رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يكتب: دليل أثري يكشف خطأ مسلسل الحشاشين

النبأ

فوجئنا في الحشاشين أن  الوزير أمير الجيوش بدر الجمالي مات بعد موت الخليفة الفاطمي المستنصر
في ذي الحجة487هجري / ديسمبر 1094م وأنه لم يمت موته طبيعية وإنما قتل  بمؤامرة من ابن الخليفة المستعلي (487_ 495 هجري)  أي الخليفة الآمر (495_524هجري) ولكن الحسن الصباح قال إنه قتل من قبل أتباع الإمام نزار عليه السلام  فهل يعقل هذا التخريف والجهل في عمل درامي تاريخي اتكلف كل هذه التكاليف الضخمة  والمجهود الضخم في التصوير والإخراج؛ فأمير الجيوش  بدر الجمالي مات ولم يقتل وكانت وفاته قبل وفاة الخليفة المستنصر بعدة أشهر، وذلك في ربيع الآخر أو جمادى الأولى487 هجريا بينما  الخليفة  في ذي الحجة487 هجري/1094م اي كان الخليفة لا يزال على قيد الحياة عند وفاته؛  لأنه أي بدر كان قد مرض قبل وفاته وأصيب  بالفالج ولم يعد قادرا على مباشرة مهامه، ولذلك أصدر الخليفة المستنصر سجلا  قلد فيه ابنه الأفضل شاهنشاه ابن بدر الجمالي أمور المملكة والنظر في سائر أمور الدولة وقضاياها وشرائعها وأحكامها  وقرئ هذا السجل في الإيوان بالقصر في العشر الأخير من ربيع الأول 487 هجريا أي قبل وفاة والده بشهر أو شهرين؛؛ وكانت سلطة الأفضل قد اتسعت قبل مرض والده فقد صار نائبا له منذ عام477هجري/1084م وحتى شهر ربيع الأول عام487 هجري
ولدينا أدلة أثرية وتاريخية تؤكد ذلك ومنها السجل رقم 15 والسجل رقم 27 من السجلات المستنصرية والتي قام بنشرها المرحوم عبد المنعم ماجد رحمه الله فتفرغ بدر لدراسة علوم الائمة والإشراف على الدعوة اما ابنه الأفضل فقد صارت إليه، بأمر الخليفة سياسة الملك وما يختص بظاهر السلطان وأمور الجند وما إلى ذلك.

وخلال تلك الفترة، نجد اسم الأفضل وألقابه تظهر بجانب اسم الخليفة وألقابه واسم والده وألقابه؛ مما يؤكد ذلك ويعززه نقش كتابي أثري  نادر وهو  نقش محراب جصي مسطح بجامع أحمد بن طولون المنشور في مقالنا هذا؛ غير أن مايعنينا هنا هو ذلك الشريط الكتابي  بالإطار الخارجي للمحراب ويتضمن  اسم الخليفة المستنصر وألقابه ثم   ألقاب والده دون اسمه (وهي فتى مولانا والسيد الاجل) ثم ألقاب الأفضل شاهنشاه دون اسمه ( وهي خليفة فتى مولانا_ السيد الاجل اي نائب والده) ثم بقية ألقابه الواردة بالسجل؛ وبعد وفاة والده بدر الجمالي صار الأفضل هو  وزير المستنصر  وتلقب بألقاب ابيه  ومنها السيد الاجل أمير الجيوش وغيرها.

 وبعد وفاة المستنصر عين الأفضل أحمد المستعلي بالله خليفة وإماما وقتل أخيه نزار وليس بدر الجمالي كما ورد بالمسلسل؛ وصار هو صاحب الحل والعقد في خلافة المستعلي وابنه الأمر من بعده حتى عام515هجري/1122م حين تم قتله.

وعلى ضوء ما تقدم، فإن بدر الجمالي لم يقتل ولم يتآمر على قتله الأمر ابن المستعلي والذي تولي الخلافة والإمامة
بعد وفاة والده عام495هجري وكان عمره   لايتجاوز 5 سنوات من
جهة وبدر الجمالي نفسه كان قد مات من 8 سنوات؛ كما أن بدر الجمالي لم تكن  له علاقة بالأحداث المتعلقة بولدي المستنصر وهما نزارو  المستعلي بعد وفاة الخليفة؛  لأنه أي بدر كانت وفاته  قبل  وفاة الخليفة نفسه؛ وبالتالي فإن كل الأحداث بعد وفاة المستنصر 487هجري وحتى مقتل  الأفضل  بن بدر الجمالي عام515هجري كان هو اي الأفضل مهندسها ومحركها.  وهذا تصحيح للأخطاء  التاريخية في المسلسل. وإنتظرونا وتابعونا في مقالات وبوستات  لاحقة لتصحيح المزيد  من الأخطاء اعتمادا على الأدلة الأثرية في ألموت وسوريا وهذه الأدلة مصادر أصيلة لاتكذب ولاتتجمل فهي تؤكد ماورد في المصادر التاريخية وترجح اوتنفي أو تحسم الخلاف بين المؤرخين؛ وتضيف كذلك  آراء جديدة لم ترد اصلا في المصادر التاريخية المتاحة والمعروفة حتى الآن.

ولايسعنا في النهاية سوى تكرار ماسبق أن رددناه مرارا وتكرارا وهو أن الأعمال التاريخية لا بد  أن تراجع من قبل علماء  ثقات في التاريخ والحضارة  والآثار (وليس  كل من يحمل لقب دكتور)
لان المسألة  لاتقتصر فقط على الوقائع والأحداث التاريخية وإنما تشمل كذلك الملابس والديكور واللوكيشن (أماكن التصوير) وأسلوب الحوار والمصطلحات وغير ذلك مما يرتبط بالفترة التاريخية التي يعالجها الفيلم أو المسلسل حتى يخرج العمل   إلى النور   بالشكل الامثل تاريخيا  ولو اضفنا إلى ذلك تقنيات التصوير والإخراج والمؤثرات الصوتية والخدع وغير ذلك وما يصاحب ذلك من إثارة وتشويق ومتعة بصرية وذهنية فإن العمل الفني سوف يؤدي دوره في خدمة المجتمع  وتنمية الوعي التاريخي الصحيح وغير ذلك؛ مما يجب أن تقوم به الرسالة الإعلامية الحقة.