هل الاقتصاد في خطر بعد خفض تصنيف مصر من وكالة موديز وبورصة لندن؟
يوجه الاقتصاد المصري عدد من التحديات خلال الفترة الحالية، وخاصة بعد خفض تصنيف مصر الائتماني من قبل وكالة موديز إلى Caa1، وقبلها وضع بورصة لندن القاهرة تحت قوائم المراقبة لاحتمال خفض فئتها من الأسواق الناشئة الثانوية إلى غير مصنفة.
وكانت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، خفضت تصنيف مصر درجة واحدة من B3 إلى Caa1، مع نظرة مستقبلية مستقرة، بسبب تدهور قدرة الدولة على تحمل الديون والنقص المستمر فى العملات الأجنبية.
ولفت إلى أن مؤسسة «موديز» توقعت أن تستمر الحكومة فى تنفيذ المزيد من الإجراءات الإصلاحية خلال الفترة المقبلة موضحة أن الحكومة حريصة على زيادة الإنفاق الاجتماعى بالموازنة العامة؛ للتخفيف الجزئى من تأثير الأزمة الاقتصادية على الفئات الأولى بالرعاية من خلال زيادة الأجور والمعاشات بشكل كبير، وزيادة التحويلات والمخصصات لصالح برنامج «تكافل وكرامة».
وجاء ذلك في الوقت نفسه الذي أعلنت فيه فوتسي راسل الاسم التجاري لمجموعة بورصة لندن، أنها ستضيف مصر مؤشر EGX 30 إلى قوائم المراقبة لاحتمال خفض تصنيفهما في مجموعات مؤشرات الأسهم التابعة لها.
ومن المقرر أن تقوم فوتسي بتحديث قائمة وضع المراقبة لمصر في إطار تصنيفها لأسهم الدول، وذلك في مارس 2024.
ويري خبراء الاقتصاد، أن سبب تراجع مصر في تصنيفها من وكالة موديز وفوتسي راسل، هو تأخر مراجعة صندوق النقد الدولي، للمرة الثانية خلال عام 2023.
تخفيض قيمة الجنيه
وكان صندوق النقد الدولي حذر من استنزاف مصر احتياطياتها، حيث قالت المديرة العامة للصندوق، كريستالينا جورجييفا، إن مصر ستستنزف احتياطياتها الثمينة ما لم تخفض قيمة عملتها مرة أخرى، مضيفة: «إنها تؤخر ما لا مفر منه بالامتناع عن هذه الخطوة، وكلما طال الانتظار زاد الأمر سوءًا».
تأتي رسائل مديرة صندوق النقد الدولي التحذيرية لمصر بعد أن أجل الصندوق إجراء المراجعة الأولى لبرنامج مصر للإصلاح الاقتصادي منذ مارس الماضي إلى الربع الأول من عام 2024.
ويرجع تأجيل إجراء المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح إلى انتظار الصندوق منذ مارس لتطبيق مصر بعض الإجراءات ومن أهمها العودة إلى الالتزام بمرونة سعر الصرف، إلى جانب تحقيق بعض التقدم في برنامج الطروحات الحكومية وبيع حصص تمتلكها الدولة في شركات وأصول.
وعلى مدار العامين الماضيين، خسر الجنيه ما يقرب من 100% من قيمته، حيث وصل سعر الدولار إلى 30.95 جنيه، بعدما كان 16 جنيهًا، وبينما وصل سعر الدولار في السوق الموازي، بين 39 إلى 40 جنيهًا.
حدوث شلل للاقتصاد المصري
وفي هذا السياق، قال مصطفى عادل، محلل أسواق المال، إن ما يحدث من خفض تصنيف مصر يرجع إلى عدم حدوث مراجعة صندوق النقد الدولي للمرة الثانية خلال عام 2023.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن تأجيل المراجعة يعد مؤشر سلبي أمام العالم وخاصة مع عدم تنفيذ برامج صندوق النقد منذ مارس الماضى بجانب إلى عدم وضوح الرؤية لتوجهات الحكومة، ما يضع مصر محل انظار جميع الوكالات والبورصات الخاصة بالتصنيف.
وتابع: «وهو ما أضطر الموسسات الدولية، إلى إعادة النظر إلى تصنيف مصر من الشركات والنبوك والبورصة، وهو أمر طبيعي ومتوقع نتيجة حالة الشلل الذي يشهده الاقتصاد المصري؛ مع تأجيل مراجعات صندوق النقد الدولي».
وأوضح «عادل»، أن الحلول الحالية صعب تنفيذها لأنها تكمن في مراجعة الصندوق، والتي لن تتم خلال الفترة الحالية وسيتم تأجيلها إلى بعد الانتخابات الرئاسية، متابعًا: «الفترة الحالية لا تتحمل أي قرارات اقتصادية قوية».
