الدكتور محمد حمزة يكتب: كيفية الاستفادة من التجربة التاريخية.. روشتة العلاج والإصلاح
إن إستعراض التجربة التاريخية للحضارة الإنسانية عامة وحضارات الشعوب المختلفة وثقافتها، خاصة منذ أن بزغت على وجه الأرض وحتى الآن؛ يمدنا بالكثير من التجارب النافعة والتجارب غير النافعة وعوامل القوة والتقدم والازدهار والنهضة والاستقرار والاستقلال من جهة وأسباب الضعف والوهن والتأخر والتدهور والفشل والنكوص والتبعية من جهة أخرى، في كافة مجالات الحياة دينيا وسياسيا وحربيا وإداريا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفكريا وعمرانيا وتراثيا وفنيا وإعلاميا؛ وبالتالي نستطيع أن نضع ايدينا على الجوانب الإيجابية والجوانب السلبية في كل مرحلة تاريخية طبقا لظروف عصرها وثقافته والعوامل التي كانت وراء ذلك أو بمعنى أخر نستطيع بمنتهى الدقة تشخيص حالة القوة والرخاء والتفوق والعلم والازدهار والنهضة والحرية والعدالة والمساواة والاستقلال من جهة وحالة الضعف والفقر والخنوع والاستسلام والتخازل والتبعية والجهل والتخلف والظلم من جهة أخرى؛ وإن دل ذلك على شئ فإنما يدل على إنه يمكن من خلال دراسة التجربة التاريخية نستطيع وضع روشتة علاج بعد تشخيص الداء لاي مرحلة من المراحل التي يمر بها أي مجتمع من المجتمعات؛ ولكن بما يتناسب ويتسق مع طبيعة كل مرحلة وظروفها وثقافتها ومستجداتها؛ ولله در القائل فمن كان ذا عبرة فليكن فطينا ففي من مضى معتبر.
وعلى ضوء ذلك تكمن روشتة العلاج في التشخيص الحقيقي للداء ومواجهته بمنتهى القوة والحزم والشجاعة حتى يتم القضاء عليه قضاء مبرما؛ وبالتالي تستقيم الأمور وتزدهر الأحوال وتتحسن الأوضاع وتتحقق الإنجازات وتنهض الأمة ويعيش المجتمع في رخاء وأمن وأمان؛ وبذلك يطمئن الناس على يومهم وعلى غدهم؛ وعلى مستقبل الأجيال القادمة إن شاء الله.
هذا وتكمن روشتة العلاج والإصلاح في أن نقول نعم Yes بحق وان نقول لا No بحق ويمكن حصر ذلك إجمالا وليس تفصيلا في النقاط التالية
_ نعم للأمن والأمان والاستقرار ولا للارهاب والخوف والقلق والظلم والبغي.
_نعم للوحدة الوطنية ولا للتعصب الديني والفتنة الطائفية.
_ نعم للحكومة الرشيدة التي ترعى وتخطط لمصالح البلاد والعباد ولا للحكومة غير الرشيدة التي تعمل عكس ذلك.
_نعم للدستور والقانون وتحقيق العدالة ا لناجزة ولا لما هو عكس ذلك.
_ نعم لاختيار القيادات من اهل الخبرة والكفاءة ولا لإختيارهم من اهل الثقة والمحسوبية والمجاملات وغير ذلك.
_ نعم للمشروعات القومية وكل ما من شأنه التطوير والتحديث والعصرنة مع الحفاظ على الهوية والتراث ولا للمشروعات التي لا تحقق ذلك.
_ نعم للحفاظ على الهوية وتاريخها وتراثها وثقافتها ولالماهو عكس ذلك من هدم وطمس وتشويه.
_نعم للاعلام الحر ورسالته وميثاقه ولا للاعلام الممول والمسيس والموجه والممنهج.
_نعم للفكر الحر وحرية الفكروالتنوير ولاللفكر الموجه والممول والممنهج والمنغلق والفكر الظلامي والرجعي.
