بعد الحرب الغاشمة وضرب برج المراقبة المصرى..
سيناريوهات التصعيد بين القاهرة وتل أبيب عسكريًا وسياسيًا ودبلوماسيًا
تتصارع الأحداث والتصعيد داخل قطاع غزة بين الحين والآخر، وسط تهديدات بتوسيع دائرة الصراع ليشمل دولا إقليمية أخرى.
ومع ارتفاع حدة المعركة في قطاع غزة غير المتكافئة تشتعل نفوس الشعوب العربية غضبًا مما يحدث من جرائم حرب لا تخفى على أحد، مطالبين باتخاذ إجراءات عربية أكثر حدة وقوة ضد الجانب الإسرائيلي.
وازداد غضب المصريين تحديدًا بعدما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف برج مراقبة أمني مصري على الحدود مع إسرائيل بمنطقة كرم أبو سالم؛ ما أدى إلى حدوث بعض الإصابات الطفيفة بجنود الجيش المصري الموجودين في البرج.
وطالب عدد من السياسيين ونواب البرلمان، بسحب السفير المصري من تل أبيب وطرد نظيره الإسرائيلي من القاهرة، بينما طالب آخرون بضرورة تلويح مصر والتهديد بتعليق العمل بمعاهدة كامب ديفيد للسلام؛ مما يعني انتهاء السلام بين القاهرة وتل أبيب.
وتحاول «النبأ» خلال السطور التالية الكشف سيناريوهات التصعيد المتوقعة بين القاهرة وتل أبيب على كافة الأصعدة السياسية والدبلوماسية والعسكرية.
تحركات سياسية ودبلوماسية
من جانبه، قال السفير معتز أحمدين خليل، الدبلوماسي السابق ومندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك سابقًا، إن التصعيد الدبلوماسي سواء بسحب السفير المصري أو طرد نظيره الإسرائيلي وصولًا بالتلويح والتهديد بتجميد العمل بمعاهدة كامب ديفيد خطوات من الممكن اتخاذها ولكن عندما يتطلب الأمر ذلك.
وأضاف الدبلوماسي المصري السابق، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه في حال قيام إسرائيل باجتياح قطاع غزة بريًا وإجبار سكان غزة على إخراجهم من ديارهم والتكدس أمام معبر رفح المصري هنا لا بد من تصعيد الأمور دبلوماسيًا.
وأوضح «أحمدين»، أن مصر رفضت هذا المخطط مرارًا وتكرارًا لأن في ذلك تصفية للقضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن إعلان ذلك أكثر من مرة من إسرائيل يعني أن «تل أبيب» لا زالت تفكر في هذا المخطط رغم موقف مصر الرافض.
وتابع: «هذا يعني تصميمهم عليه، أو أنهم يعتبرون أن المواقف المعلنة في مصر تجاه المخطط تختلف عن المواقف غير المعلنة من القيادة المصرية، ولكن هذا غير صحيح على الإطلاق، المواقف المعلنة واضحة وترفض ذلك وإذا دخلت إسرائيل بريًا ودفعت أهالي غزة وأجبرتهم على التكدس أمام معبر رفح، بالإضافة إلى الإجراءات الميدانية بمحاولة المنع من الدخول، هذا يستدعي سحب السفير المصري وطرد الإسرائيلي وإعادة الحديث عن مراجعة بنود كامب ديفيد أو تجميد العمل بها.
وأكد مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك سابقًا، أن مصر رغم أي إجراءات ميدانية لن تستطيع ترك أهالي غزة دون فتح المعبر لهم حتى لا يتعرضون للمذابح على يد إسرائيل.
وأوضح السفير معتز أحمدين، أنه لا يمكن البدء في هذه الإجراءات التصعيدية في الوقت الحالي، معقبًا: «لأنك مش هتقدر تذهب لها في حالة وصول التصعيد لهذا الوضع الخطر، فيجب ألا نحرق الكروت مرة واحدة».