وأشار محلل أسواق المال، إلى أنه علي الاقتصاد والمواطنين التحمل الصدمات حتى بداية العام المقبل، موضحًا: «مع 2024 سيعود تصنيف مصر مرة أخري بعد أن تتم مراجعة الصندوق وتنفيذ قرار تحرير سعر الصرف وستزيد الاستثمارات وانتعاش البورصة».
العودة إلى 2011
وتفق معه في الرأي الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد المساعد بالأكاديمية العربية للنقل البحرى، حيث قال: «خفض تصنيف مصر الائتماني من خلال موديز وبورصة لندن، له عدة عوامل أهمهم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؛ لأنه للأسف مصر لا تزال في مرحلة المفاوضات؛ نتيجة طلبه لحدوث سعر صرف مرن وسرعة تنفيذ الطروحات الحكومية».
وأَضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن مراجعة الصندوق تم تأجيلها مرتين مرة في مارس الماضي ومرة في سبتمبر الماضي، وذلك حتى العام الجديد، هو بالفعل يؤثر بشكل مباشر على تصنيف مصر، بالإضافة إلى أن هناك جزء أخر مرتبط بسعر الصرف حيث أغلب التعاملات تتم من خلال السوق الموازي ما أدى إلى ندرة المعروض من العملة في البنوك.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن مشكلة خفض التصنيف الائتماني تتمثل في ارتفاع تكلفة الاقتراض ورفع سعر الفائدة على السندات الدولارية لجذب أكثر قدر من المستثمرين، ويؤثر أيضًا على جميع الاستثمارات غير مباشرة والتى جزء منها في البورصة وآخر في السندات الدولارية.
وتابع: «والبورصة تأثرت بشكل واضح خلال الأيام الأخيرة بأحدث فلسطين وإسرائيل ومقتل السائحين الإسرائيلين في الإسكندرية وما تسبب في انخفاض المؤشرها إلى 6.50% بعدما حدث انتعاشة خلال الأسبوعين الماضيين، وهو ما أبدى مخاوف لدي المستثمرين والمضاربين الذي يطلق عليه مستثمري قصير الآجل وانخفاض البورصة سيستمر لفترة ليست بقريبة».
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن ذلك جاء في الوقت نفسه الذي التي تعاني فيه البورصة من عدم القدرة على جذب مستثمرين استراتجيين، بسبب فروق سعر الصرف الذي يصل إلى 9 جنيهات بين الرسمي والموازي.
وواصل: «هذا بالإضافة إلى وصول سعر العقود الآجلة إلى 45 جنيهًا هو ما يعطي مؤشر سلبي لاستمرار انخفاض العملة المحلية أمام الدولار، بجانب ألتزام مصر بسداد 30 مليار دولار أقساط ديون وفوائد، وارتفاع أسعار النفط عالميًا إلى 93 دولارًا، ووضعه في الموازنة بسعر 65 دولارًا بعد تعديل الأسعار يعني ارتفاع جديد في النقل والسلع».
واستكمل: «ولم يصل الأمر إلى الأزمات الداخلية الخاصة بالاقتصاد فقط، فقد شهدنا الوضع الأمني ودخول لبنان الحرب وتصريحات من جميع المسئولين، ما يستدعي إلى تأمين الحدود المصرية وزيادة الأنفاق العسكري والتأمينات البرية والبحرية، ويضم أيضًا للمشهد الانتخابات الرئاسية من اتهامات متبادلة».
وأكد الدكتور علي الإدريسي، أن الأسباب الماضية بالطبع تؤثر على التضخم والمشهد الاقتصادي من الاستثمار والديون وتصنيف مصر الائتماني وعلاقتها بالمؤسسات الدولية، وهو ما يجعل الوضع ضبابي وشائك، متابعًا: الجهود الحكومية المبذولة جيدة، ولكنها لا تتناسب مع وتيرة الارتفاعات والتضخم.
ولفت إلى أن مصر سيعود تصنفها الائتماني للارتفاع مرة أخري، خلال عام 2024، قائلًا: «وبالعودة إلى عام 2011 كان تصنيف مصر الائتماني وصل إلى إلى نفس الدرجة، بالإضافة إلى أن وكالة فيتش أصدرت تقرير حول أن الاقتصاد المصري على وشك الإفلاس وهذا لم يحدث، وبالرغم من الأزمات التي يوجهها فأنه يزال اقتصاد قوي يمتلك أصول وموارد وليس اقتصاد هش».
وختم: «التوقعات الخاصة بعام 2024 غير متفائلة بشكل كبير ولكن بالعكس هي توقعات سلبية لن تختلف عن توقعات 2023، ومن المقرر أن تستمر حتى نهاية العام المقبل أو ستستمر إلى 2025».