بزعامة أحمد طنطاوى..
أسرار تدشين تحالف سياسى جديد لكسر الخطوط الحمراء وعودة الإخوان قبل انتخابات الرئاسة
وعقب انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية المصرية، إثر فشله في جمع التوكيلات المطلوبة للترشح، أعلن طنطاوي عزمه تدشين تحالف سياسي جديد يضم عددًا من القوى السياسية والحزبية، وهو ما اعتبره بعض المراقبين والخبراء آلية جديدة لتحقيق هدف طنطاوي بإعادة الإخوان إلى المشهد السياسي في مصر.
وأوضح «طنطاوى»، أن هناك مشاورات حاليًا سيتم الإعلان عنها بعد 15 يومًا، ويجرى الاتفاق على عدد من الأمور، من بينها تدشين تنظيم سياسي أو جبهة تحمل برنامجًا وتحالفًا واسعًا كمشروع إجرائي، معقبًا: «سنعتبره بمثابة مسودة مشروع إنقاذ وطني، ونحن منفتحون على جميع الأحزاب».
ولم تتضح حتى الآن ملامح التحالف السياسي الذي أعلن عنه «طنطاوي»، وأكدت مصادر من داخل الحركة المدنية أن التحالف ما زال قيد الدراسة، ولم تتضح ملامحه بعد، إلا أن بعض القوى السياسية لم ترحب بالإعلان، خاصة أن «طنطاوي» محسوب على جماعة الإخوان ويعمل -حسب سياسيين مصريين- على تنفيذ مخطط لإعادة الجماعة إلى المشهد.
شكوك حول أهدافه
وما يثير شكوك البعض وتخوفهم من التنظيم الجديد المنتظر الإعلان عنه هو تصريحات أحمد طنطاوى أن الإخوان المسلمين بالنسبة له خصم سياسي، متابعًا: «عندما أكون رجل سياسة لا يتمتع بموقع في السلطة هم خصم سياسي، لكن عندما أكون رئيس دولة، فلا يحق لي إلا الالتزام بالتعامل مع الجميع وفقًا للدستور والقانون، ولن أعامل الناس من منطلق تأييدهم أو معارضتهم لي، لأن هذا ليس من حقي».
وبحسب الباحث المصري المختص بالحركات الإرهابية والإسلام السياسي منير أديب، في دراسة له، أنه قد يكون صحيحًا أن جماعة الإخوان المسلمين تحاول العودة إلى المشهد السياسي من جديد، من خلال طنطاوي وغيره، ولكن الحقيقة أنهم يشهدون تراجعًا.
وتشير الدراسة إلى العامل الأهم في عودة الإخوان إلى المشهد السياسي المصري، وهو الرفض الشعبي القاطع للجماعة، موضحًا أنه تم رصد المواقف الحزبية، عبر بيانات معلنة وتصريحات نُشرت في بعض وسائل الإعلام، لكنّ المواقف الشعبية لا تقلّ عن مواقف الأحزاب المدنية التي رفضت عودة جماعة الإخوان إلى المشهد السياسي، أو استغلالها للاستحقاق الانتخابي.
ووفقا للدراسة، لاقى أحمد طنطاوي دعمًا سياسيًا محدودًا، فحزب الكرامة الذي كان يتولى رئاسته من قبل أعلن دعمه، ودعا جميع أعضاء وجماهير الحزب إلى تحرير توكيلات الترشح لطنطاوي، وفتح مقرات الحزب بجميع المحافظات لاستقبال أنشطة الحملة الانتخابية وفعالياتها طوال فترة الدعاية الانتخابية.
ولم يكن حزب الكرامة هو الحزب الوحيد الذي أعلن دعمه للمرشح المحتمل أحمد طنطاوي، بل إنّ حزب التحالف الشعبي أعلن هو الآخر دعمه لـ«طنطاوي».
وبحسب ما جاء في الدراسة، أن إعلان الدعم لـ«طنطاوي» جاء من قِبَل الأحزاب السياسية المحسوبة على اليسار فقط، وهي قليلة مقارنة بباقي الأحزاب السياسية التي تصل إلى 42 حزبًا سياسيًا، وهي المسجلة رسميًا، بينما لم تعلن الأحزاب الدينية، أو القريبة من التيار الديني، وخاصة التيار السلفي، مثل حزب النور، أيّ موقف سياسي مؤيد له.