وعن الإجراءات التصعيدية على المستوى السياسي والدبلوماسي، يرى السفير معتز أحمدين خليل، أنه يجب من الآن اتخاذ بعض الإجراءات والتحركات على المستوى الدولي سواء في الأمم المتحدة أو أمام الاتحاد الأوروبي.
وأضاف «أحمدين» لـ«النبأ»: «يجب التحرك في جنيف أمام مجلس حقوق الإنسان، مصر عضو فيه فلماذا لا تقوم بالمبادرة لإثارة هذا الموضوع وتسليط الضوء على ما يرتكب بحق الشعب الفلسطيني».
وتابع: «ولا بد من طلب عقد جمعية عامة للأمم المتحدة للمطالبة بتسوية القضية الفلسطينية وعرض الموقف المصري والعربي بكل قوة، لأن بذلك سيكون الأمر أكثر اتساعا خاصة وأن هناك من 120 لـ150 دولة مساندة لموقفنا، فحتى ولو امتنع عن التصويت 40 دولة من الدول الأوروبية الغربية الداعمة لإسرائيل سنجد أغلبية في دعمنا دوليًا».
سيناريوهات إقحام مصر عسكريًا
فيما يرى اللواء حمدي بخيت، المحلل العسكري والاستراتيجي، أن إسرائيل لا تجرؤ على إقحام مصر في عمليات قتال، فهي تعلم جيدًا القدرات العسكرية المصرية.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»: «ما نالته منا إسرائيل سابقًا لا يجعلها تقدم على هذه الخطوة مرة ثانية، ونحن لا نتورط بل هم من يتورطون».
وأكد المحلل العسكري، أن سيناريو الحرب بالنسبة لمصر أمر غير وارد، لافتًا إلى أن الوارد محاولة تصفية القضية الفلسطينية بدفع أهالي قطاع غزة إلى الأراضي المصرية لفرض واقع جديد وبعد هذا يرفضون عودة اللاجئين ويتم تهويد قطاع غزة كما حدث في الجولان.
وأوضح اللواء حمدي بخيت، أن العمل المسلح مع مصر أمر لا تطيقه تل أبيب، معقبًا: «مصر لن تصل إلى الصراع المسلح إلا في حالة ضرر الأمن القومي، وأمننا القومي في حفاظ كامل عليه ومحدش يقدر يمسنا».
وعن سيناريوهات التصعيد العسكري بين مصر وإسرائيل خاصة بعدما اعترفت إسرائيل بقصف برج مراقبة على الحدود مع مصر، قال «بخيت» لـ«النبأ»: «مش عاوزين نكون متهورين وكأنها خناقة في قهوة، هناك قياسات ومصالح وأهداف تحكم الأمور كاملة، مصر قادرة ولكن استخدام القوة له محددات».
وأضاف أن أي اعتداء على قيم الأمن القومي المصري يخضع اتفاقية كامب ديفيد للزوال، معقبًا: «القصف غير مقصود بدليل أنهم يتملكهم الرعب من اختراق معاهدة السلام، إسرائيل تخشى ذلك، فالاتفاقية تحميهم هم أكثر منا».
وتابع: «خطة تصفية القضية على حساب دول الجوار لدى إسرائيل أمر معلوم جيدًا، وليس في اتجاه مصر فقط ولكن في اتجاه الأردن والضفة الغربية».
وعن المطالب الشعبية وسيناريو التصعيد الدبلوماسي بسحب السفير المصري من تل أبيب وطرد نظيره الإسرائيلي من القاهرة، قال اللواء حمدي بخيت، إنه ليس من الذكاء في إدارة الأزمة السياسية أن يتم قطع الاتصال بالجانب الآخر.
وأضاف: «السفراء نقطة اتصال لا يجوز أن نفقدها في عز الأزمة والذكاء ليس في الإجراءات العنترية ولكن في توصيل رسالة للعدو بإجراءات ردع واضحة وهذا موجود وبشكل واضح في تصريحات الرئيس السيسي لوزير خارجية أمريكا وبمؤتمر السلام».