_ نعم للموضوعية والواقعية والمصداقية والشفافية ولا للضبابية والتدليس والتزييف والتلفيق.
_نعم للتخطيط الجيد والتسويق الجيد والادارة الجيدة والرقابة والمتابعة الجيدة ولا للعشوائية والغوغائية والفساد المالي والإداري والاخلاقي.
_نعم للحقيقة العلمية والتاريخية ولا للتزييف والكذب والتلفيق وإثارة الشبهات والتشكيك.
نعم للمعايير السليمة في رئاسة وامانة وعضوية اللجان والمجالس والجمعيات والاتحادات والنوادي ولا لماهو
عكس ذلك مما نراه ونشاهده بين ظهرانينا.
_ نعم للأخوة الإنسانية والحرية الدينية ولا للديانة الابراهيمية والولايات الابراهيمية المتحدة ولا للدبلوماسية الروحية وما ترمي إليه.
_نعم للحياة الكريمة والحماية الاجتماعية ولا للتسول والرشوةوالسرقة والخيانة.
_ نعم لكل. من ادي الأمانة وقام بواجبه خير قيام ولا للشو ولا للتريند ولا للمحللين ولاللمنافقين ولا للمطبلاتية ولا للوجوه المكررة ولا لاهل الثقة هؤلاء وأمثالهم هم سبب نكبة الأمم ونكستها في كل حين وان.
_نعم للقيادة الواعية القادرة على التفكير خارج الصندوق لاحداث النقلة والتغيير والتطوير ولا للقيادة النمطية الطوع المنتقاه وكانها مجرد موظف بيروقراطي روتيني لايقدم ولا يؤخر يفرح باللقب والجوائز والدروع التي تمنح له دون وجه حق.
_ نعم للمعايير السليمةو الضوابط الموضوعية الحاكمة لمنح الجوائز لمن يستحق
ولالماهو عكس ذلك؛ مما نراه ونشاهده بين ظهرانينا.
_ نعم للعلماء الاكفاء والخبراء في كل المجالات ولا لمن هم دون ذلك وعكسه من المطبلاتية والحرافيش و المحللين والجهلة ومن يأكلون على كل الموائد ولله در القائل
قبل العلم رأس الجهل وإنصرف والقائل
تملأ الكوز غرفة من محيط فيرى الكوز أنه هو المحيط
_نعم لكل من ادي الامانه وقام بواجبه خير قيام واعطي الحق لأصحابه ولا لكل من طغى وتجبر وخان الأمانة ولم يراع الحقوق والواجبات.
_نعم لكل من اجتهد وانجز وغير وأضاف وأحدث نقلة سجلتها الأدلة الثبوتية الموثقة ولا لكل من طمس الحقيقة أو غيبها وأهال التراب على منجزات سابقيه( إلى حين فالتاريخ لايرحم أمثال هؤلاء والحق أحق أن يتبع والشواهد على ذلك كثيرة في الماضي والحاضر)
لينسب كل شئ إلى نفسه.
وعلى ولي الأمر أن يطهر المجتمع ممن تنطبق عليهم قاعدة لا؛ ويحسن الاختيار من بين من
تنطبق عليهم قاعدة نعم؛ وفق معايير وضوابط وقاعدة بيانات محكمة ودقيقة بما
يتناسب مع طبيعة كل مرحلة وظروفها وملابساتهاحتي تسترد البلاد عافيتها وتنهض من جديد وتزدهر ويعم الخير والرخاء كافة طبقات المجتمع وليس حفنة قليلة أو نسبة ضئيلةمحدودة تحتكر كل شئ وتنعم على حساب الغالبية العظمى؛ وبالتالي يكون قد ادي الأمانة وقام بواجبه خير قيام وسجل نفسه في سجل الخالدين في التاريخ.
بقلم:
الدكتور محمد حمزة أستاذ الآثار الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا