ماذا حدث لمصادرنا الدولارية؟..
سر انخفاض الصادرات المصرية وتحويلات العاملين في الخارج خلال عام 2023
شهدت مصادر مصر الدولارية، وخاصة الصادرات وتحويلات المصريين في الخارج، تراجعًا ملحوظًا، خلال العام الماضي 2023، هو الأمر الذي تسبب في نقص المعروض من العملة الخضراء، وارتفاع سعرها في السوق الموازية لتصل إلى 54 جنيها، خلال الفترة الماضية.
جاء ذلك في الوقت نفسه الذي تبذل فيه الحكومة جهدًا ضخمًا في زيادة الصادرات وتستهدف وصولها إلى 100 مليار دولار سنويًا خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
كما تحاول الحكومة جذب تحويلات المصريين في الخارج عن طريق إطلاق مبادرات، خلال الفترات الماضية، منها استيراد السيارات، وإنشاء شركة «المصريين بالخارج للاستثمار»، ودراسة تقديم خصومات على الخدمات مقابل الدفع بالدولار، بجانب تسوية الموقف التجنيدي للشبان المصريين في الخارج مقابل 5 آلاف دولار.
وبالرغم من جهود الحكومة طول عام 2023، إلا أن الصادرات المصرية انخفضت بنسبة 22%، خلال أول 9 أشهر من العام الماضي 2023 على أساس سنوي، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وسجلت صادرات مصر، خلال الفترة نحو 30.8 مليار دولار، مقابل 39.4 مليار دولار في الفترة المماثلة من العام 2022.
بينما انخفضت تحويلات المصريين في الخارج، خلال العام المالي الماضي 2022-2023، بنسبة 30.8% مقارنة من نفس الفترة من العام المالي السابق 2021-2022، وفق بيانات ميزان المدفوعات الصادر من البنك المركزي.
وبحسب بيانات ميزان المدفوعات للبنك المركزي، تراجعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى نحو 22.1 مليار دولار خلال العام المالي الماضي المنتهي في يونيو 2023 مقارنة بنحو 31.9 مليار دولار من نفس الفترة من العام الماضي بانخفاض بقيمة 9.8 مليار دولار خلال عام.
وكانت مؤسسات مالية دولية مثل كريدي سويس، ومورجان ستانلي، وفيتش حذرت من عدم سرعة مصر للعودة إلى نظام سعر صرف مرن للجنيه مقابل العملات الأجنبية في تحويل تدفقات العملات الأجنبية بعيدًا عن السوق الرسمية وهي البنوك، إلى السوق السوداء، بما يشمل تحويلات المصريين العاملين في الخارج، الذين يمثلون نحو ثلث تدفقات الحساب الجاري.
انخفاض المعروض
وفي هذا السياق، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن هروب تحويلات المصريين في الخارج جاء بسبب الفرق بين سعر الدولار في البنوك والسوق السوداء والذي يصل إلى 20 جنيهًا.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن سعر الدولار في السوق السوداء وصل إلى 54 جنيهًا بينما يستقر في البنوك لدى 30.85 جنيهًا، لذلك اتجه الجميع إلى التعامل مع السوق غير الرسمية ونشاطه خلال الفترة الأخيرة.
وحول انخفاض الصادرات، أوضح «فهمي»، أن مصر تشهد أزمات في الداخل، بسبب نقص سلاسل الإمداد والتوريد في الخارج؛ مما تسبب في انخفاض المعروض في مصر.
وأشار إلى أن الدولة كانت تستهدف التصدير لتوفير الدولارات، ولكن مع نقص سلاسل الإمداد في العالم بدأ الأمر يكون على حساب المستهلك والمواطن العادي، ما أدى إلى حدوث أزمات في السكر والأرز وكذلك البصل الذي وصل إلى 40 جنيهًا.
وأكد أستاذ الاقتصاد، أن الدولة تواجه بالفعل أزمة في توفير السلع لذلك تم حظر تصدير البصل والسكر لتلبية احتياجات السوق المحلي.
ولفت إلى أن أزمات الدول المحيطة من الصراع في السودان والحرب الروسية الأوكرانية بجانب ما يحدث في غزة، تلقي بظلالها على مصر وعلى حجم التجارة العالمية ما يؤثر على توافر السلع، بجانب وقف تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر وهو ما أدى إلى توقف بعض المصانع عن العمل وانقطاع الكهرباء والإنترنت.
انخفاض صادرات الغاز
ومن ناحيته، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد المساعد بالأكاديمية العربية للنقل البحري، إن الصادرات المصرية انخفضت خلال عام 2023؛ نتيجة تحركات الحكومة في حظر تصدير عدد من المنتجات لاحتياجات السوق مثل البصل والسكر.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن أولويات الحكومة استقرار الأسعار في السوق المحلية، لافتًا إلى أن قرارات الحظر أثرت بشكل كبير على حجم الصادرات، بجانب انخفاض صادرات الغاز نتيجة الصراع في غزة وهو ما أدى إلى أزمة في الميزان البترولي وهو ما انعكس في انقطاع الكهرباء.
وشدد «الإدريسي»، على ضرورة مضاعفة الإنتاج وتشجيع القطاع الخاص؛ للوصول بالصادرات إلى المستوى المطلوب، وفي نفس الوقت تلبية احتياجات السوق.
وحول انخفاض تحويلات المصريين في الخارج، أشار الخبير الاقتصادي، إلى أن اختلاف السعر بين البنوك والسوق السوداء، أدى إلى هروب جميع التعاملات إلى السوق الموازي بجانب خروج وتأجيل بعض الاستثمارات أيضًا.
وأوضح أن الوصول إلى سعر عادل بين الجنيه والدولار، هو الحل لرجوع التعاملات إلى السوق الرسمية، لافتًا إلى أن جميع تقارير الدولة تؤكد حدوث التعويم في بداية عام 2024 وهو ما يُعدل الموازين بين السوقين ورجوع الاستثمار وتحويلات المصريين.