منها السكر والسجائر..
سر انفلات أسعار 8 سلع ومنتجات ضرورية فى السوق
أصبح انفلات الأسعار في مصر، حديث الساعة في الشارع المصري، وخاصة بعد الأزمة الأخيرة من اختفاء السكر وارتفاعه ليصل إلى 52 و55 جنيهًا في بعض الأماكن، بينما تعلن الحكومة وفرته بسعر 27 جنيهًا في جميع منافذ وزارة التموين.
بينما شهدت أسعار السجائر، خلال الأيام القليلة الماضية، ارتفاعات غير مسبقة مع ندرة المعروض منها، ليصل سعر بيعها في السوق السوداء إلى 130 جنيهًا، حسب تجار في السوق المحلي.
ولم يقف الأمر لدى أسعار السجائر والسكر والسلع الغذائية، بل وصل إلى الحديد والأسمنت، حيث زادت أسعار الأسمنت إلى 3000 جنيه في الوجه البحري، والقبلي مستقرة لدى 2100 جنيه، بينما الحديد يتراوح سعر بين 42 ألف جنيه و43 ألف جنيه مع اختلاف الأماكن.
كما الحال لم يختلف كثيرًا، في سوق الذهب والذي يقترب من حاجز الـ3000 جنيه لعيار 21 الأكثر انتشارًا، مع زيادة شكاوى من قبل المواطنين بعدم التزام محال الصاغة بالسعر المعلن بالبورصة المحلية.
أما بالنسبة لسوق السيارات وقطع الغيار فهو من سيء لأسوأ، بعد وقف عمليات الاستيراد منذ 2022، حيث وصلت نسبة الزيادة إلى 200% على بعض الفئات خلال العامين الماضيين، بخلاف أزمة الأوفر برايس والتى وصلت إلى 100 ألف جنيه.
ويواجه سوق الأجهزة الكهربائية، خلال الأسبوع الماضي، ارتفاعات بقيمة 2000 جنيه على السلع الأساسية في المنزل مثل الثلاجات والغسالات والتليفزيون والبوتاجاز، بعد تخطي سعر الدولار في السوق السوداء حاجز الـ50 جنيهًا بجانب انتشار ظاهرة الأوفر برايس لأول مرة في مصر مع ندرة المعروض وهو الأمر الذي زاد من حدة الأزمة.
وعلى صعيد الهواتف المحمولة، فوصلت أسعار الموبايلات الفئة المتوسطة إلى 15 ألف جنيه، بينما الفئة الاقتصادية قيمتها تتراوح بين 4 و7 آلاف جنيه، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع المبيعات في السوق بنسبة 60%.
لعب التجار في الأسعار
وفي هذا السياق، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن اختلاف الأسعار بين مكان لآخر وبين سوق وآخر والمحال وبعضها، وبين شركة وأخرى وكذلك المصانع أمر طبيعي؛ لأن السوق المصري حر، ويحكمه قانون العرض والطلب.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن اختلاف الأسعار يحدث حتى بين البنوك وبعضها، حيث يضع البنك المركزي قيمة 10 قروش يتراوح بينها البنوك سواء انخفاض أو ارتفاع، لافتًا إلى أن ذلك يخلق نوعا من الحافز بين البنوك وبعضها.
وتابع: «لكن الأمر الذي يحدث في السلع الأساسية مثل السكر، أمر غير مبرر وانفلات بسبب جشع تجار وغياب للدور الرقابي للحكومة، حيث سعر السكر يباع بسعرين أو 3 في المكان الواحد ووصل إلى 52 جنيهًا، وليس موجود في السوق وهو ما يؤدي إلى التكالب على شرائه بأي سعر».
وأشار «فهمي»، إلى أن الأزمات التي تواجهها مصر في المنطقة من حروب ليس معناها لعب التجار في الأسعار وحدوث انفلات بهذا الشكل المستفز للمواطن المصري رغم تقديره للظروف التى تمر بها البلاد، متسائلًا: «أين الدور الرقابي للحكومة والبرلمان وجهاز حماية المستهلك والطوارئ الخاصة بالمحافظين؟ لضبط محتكري الأسواق».
وأكد أستاذ الاقتصاد، أن أمر التسعير الجبري على جميع السلع يصعب تنفيذه، لأنه يخلق سوقا سوداء، لافتًا إلى أنه ينفذ فقط على مستوى المنافذ الحكومة مثل أمان ووزارة الزراعة والمجمعات الاستهلاكية.
ولفت إلى أنه أصبح هناك ظواهر لم يشهدها السوق وبشكل علني وغير مخفي كما يحدث في السابق مثل الأوفر برايس على المحمول والأجهزة الكهربائية، والذي أصبح يصدر بها قوائم بجانب الفواتير، والسوق السوداء للسجائر والسلع الأساسية؛ لذلك يجب أن يكون هناك وقفة قوية لحماية المواطنين من هذا الجشع.
جني أرباح ومكاسب
ومن ناحيته، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد المساعد بالأكاديمية العربية للنقل البحري، إن ضعف الدور الرقابي على السوق، هو الأساس في انتشار الانفلات في الأسعار، وعدم وجود سعر موحد لأي سلعة.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن جشع التجار لن ينتهي إلا في حالة وضع عقاب لرادع للمخالفين، موضحًا أن الاقتصاد المصري يمر بأزمات وهو ما يدفع البعض لاستغلاله لجني أرباح ومكاسب على حساب المواطن.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن السوق خلال الفترة الحالية، يشهد ممارسات احتكارية غير مسبوقة، بالإضافة إلى سياسات التخزين لتعطيش السوق، وظهور السوق السوداء، وتقييم للسلع بشكل أعلى من قيمتها العادلة.
تابع: «هناك العوامل المساعدة على استغلال التجار وتحقيق أرباح مبالغ فيعها أيضًا سعر الدولار في السوق الموازي والذي تخطى سعر الـ53 جنيهًا في بعض الأماكن، بجانب قلة مستلزمات الإنتاج وانخفاض الاستيراد وتكدس البضائع في الموانئ».
وأوضح الخبير الاقتصادي، أنه بعد فرض ضرائب على السجائر وصل سعرها إلى 79 جنيهًا منتصف شهر نوفمبر، نتفاجأ بعدم وجودها في أي مكان ويتم بيعها في السوق السوداء فقط وبسعر 130 و140 جنيهًا.
وواصل: «المخالفون أصبحوا يمارسون تجارتهم في العلن حتى تجار العملات الأجنبية، دون رقيب أو محاسب؛ لذلك يجب في البداية حل مشكلة الدولار لأنها شماعة المستغلين لرفع السلع والخدمات في الأسواق».
ولفت إلى أن الأمر في سوق الحديد والأسمنت، وارتفاع الأسعار؛ جاء نتيجة الاحتكار، حيث هناك حوالي 5 منتجين في القطاعين، متابعًا: «ولذلك عند الرفع أو الخفض يكون بالاتفاق مع جميع المصانع والشركات بالإضافة إلى أنه يكون دفعة واحدة».