لذا تبدو مواقف الأحزاب السياسية واضحة، ويبدو أن هناك شبه اتفاق بين هذه الأحزاب على عدم السماح لجماعة الإخوان بالعودة إلى المشهد السياسي، أو استغلال الاستحقاق الانتخابي من أجل تحقيق بعض المكاسب، وهو ما يعد تراجعًا للتنظيم، وليس عودة إلى المشهد كما يحاول تصويرها من يحاول تفسير المشهد كما يتمناه -وفقًا للدراسة-.
مبادرة «طنطاوي» لم تكن الأولى من نوعها بالنسبة له، فقد طرح من قبل حينما كان عضوًا بمجلس النواب مبادرة سياسية كانت سببا في إحالته إلى لجنة القيم لاتخاذ إجراءات عقابية ضده بعدما طرح مبادرة للإصلاح السياسي دعا خلالها الرئيس المصري إلى التنحي عن السلطة بحلول عام 2022، وإعادة النظر في التعديلات التي تم إقرارها على الدستور المصري بعد استفتاء شعبي في إبريل.
وكان «الطنطاوي»، قد دعا خلال المبادرة إلى تشكيل 12 لجنة برلمانية لمناقشة أزمات البلاد المختلفة، غير أن 95 نائبًا تقدموا بطلب لإحالته إلى لجنة القيم لأنهم يرون في مبادرته مساسا برئيس الجمهورية والجيش والشرطة وهي من وجهة نظرهم «خطوط حمراء» لا يجب التعرض لها.
وقتها، طرح عضو مجلس النواب السابق، مبادرته للإصلاح السياسي في تسجيل مصور بثه عبر قناته الشخصية على موقع «يوتيوب»، قال خلاله إنه تقدم إلى مجلس النواب بمقترحاته التي تهدف إلى إحداث حالة حوار حول المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تواجه البلاد.
ومن بين المحاور التي تحدث عنها «الطنطاوي»، إلغاء التعديلات الدستورية الأخيرة والتي قال إنها تمثل انتكاسة كبيرة في التوازن بين السلطات، وتعود بنظام الحكم في مصر إلى ما يشبه إدارة الدولة في القرون الوسطى، من خلال تكريس كل السلطات في يد رئيس الجمهورية، الأمر الذي اعتبره ضربة موجعة لعملية التحول الديمقراطي -على حد قوله-.
وطالب «الطنطاوي»، في مبادرته، بالإفراج عن المسجونين غير المتورطين في قضايا العنف أو التحريض عليه، والنظر في مسألة الحبس الاحتياطي وإعادة هيكلة وزارة الداخلية، والموازنة العامة للدولة، بما يتناسب مع مكافحة الإرهاب والفساد.
خارج السياق الديمقراطي
من جانبه، يرى هشام عبد العزيز رئيس حزب الإصلاح والنهضة، أن الدولة المصرية كانت من أكثر الحريصين على تحقيق تنمية شاملة، كما أنها حريصة على إجراء انتخابات نزيهة.
وأوضح رئيس حزب الإصلاح والنهضة، أن المرشح المحتمل أحمد الطنطاوى خارج السياق الديمقراطى وخارج أن يكون مرشحا محتملا لديه برنامج، مؤكدًا أنه جزء من تحركات خارجية تريد إفساد المشهد المصرى واستغلال الانتخابات الرئاسية لإحداث حالة من الفوضى.
تبرير الفشل
بينما يقول الدكتور محمد السيد أستاذ العلوم السياسية، إن أحمد طنطاوى أراد تبرير فشل الحصول على توكيلات المواطنين المطلوبة للترشح بالإعلان عن وجود برنامج سياسي له وتشكيل تنظيم سياسي معارض لإنقاذ البلاد، معقبًا: «وهذا مجرد تشوه سياسي لا أكثر، بدليل أنه عرض منذ 5 سنوات برنامجا سياسيا وتم رفضه من قبل الأحزاب».
وتوقع الخبير السياسي، رفض الأحزاب الانضمام للتنظيم السياسي الجديد، إلا الأحزاب التي أعلنت دعمه في الانتخابات فقط وعلى رأسها حزب الكرامة.
وأشار «السيد»، إلى أن عودة الإخوان للمشهد السياسي أمر مرفوض شعبيًا، وبالتالى لن تنجح مبادرة سياسية في ذلك، ومجرد الحديث عن الجماعة الإرهابية يقلل من شعبية «طنطاوي» إلى الأبد.
وتوقع الدكتور محمد السيد، أن تتضمن المبادرة في حالة خروجها للنور بعض النقاط مثل الإفراج عن المسجونين غير المتورطين في قضايا العنف أو التحريض عليه، والنظر في مسألة الحبس الاحتياطي وإعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة.