رئيس التحرير
خالد مهران

الولايات المتحدة والصين وحرب تكسير العظام على 3 محاور

النبأ

في إطار استراتيجيتها للمحيطين الهندي والهادئ، ورغم اتفاقيتي أوكوس وكواد الأمنيين، لا تدخر واشنطن أي جهد من أجل تطويق الصين. 

ولوحظ في الأيام الأخيرة، تحركات كثيفة من جانبها تحقيقا لهذه الغاية مستغلة صراعات إقليمية بغية الحصول على دعم المزيد من الحلفاء في المنطقة.

وكثفت الولايات المتحدة، مؤخرا، تحركاتها ضد الصين على ثلاثة محاور: الأول، الاستفادة من تغذية الخلافات الحدودية بين الصين والهند، والثاني: إثارة الصراعات الاقليمية لتعزيز أقدامها في بحر الصين الجنوبي، والثالث: مواصلة استغلال مسألة تايوان.

وعلى صعيد المحور الأول، قالت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء إن الحكومة الأمريكية تعترف بما يسمى "أروناتشال براديش"، في إشارة إلى منطقة زانغنان في منطقة شيتسانغ (التبت) ذاتية الحكم بجنوب غرب الصين، كجزء من الهند، حسبما ذكرت تقارير إعلامية.

وفي بحر الصين الجنوبي، كرر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي زار الفلبين لتوه، يوم الثلاثاء "الالتزام الصارم" للولايات المتحدة بالدفاع عن مانيلا وسط تصاعد التوترات مع الصين. ومن المقرر أن يعقد كبار قادة الولايات المتحدة واليابان والفلبين قمة في واشنطن في 11 أبريل، في حين تخطط الولايات المتحدة والفلبين لعقد نسخة هذا العام من مناورات باليكاتان المشتركة في الفترة من 22 أبريل إلى 8 مايو.

وفي شرق الصين، تواصل الولايات المتحدة إثارة مسألة تايوان، حيث ادعى الأدميرال جون أكويلينو، قائد قيادة المحيطين الهندي والهادئ، في شهادة معدة مسبقا أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي يوم الأربعاء أن البر الرئيسي الصيني في طريقه "ليكون مستعدا لغزو تايوان بحلول عام 2027".

وقد بدأ الرئيس الأمريكي بايدن بالفعل في تطبيق استراتيجية احتواء الصين منذ لحظة انتخابه، وهو ما اتضح مع تصريحاته القوية ضد الصين، ثم الزيارات التي قام وأقطاب الإدارة الجديدة، واللقاءات التي عقدها الرئيس بايدن بنفسه مع دول محورية في تلك المنطقة.

وأكد بايدن أن الطريقة الأكثر فعالية لمواجهة التحديات التي تطرحها الصين، هي بناء جبهة موحدة من حلفاء الولايات المتحدة وشركائها، والتركيز على منطقة آسيا والمحيط الهادي، وقد نجح في وضع أساس المواجهة بتشكيل تحالفات أمنية مثل كواد وأوكوس مع الهند وأستراليا واليابان وبريطانيا. 

وقد حذرت الصين مرارا من تلك الاستراتيجية حتى على لسان الرئيس الصيني شي جين بينغ نفسه الذي قال في إحدى المناسبات إنها تهدف لـ "احتواء وقمع الصين".

وردا على اعتراف واشنطن الأخير بشأن زانغنان، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، في مؤتمر صحفي يوم الخميس، إن "زانغنان هي أراضي صينية، هذه حقيقة أساسية لا يمكن إنكارها. مسألة الحدود بين الصين والهند هي مسألة بين البلدين ولا علاقة لها بالجانب الأمريكي". 

وقال لين إنه من المعروف للجميع أن الولايات المتحدة لم تدخر جهدا لإثارة الصراعات بين الدول والاستفادة منها لخدمة مصالحها الجيوسياسية الأنانية.

وقال مراقبون صينيون إن إثارة الولايات المتحدة الاضطرابات على المحاور الثلاثة المذكورة الهدف منها تأجيج التوترات الإقليمية، من أجل تشكيل المزيد من "الكتل العسكرية الصغيرة" المشابهة لأوكوس وكواد في اتجاهات متعددة لتطويق الصين واحتوائها.
وقال خبراء إن الولايات المتحدة أضافت الهند في ما يسمى بـ "استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ" لاستكمال استراتيجية سلسلة الجزر لاحتواء الصين.أشار الخبراء إلى أن الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة تزرع الخلافات بين الصين والهند، مستفيدة من النزاعات الحدودية بين البلدين.

ورأى المحللون إن الفلبين التي تقع في الجزء الجنوبي من سلسلة الجزر تعد واحدة من أضعف الحلقات في الاستراتيجية مقارنة باليابان وجزيرة تايوان وغوام وأستراليا من حيث القدرات العسكرية، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة بعد أن فقدت ردعها باستخدام حاملات الطائرات في بحر الصين الجنوبي بفضل قدرة الجيش الصيني الشاملة على ضرب السفن المتحركة، وخاصة نشر الصواريخ الباليستية المضادة للسفن، فإنها تسعى إلى طرق أخرى لإيجاد موطئ قدم لها في بحر الصين الجنوبي.

وفي عام 2023، تمكنت الولايات المتحدة من الوصول إلى أربع قواعد عسكرية إضافية في الفلبين، وكثفت التدريبات والدوريات العسكرية المشتركة، وحرضت الفلبين على استفزاز الصين على الجزر والشعاب المرجانية الصينية في بحر الصين الجنوبي مثل ريناي جياو (المعروفة أيضا باسم ريناي ريف) وهوانغيان داو (المعروفة أيضا باسم جزيرة هوانغيان).

لكن بينما تعطي واشنطن أهمية للشراكات الدفاعية لاحتواء الصين، إلا أن محاولاتها وفق مراقبين محكوم عليها بالفشل في ضوء استراتيحية الصين الاقتصادية للمنطقة ورغبة الشركاء في دعم علاقات تجارية قوية مع بكين.

وفي قمة في ملبورن مؤخرا بين أستراليا ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم علنا إن "الولايات المتحدة وبعض حلفاؤها الغربيين يتعين عليهم ألا يمنعوا ماليزيا من أن تكون صديقة للصين".

ناهيك أن دولا لديها وجود عسكري في منطقة المحيطين حذرة بشأن السير وراء الوايات المتحدة بالكامل مثل بريطانيا وفرنسا. وترى الأخيرة في بكين شريكا مهما في قضايا عديدة.

وقد دعا رئيس الوزراء البريطاني ايضا لى اتباع نهج براغماتي مع الصين. ورغم المشاكل بين الصين واليابان والتي تتنوع بين دبلوماسية وخلاف على الاراضي إلا إن طوكيو لديها علاقات اقتصاجية قوية مع بكين، ومن غير المتوقع أن تضحي تماما بتلك العلاقات بالانصياع التام لطلبات واشنطن.

وفي استراليا مؤخرا، بدأت تظهر لهجة ايجابية حيال الصين وعادت العلاقات الأسترالية-الصينية إلى الاتجاه الصحيح حسبما قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز في لقائه مع وزير الخارجية الصيني الزائر وانغ يي في كانبيرا هذا الاسبوع. 

وأبدى الجانبان الاستعداد لمواصلة التبادلات الوثيقة عالية المستوى وتعميق التعاون متبادل المنفعة في مختلف المجالات. وقال وانغ إن العقبات التي واجهتها العلاقات الصينية-الأسترالية جرى التغلب عليها واحدة تلو الأخرى، ويجري حل القضايا العالقة بشكل صحيح، قائلا إن العلاقات الصينية-الأسترالية حققت تحولا مهما ثانيا عقب وصول حكومة حزب العمال الحالية إلى السلطة.