بالمستندات.. تقرير رقابي يكشف ألاعيب عصابات سرقة القمح المستورد بمعرفة موظفى «مطاحن مصر العليا»
بالرغم من الجهود الكبيرة والتحركات المتواصلة من الدولة لتأمين الاحتياطات الاستراتيجية اللازمة من القمح من خلال عمليات الاستيراد من الدول المختلفة والتي تكلف الدولة سنويًا مليارات الدولارات، إلا أنه في المقابل تعرضت كميات كبيرة من القمح لعمليات سرقة ونهب وبيع في السوق السوداء بمعرفة بعض موظفي المطاحن، -حسب تقرير رقابي صادر في هذا الشأن-.
وكشف التقرير الرقابي -حصلت «النبأ» على نسخة منه-، عن وقائع سرقة للقمح المستورد من مخازن شركة مطاحن مصر العليا الواقع نطاقها الجغرافي بمحافظات سوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر، مما أضاع ملايين الجنيهات على الدولة ذهبت في جيوب لصوص وحرامية المال العام.
وقال التقرير الرقابي المحرر بتاريخ 20-9-2023، إنه تبيّن استيلاء كل من «خالد عبدالحميد»، و«محمد الضوي» أمناء مستودع شركة مطاحن مصر العليا بمنطقة جرجا بسوهاج، على كميات من الدقيق المخصص لصالح مخابز جرجا البلدية، وتم اكتشاف تلك السرقة من المطابقة التي تمت مع الهيئة العامة للسلع التموينية، الأمر الذي ترتب عليها آثارًا مالية منهوبة بلغ ما أمكن حصره منها نحو 4.254 مليون جنيه، منها نحو 2.123 مليون جنيه طرف «خالد عبدالحميد»، ونحو 2.131 مليون جنيه طرف «محمد الضوي».
وأضاف التقرير، أن مطحن مركز ومدينة طهطا التابعة لمحافظة سوهاج تعرض لعمليات سرقة، حيث تبيّن استيلاء بعض العاملين بالمطحن على كمية من الأقماح المستوردة ملك الهيئة العامة للسلع التموينية وارتكاب عدة جرائم منها الاستيلاء على المال العام والتزوير في محررات رسمية والغش والتدليس طبقًا لما أسفرت عنه أعمال اللجنة المشكلة بالشركة والبلاغ المقدم لمباحث الأموال العامة لجنوب الصعيد بشأن تلك الواقعة التي ترتب عليها آثارًا مالية ضائعة بلغ ما أمكن حصره منها نحو 6.494 مليون جنيه.
وحول تفاصيل سرقة مطحن طهطا، قال التقرير الرقابي إنه تبيّن أن إحدى السيارات التابعة لشركة مطاحن مصر العليا التي تحمل رقم (6312-3541) نقل سوهاج، قيادة السائق «ياسر باهي حسين» لم يظهر دخولها إلى المطحن طبقًا لكاميرات المراقبة، وذلك في أيام (17، 18، 19، 23، 27) من شهر إبريل من العام الجاري 2023، والمحملة بأقماح مستوردة واردة من صومعة غرب طهطا التابعة للشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين بإجمالي كمية قدرها 341.310 طن، وذلك على الرغم من إدراج هذه الكمية بأذون ورود البوابة بمعرفة مندوب استلام الأقماح بالمطحن وكاتب البوابة.
وأضاف التقرير الرقابي، أنه تم تشكيل لجنة لتصفية مطحن طهطا صفريا خلال الفترة من 1/4/2023 حتى 30/4/2023 للتحقق من صحة وجود عجز من عدمه، وأسفرت أعمال اللجنة عن وجود عجز في المعدلات النمطية لاستخراج الدقيق؛ نظرًا لعدم ورود الكمية المشار إليها من الأقماح على السيارة سالفة الذكر والتي قام سائقها والتباع بالتصرف في عدد ستة حمولات بمساعدة مندوب استلام الأقماح بالمطحن «محمد خلف الله»، حيث قام الأخير بالتلاعب والتزوير بختم كارتات الشحن الخاصة بالنقلات الستة التي لم يتم تسليمها للمطحن واستخراج أذون دخول بوابة لهذه النقلات لتسهيل الاستيلاء عليها اشتراكا مع السائق المذكور و«التباع»، وذلك طبقا لما ورد بتقرير اللجنة المشار إليه.
وأشار التقرير، إلى أنه تم إبلاغ مدير إدارة مباحث الأموال العامة لجنوب الصعيد بالواقعة بتاريخ 4/5/2023 وتم إحالة البلاغ إلى النيابة العامة بموجب المحضر رقم 1275 لسنة 2023 إداري طهطا، حيث تم إدانة كل من السائق ومسئول استلام الأقماح و«تباع» السيارة، وتم حبس كل من الثاني والثالث والأول ما زال هاربا حتى تاريخ إعداد التقرير.
ولفت التقرير، إلى وجود مديونية مستحقة طرف «أحمد محمد» قيمة التصرف في كمية من الأقماح حوالي 118.15 طن طبقًا للمطالبة الواردة من مديرية التموين والتجارة الداخلية بسوهاج، وبحسب القضية المرفوعة على الشخص المذكور بتهمة الاختلاس والاستيلاء على المال العام.
وأوصى التقرير الرقابي بضرورة متابعة كافة التحقيقات والإجراءات القانونية الجارية بشأن وقائع السرقة سالفة الذكر ودراسة أسبابها ومعالجتها إحكامًا للرقابة واتخاذ ما يلزم في هذا الشأن من إجراءات وما يترتب عليها من آثار والعمل على تحصيل المديونيات المستحقة لشركة مطاحن مصر العليا.
وتطرق التقرير، إلى فرض غرامات بنحو 1.130 مليون جنيه على بعض مطاحن الشركة (الأقصر، أرمنت، إسنا، جرجا، طهطا) خلال العام الحالي نتيجة مخالفة العينات المسحوبة بمعرفة مديريات التموين والتجارة الداخلية طبقًا لما هو وارد بالمطابقات التي تمت مع الهيئة العامة للسلع التموينية.
ولفت التقرير إلى وجود تفاوت في نصيب طحن طن القمح التمويني من التكلفة الإجمالية من مطحن لآخر، حيث بلغت في أدناها نحو 429.44 جنيه لكل طن قمح بمطحن حورس بأسوان وأعلاها 670.87 جنيه للطن بمطحن جرجا بسوهاج، كما تبيّن أيضًا وجود تفاوت في تكلفة تصنيع جوال الدقيق زنة 50 كيلوجرام لإنتاج الخبز، حيث بلغت نحو 355.39 جنيه للجوال بمخبز الغردقة بالبحر الأحمر في أدناها، و496.25 جنيه للجوال بمخبز طما بسوهاج في أعلاها.
وطالب التقرير الرقابي بضرورة دراسة أسباب التفاوت الكبير في طحن طن القمح التمويني من مطحن لآخر، وكذا أسباب التفاوت في تصنيع جوال الخبز من مخبز لآخر، والعمل على معالجتها منعًا لوجود فروق كبيرة في طحن القمح وتصنيع الخبز.
وذكر التقرير، أنه في ضوء التحول الرقمي للمنظومة الإلكترونية على مستوى الدولة، لم تقم شركة مطاحن مصر العليا بإعداد نظام ربط إلكتروني لقطاعات الشركة بمناطقها المختلفة، وعدم وضع برنامج محاسبي إلكتروني للتحويل من النظام اليدوي إلى النظام الآلي، الأمر الذي يؤدي إلى إضاعة الوقت والجهد وعدم مواكبة أهداف الدولة للتحول إلى مصر الرقمية.
وأكد التقرير على وجود بعض أوجه القصور في أعمال الرقابة والضبط الداخلية بشركة مطاحن مصر العليا وعدم الالتزام بأحكام والشروط الواردة بقانون البيئة، ومن أهم مظاهر القصور في هذا الشأن عدم وجود حوائط أو ستائر معدنية على نقر استقبال الأقماح بالمطاحن لمنع تصاعد الأتربة حال تفريغ الأقماح على النقرة خاصة في ظل وجود بعض المطاحن بالقرب من الكتلة السكانية؛ مما يعرض الشركة لمخالفات بيئية نتيجة لذلك، كما تبيّن أيضًا قيام مسئول القياسات البيئية بالشركة بعمل تلك القياسات مرة أو مرتين خلال العام بالمخالفة لأحكام قانون البيئة التي تنص على عمل تلك القياسات مرة كل 3 شهور.
وذكر التقرير، أنه يتم تصريف مياه الصرف الخاصة بغسيل الأقماح ببيارات، وذلك ببعض المطاحن التابعة للشركة مثل (مطحن طما، مطحن المحلج، مطحن أحمس بقوص) دون تصريفها على شبكة الصرف الصحي الرئيسية بتلك المدن، هذا بخلاف عدم استيفاء مطاحن الشركة لاشتراطات الحماية المدنية ومكافحة الحريق بكافة الوحدات التابعة للشركة وذلك طبقًا لتقارير المعاينة الواردة من إدارات الحماية المدنية بمديريات أمن سوهاج وقنا والأقصر.