أبرزها تهدد الأمن الغذائى..
3 أسباب تهدد بفشل حلم زراعة البن والشاى والكاكاو فى مصر
أثار المطالب البرلمانية بزراعة الشاي والكاكاو بعد نجاح تجربتها في البن، حالة من الجدل في الشارع المصري، وخاصة مع وصول مصر إلى مستوي الفقر المائي المدقع، والاعتماد على الاستيراد في المحاصيل الاستراتيجية.
وتستورد مصر عشرات الأطنان من البن، بقيمة 345 مليون دولار سنويًا، ويصل حجم الاستهلاك السنوي إلى نحو 70 لـ 80 ألف طن بن سنويًا، ويتراوح سعر طن البن من 3200 دولار إلى 6000 دولار، حسب النوعية والجودة.
بينما سجلت الواردات المصرية من الشاي نحو 314 مليون و82 ألف دولار بنهاية عام 2022، مقابل 256 مليون و276 ألف دولار بنهاية عام 2021، بزيادة بلغت نحو 57 مليون و806 ألف دولار.
وتعتير كينيا أكبر دولة تستورد منها مصر الشاي، حيث وصلت فاتورة إلى 278 مليون دولار سنويًا، أي ما يقرب من 95% من إجمالي واردات السلعة.
فيما سجلت واردات مصر من الكاكاو إلى 70 مليون دولار سنويًا، وتعتبر غانا، ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم.
تحرك برلماني
وكان النائب محمد عبد الله زين الدين، عضو مجلس النواب، أمين حزب مستقبل وطن بمحافظة البحيرة، تقدم بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، موجه إلى وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، بشأن خطة التوسع في زراعة بعض المحاصيل التي يتم الاعتماد عليها من خلال الاستيراد مثل البن والشاي والكاكاو.
وأشار النائب في طلب الإحاطة، إلى أن الأيام الماضية، شهدت الإعلان عن نجاح الباحثون في معهد بحوث البساتين التابع لمركز البحوث الزراعية في تحقيق نتائج إيجابية جديدة في زراعة أشجار البن بالأراضي المكشوفة، وتحقيق إنتاجية جيدة من الفدان الواحد، في خطوة أولية لزيادة المنزرع من مساحات البن الذي تستورد مصر منه سنويا قرابة الـ70 طنا.
وأكد زين الدين، أن تلك الخطوة هامة للغاية، في ظل ارتفاع أسعار البن عالميا، واعتماد مصر الكلي على الاستيراد من الخارج، الأمر الذي سيكون له مردود إيجابي في تقليل الضغط على العملة الصعبة بجانب التوسع في زراعة البن بمصر وغيره من المحاصيل الأخرى مثل الشاي والكاكاو.
ويري خبراء زراعة، أن هناك 3 أسباب ستؤدى إلى فشل زراعة البن والشاي والكاكاو في مصر، والتي تتمثل في: «درجات الحرارة وعدم وجود مناخ الاستوائي، وأزمة المياه التي تهدد الأمن الغذائي في مصر، بجانب عدم وجود مرتفعات وهضاب».
شاي وبن ليس لهما طعم
وفي هذا السياق، قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة، ومستشار وزير التموين الأسبق، إن هناك قاعدة في الزراعة، وهي ليس من المهم نمو ومحصول أي نبات ولكن المهم هو كم المحصول ونوعيته ودرجته.
وأضاف: « حاصلات البن والشاي والكاكاو ونخيل الزيت والمكسرات تتطلب مناخا استوائيا درجات حرارته أقل من 30 درجة طوال العام مع أمطار صيفية على الأقل ويفضل لو أمطار طوال العام، ويزيد عليها البن والشاي كونهما ينموان جيدا في المرتفعات والهضاب وقمم الجبال في المناخ الصيفي الممطر بحثا عن حرارة أقل ونسيم معتدل، وكل هذه الأمور غير موجودة في مصر».
وأشار «نور الدين»، إلى أن تغيرات المناخ جعلت مناخ مصر استوائي فهذا عدم فهم للمناخ الاستوائي الذي يظن البعض أنه مناخ شديد الحرارة وهذا خطأ فالمناخ الاستوائي لا تزيد درجة الحرارة فيه عن 30 درجة مئوية طوال العام كما وأن الأمطار المستديمة أو الموسمية تلطف من الأحساس بهذه الدرجة للحرارة.
وتابع: «وبالتالي فإن تغير المناخ لن يجعل درجة حرارة مصر أقل من 30 درجة طوال العام ولن يعطينا أمطارًا صيفية ولن يحول أراضينا إلى جبال ومرتفعات وهضاب ونسيم عليل لأن اسمه احترار عالمي أي ارتفاع درجات الحرارة.. والنتيجة نزرع شاي ليس له طعم الشاي ونحصد بن ليس له طعم البن ويصنف على أنه درجة رابعة وخامسة وسادس».
وواصل: «ولذلك البن الكولومبي هو الأغلى يليه اليمنى والبرازيلي واللإثيوبي وبن بروندى ورواندا وكذلك الشاي فهناك فرق في النكهة بين شاي سيرالينكا والشاي الهندي والشاي الكيني.. وتحمس البعض وجربوا زراعة الشاي في محافظة الفيوم ونما بنجاح واعطى محصولا ولكن بطعما ليس له علاقة بطعم الشاي، وما يحدث الآن من متاجرة بنجاح زراعات البن في مصر في الإسماعيلية لا يقوم على أساس علمي فليس لدينا وهو ما يكرر تجربة الفيوم مع الشاي ويعطى محصولا ليس له علاقة بطعم البن أو النسكافيه أو الاسبرسو!!!».
وختم: «نحن لدينا أزمة في قمح وذرة أعلاف وصويا وزيوت طعام وفول وعدس وسكر وهل من المنطق نترك كل السلع الاستراتيجية ونزرع شاي وبن ومع غياب للأولويات».
الفقرالمائي المدقع
ومن ناحيته، قال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن الفترة الماضية كان يوجد انتقادات وتأييد لزراعة البن في مصر بجانب مطالبات بزراعة الكاكاو والشاي، متابعًا: «ولكن الأمر بخلاف الطعم، يجب أن يكون هناك حسابات أخري لعل أبزرها أن زراعة أي محصول جديد ستتم على حساب زراعة أخري».
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هذا بجانب الفترة الحالية توجه مصر أزمة سد النهضة التي تهدد الأمن الغذائي في مصر، وتتفاقم على المدى البعيد مع حدوث التغيرات المناخية.
وأشار «صيام»، إلى أن مصر وصلت إلى مرحلة الفقرالمائي المدقع بعد تسجيل حصة الفرد من المياه 500 لتر مكعب سنويًا، بينما الطبيعي 1000 لتر مكعب سنويًا.
وأكد أستاذ الاقتصاد الزراعي، أن المشروع مربح جدًا؛ لارتفاع سعره في الخارج بخلاف المحاصيل الأخرى مثل المانجة، ولكن مع أزمة المياه يجب الاهتمام بسلع ليس أساسية وتترك الأساسية.
وأوضح أنه تواصل إلى أحد المسئولين عن زراعة البن في الإسماعيلية والأمر قام على أساس جلب «شتلات بن» من اليمن وبدأ في زراعتها، ومع نجاحها قام في بيعاها في نطاق المحافظة ولكن لم ينتشر الأمر على مستوي الجمهورية.