تفاصيل تحركات مصر لإفشال مخطط «حرق الشرق الأوسط»
مساعد وزير الخارجية الأسبق: من يتصور أن التحالف مع أمريكا وإسرائيل لضرب إيران سيأتى بنتيجة إيجابية «واهم»
سفير سابق: روسيا والصين لن تقبلا بتدمير إيران.. والدول العربية لا تريد التورط فى إشعال حرب شاملة بالمنطقة
عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية: تشكيل تحالف ضد طهران حديث قديم تجاوزه الزمن
«الشاذلى»: إسقاط إيران سيكون له آثار فى منتهى الخطورة على توازن القوى فى المنطقة
«فرحات»: الموقف المصرى خطوة حاسمة نحو تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة
خبراء: الصراع بين طهران وتل أبيب تجاوز الخطوط الحمراء وحروب الظل والمواجهات السرية
الأمم المتحدة: الشرق الأوسط على حافة الهاوية والناس في المنطقة يواجهون خطرا حقيقيا لصراع مدمر
بعد أيام قليلة من قصف القنصلية الإيرانية في سوريا من جانب إسرائيل، ردت إيران علي تل أبيب بعملية أطلقت عليها «الوعد الحق» ليتسع الصراع بالمنطقة بشكل يهدد بنشوب حرب إقليمية شاملة، وحذر أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من أن الشرق الأوسط على حافة الهاوية والناس في المنطقة يواجهون خطرا حقيقيا لصراع شامل مدمر.
تحركات القاهرة لاحتواء التوتر
وسط هذا التصعيد غير المسبوق، تظل مصر هي صوت السلام في المنطقة إزاء مؤشرات التصعيد الخطير بين تل أبيب وطهران، حيث طالبت مصر بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، لتجنيب المنطقة وشعوبها المزيد من عوامل عدم الاستقرار والتوتر، وتجنب جميع دول المنطقة وشعوبها ويلات الحروب.
ومنذ الوهلة الأولى من الهجوم الإيراني، كثفت مصر جهودها لاحتواء التوتر بين إيران وإسرائيل وتجنب التصعيد، حيث صرح السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي بوزارة الخارجية، بأن سامح شكري وزير الخارجية، أجرى اتصالين هاتفيين، مع الدكتور حسين أمير عبد اللهيان وزير خارجية إيران، ويسرائيل كاتس وزير خارجية إسرائيل، تناول فيهما تطورات الساعات الأخيرة وما شهدته من تصعيد عسكري خطير نتيجة إطلاق مسيرات إيرانية هجومية ضد أهداف إسرائيلية.
وأعرب وزير الخارجية عن قلق مصر البالغ نتيجة استمرار حالة التصعيد العسكري غير المسبوقة بين إيران وإسرائيل بشكل ينذر بخروج الوضع عن السيطرة وتهديد استقرار المنطقة وتعريض مصالح شعوبها للخطر.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية، أن سامح شكري طالب نظيريه الإيراني والإسرائيلى بضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والنأي عن سياسات حافة الهاوية والاستفزازات المتبادلة التي من شأنها أن تزيد من حالة التوتر وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
ونقل وزير الخارجية إلى نظيريه الإيراني والإسرائيلي استعداد مصر لتكثيف جهودها بالتعاون مع شركائها؛ من أجل نزع فتيل الأزمة الراهنة التي باتت تأخذ منحنى تصعيدي خطير، لا سيما لتزامنها مع استمرار أزمة قطاع غزة والمعاناة اليومية للشعب الفلسطيني، وتصاعد حدة التوتر في بؤر متعددة في المنطقة، مطالبًا بإحكام صوت العقل والرشد وإتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية لإيجاد حلول تحافظ على استقرار الشرق الأوسط وسلامة شعوب المنطقة.
وأعلن مصدر مصري رفيع المستوى تشكيل خلية أزمة لمتابعة تطورات الأوضاع بالمنطقة خاصة بعد التصعيد الإيراني الإسرائيلي.
وقال إن الخلية تم تشكيلها من كافة الأجهزة المعنية في الدولة، وستتابع تطورات الأوضاع على مدار الساعة، مؤكدا أن الخلية سترفع تقاريرها للرئيس السيسي.
وتابع أن مصر تواصل تكثيف اتصالاتها مع كافة الأطراف لوقف التصعيد في المنطقة والسعي للتهدئة والسلام.
