صبري الموجي يكتب: تدوير القيادات وتجذير الفساد!
أرفضُ وبشدة فكرة تدوير القيادات داخل أيّ مصلحة أو مؤسسة حكومية بحجة أنه لم تأتِ بمثلهم ولاّدة، فبقاء المسئول أو تصعيدُه لمنصب أعلي داخل مؤسسته، أو ندبُه لمكانة أرفع وأشرف بهيئة أو مصلحة أخري هو تأصيلٌ لمبدأ الأنانية، وتجذير للفساد، وحجر عثرة في طريق تكافؤ الفرص، وتفريخ الكوادر.
إن تدوير القيادات - يا سادة - هو رسالةٌ فجة تُعلن سطورُها الباهتة أنَّ أرحام النساء عَقمت أن تأتي بمثل هذا المسئول الألمعي، اللوذعي، الذي يُتقن لعبة الانتقال علي الكراسي المُتحركة!
كثيرٌ من المسئولين آلتْ إليهم مناصبُ أكبر من إمكاناتهم، وجلسوا علي كراسي أكبر من أحجامهم، لكنهم سرعان ما تكيّفوا مع الوضع، وتشبثوا بالفرصة، مثلما فعل الفنان الراحل أحمد زكي في فيلم وحيد حامد، وسمير سيف ( معالي الوزير )، وأبدا لم يكن بقاء هؤلاء المسئولين في أماكنهم بسبب قدراتهم الفذّة علي الإدارة، وتسيير الأمور وفقط، ولكن بسبب رفع المرءوسين شعار: (عاش الملك.. مات الملك )، الذي صنع كثيرا من الطواغيت علي مرّ الأزمان!.
إن تغيير القيادات هو ضمانةُ تفريخ الكوادر، وضخ الدماء الجديدة، وتفجير الطاقات، والاستفادة من الخبرات، بينما بقاؤهم أكثر من فترة، هو تعطيلٌ للطاقات، وتكلس للأفكار، ودأد للخبرات، وتيسير فرص السرقة والنهب، والثراء غير المُبرَّر، والتاريخ شاهد، فكم من أشخاص حققوا ثراء ومجدا شخصيا من وراء مناصبهم، بعدما فتحوا بطونهم (وكروشهم) للمال العام بحجة أنه لا صاحب لهنعمْ تصدت الدولة، وتتصدي لهؤلاء، ولكن قطعا للشك باليقين، فلا بد من رفض الدولة مُطلقا فكرة التجديد والمد للقيادات سدا للذرائع!.
إن موقفَ فاروقِ الأمة عمرَ بن الخطاب في عزل خالد بن الوليد عن إمارة الشام، وقيادة الجيش، وإسناد الأمر لأبي عبيدة بن الجراح، رغم ثقته في أمانة خالد وجدارته هو تأطيرٌ لفكرة تجديد الدماء؛ لتفجير الطاقات.
أما فكرةُ بقاء المسئول أيا كان موقعه حتي موته، أو خروجه بفضيحة مدوية، و( جُرسة بجلاجل ) فهو تعطيلٌ لمسيرة التقدم والتنمية والبناء.
رحم الله عمر بن الخطاب، حينما قال لخالد بن الوليد في واقعة عزله: ما عزلتك عن تقصير، ولكن حتي لا يُفتن بك الناس، ولا تغتر بنفس.
وأخيرا أتساءل: وعى عمرُ القضية.. فهل نحن لها واعون؟!