت الاشتباكات التي وقعت هذا الأسبوع هي الأكثر دموية منذ عام 2006.
وقُتل مصور تلفزيون رويترز عصام عبد الله يوم الجمعة أثناء عمله في جنوب لبنان. وقالت رويترز إنها تسعى للحصول على مزيد من المعلومات وتعمل مع السلطات في المنطقة.
وفي وقت سابق، أوردت رويترز تقارير حول قصف إسرائيلي أصاب موقع مراقبة للجيش اللبناني على الحدود. وقال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق النار ردا على تسلل مسلح مشتبه به، وهو ما قال لاحقا إنه كان إنذارا كاذبا. وذكرت وسائل الإعلام الرسمية اللبنانية أن قذائف سقطت بالقرب من علما الشعب والظهيرة، وهما موقعان شهدا اشتباكات متكررة في الأسبوع الماضي.
وقال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة إنه سيحقق فيما حدث في المنطقة بعد مقتل الصحفي.
وأضاف المندوب جلعاد إردان "نحاول دائما الحد من الخسائر في صفوف المدنيين وتجنبها. بالتأكيد لا نريد مطلقا إيذاء أو قتل أو إطلاق النار على أي صحفي يؤدي بعمله".