تشكيل تحالف استراتيجي ضد إيران
أما رد الفعل الإسرائيلي على الهجوم الإيراني فقد عبر عنه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، الذي قال، إن إسرائيل لديها فرصة لتشكيل تحالف استراتيجي ضد إيران بعد تصدي عدة دول للهجوم الكبير الذي شنته طهران بطائرات مسيرة وصواريخ.
وتابع قائلًا: «لدينا فرصة لتشكيل تحالف استراتيجي ضد هذا التهديد الخطير من إيران التي تهدد بتزويد تلك الصواريخ بمتفجرات نووية، وهو ما يمثل تهديدًا خطيرًا للغاية»، مشددا على أن الولايات المتحدة وإسرائيل والحلفاء يقفون جنبًا إلى جنب في مواجهة التهديد الإيراني.
وقال بيني جانتس، الوزير في مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي، في بيان: «سنشكل تحالفًا إقليميًا وسنجعل إيران تدفع الثمن بالطريقة والتوقيت المناسبين لنا».
وأضاف: «وقف العالم بوضوح جنبا إلى جنب مع إسرائيل في مواجهة هذا الخطر، وهذا إنجاز استراتيجي يجب علينا تعزيزه من أجل أمن إسرائيل».
وتشير تصريحات الجانب الإسرائيلي، إلى رغبة «تل أبيب» في تكوين تحالف استراتيجي عسكري بشكل واضح لمجابهة الخطر الإيراني -على حد وصفها- وتوريط الدول السنية بالمنطقة في حرب إقليمية مدمرة بغرض التخلص من إيران.
حروب الظل والمواجهات السرية
ويقول الخبراء، إن الهجوم الإيراني على إسرائيل يشير إلى خروج ملحوظ عن ديناميكيات الصراع السابقة، وهذه هي المرة الأولى التي تضرب فيها إيران إسرائيل بشكل مباشر من أراضيها، بدلًا من الاعتماد على الوكلاء أو حروب الظل.
ويضيف الخبراء، أن هذا الهجوم الإيراني يمثل خروجًا دائمًا عن «حرب الظل» السابقة بين البلدين، بل يبدو إنه تصعيد كبير قد يؤدي إلى العودة إلى مزيد من المواجهات السرية وغير المباشرة أيضًا.
ويشير الخبراء، إلى أن هذا التحول من تكتيكات «حرب الظل» السرية إلى المواجهة العلنية يزيد من خطر حدوث المزيد من التصعيد الإقليمي والصراع الأوسع، الذي قد يشمل الولايات المتحدة.
وتثير المخاوف بشأن الانتقام والضربات المضادة من الجانبين شبح صراع إقليمي أوسع، مع ما يترتب على ذلك من آثار كبيرة على المشهد الجيوسياسي الأوسع.
ويضيف الخبراء، أن هذه المرة تجاوزت طهران الخط الأحمر، وقامت بالضربة مباشرة بنفسها، ومن داخل أراضيها بشكل مختلف عن حروب الظل أو استخدام الوكلاء سابقا، وضربت في العمق الإسرائيلي.
اتساع نطاق الصراعات في المنطقة
من جانبه، قال اللواء دكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، إن الموقف المصري خطوة حاسمة نحو تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، مشيرا إلى أن اتساع نطاق الصراعات في المنطقة ليس في مصلحة أي طرف.
ولفت إلى أن مصر حذرت من اتساع رقعة الصراع في المنطقة؛ مما سيكون له عواقب وخيمة على جميع دول المنطقة، بعدما وصلت التوترات في الشرق الأوسط إلى نقطة حرجة.
وأضاف أن الحكومة المصرية دعت باستمرار إلى إيجاد حل سلمي للصراعات في الشرق الأوسط، مدركة أن انتشار العنف وعدم الاستقرار في المنطقة لا يؤدي إلا إلى زيادة زعزعة استقرار المشهد السياسي الهش بالفعل، مما يؤدي إلى المزيد من المعاناة والمشقة لشعوب المنطقة.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن مصر لعبت دورًا رئيسيًا في التوسط في الصراعات بالمنطقة، من خلال العمل مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية لإيجاد حلول دبلوماسية للأزمات المختلفة من خلال الحوار والتفاوض في حل الصراعات، بدلا من اللجوء إلى القوة العسكرية والعنف.
وأكد نائب رئيس حزب المؤتمر، أن مصر مستعدة لكل السيناريوهات المحتملة، وقادرة على حماية حدودها، والجيش المصري قادر على الحفاظ على الأمن القومى في أي وقت، مشيرًا إلى أن الرئيس السيسي يبذل جهودا كبيرة من أجل تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، والوصول لحلول جذرية لكافة الأحداث الجارية في المنطقة، الأمر الذي توج بإشادة جميع دول العالم بمواقف مصر المشرفة في جميع الأزمات من أجل إحلال السلام بالمنطقة، وعودة الاستقرار إلى الشرق الأوسط.
توازن القوى الإقليمية
وقال السفير محمد الشاذلي، سفير مصر الأسبق في السودان ومساعد وزير الخارجية الأسبق، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن إسقاط إيران سيكون له آثار في منتهى الخطورة على توازن القوى في المنطقة، وبالتالي لا يجب أن نزكي أي دعوة لضرب إيران أو إسقاطها.
وحذر «الشاذلي»، من دعوة تشكيل تحالف إقليمي ضد إيران، مشيرا إلى أن الخطر الحقيقي على مصر والعرب والشرق الأوسط هو إسرائيل، مؤكدا أن المشاركة في تحالف لضرب إيران سيكون قرارا كارثيا، وعواقبه ستكون وخيمة، متابعًا: «واهم كل من يتصور أن القضاء على إيران سوف يحقق له الأمن، وواهم من يتصور أن التحالف مع أمريكا وإسرائيل لضرب إيران سيأتي بنتيجة إيجابية».
وأكد أن روسيا والصين لن تقبلا بتدمير إيران لصالح إسرائيل؛ لأن هذا يعني سيطرة التحالف الغربي على الشرق الأوسط بالكامل، بما فيه من بترول وغاز وثروات وطرق بحرية ومياه دافئة للأساطيل الروسية، موضحا على أن الهجوم الإيراني سيكون له تأثير على الحرب الإسرائيلية على غزة، لا سيما وأن إيران لاعب أساسي في الحرب على غزة.
وأشار إلى أن سيناريو نشوب حرب إقليمية شاملة وارد ولكنه ليس متوقعا، لا سيما وأن إسرائيل توسعت إلى درجة باتت تهدد تماسكها، لافتًا إلى أن معظم الدول العربية لا تريد أن تتورط في انفجار شامل لأسباب كثيرة منها، أن بعض هذه الدول لا تريد أن تضحي بالرخاء والتنمية والاستقرار، وبالتالي سيناريو إشعال حرب شاملة أمر وراد ولكنه غير متوقع.
وعن الموقف المصري من هذه الأزمة، أكد «الشاذلي»، أن مصر تبذل ما في وسعها، لكن لا يجب إلقاء العِبْء على مصر وحدها، وعلى الجميع دعم مصر.
حديث تجاوزه الزمن
ويقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الحديث عن تشكيل تحالف إقليمي لمواجهة إيران هو حديث قديم لم يعد قابلا للتطبيق على الأرض، لا سيما بعد التقارب الأخير بين إيران وبعض الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، ومصر من أوائل الدول التي رفضت فكرة هذا التحالف، وبالتالي ليست هناك نية لدى الدول العربية للعودة إلى المواجهة مع إيران، وبالتالي الحديث عن تشكيل تحالف ضد إيران هو حديث قديم تجاوزه الزمن، ولا يستبعد أن يكون هناك تأثير لهذه الضربة على الحرب في غزة، وربما تدرك الولايات المتحدة أن الوقت لا يحتمل أن تستمر هذه الإبادة الجماعية لسكان غزة، وربما يشجع ما قامت به إيران بعض الحركات أو الجماعات الأخرى على مهاجمة إسرائيل.
وأكد أن موقف الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا من الهجوم الإيراني ليس مستغربا، فهذه الدول هي التي أنشأت إسرائيل وهي الداعم الرئيسي لها، وإسرائيل مشروع غربي في الأساس، وهذه الدول لن تضحي بمشروعها، وهذه الدول لن تدين الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في سوريا رغم أنه مخالف للقانون الدبلوماسي الدولي، واعتداء على سيادة سوريا، وبالتالي من الطبيعي أن تؤيد هذه الدول إسرائيل وتدافع عنها.
وأوضح أن الحديث عن سيناريو تدمير إيران كلام مرسل، وأن إسرائيل لن تستطيع القيام بعمل جدي ضد إيران دون مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، ومساعدة وموافقة دول عربية سوف يمر بها الطيران الإسرائيلي.
وشدد على أن الموقف المصري من الأزمة متسق مع الموقف المبدئي المصري من الحرب على غزة، وهو عدم التصعيد، لافتا إلى أن مصر ترى أن المنطقة ليست في حاجة إلى إشعال المزيد من الحرائق والأزمات، لأن ذلك ليس في صالح أحد، لذلك مصر دائما تحذر من التصعيد واتساع نطاق الصراع.