هل نحن على أعتاب أزمة الرهن العقارى 2008؟ ..
كواليس إغراق عملاء الشركات العقارية بالديون تحت اسم «التوريق»
اشتكى عدد من عملاء الشركات العقارية، خلال الفترة الماضية، من وضعهم تحت الأسماء المقترضة من البنوك، بسبب عمليات التوريق التي يقوم بها المطورون العقاريون.
وتضمنت الشكوى، ذهاب عدد من العملاء لأخذ قروض لـ«سيارة وشخصي ومشروع»، من البنوك وتفاجئوا بوضعهم في قائمة المقترضين؛ ومع متابعة الأمر اكتشفوا أن السبب كان «الشيكات» التي تم إمضاؤها للشركات العقارية.
ماذا يعني توريق؟
يعد التوريق هو عملية مالية تتضمن تجميع أنواع مختلفة من الأصول، مثل القروض أو الرهون العقارية، وتحويلها إلى أوراق مالية قابلة للتداول.
وخلال الفترة الماضية، اكتسبت هذه الممارسة شعبية كبيرة في الصناعة المالية، وخاصة في مجال الإقراض العقاري.
وتبدأ عملية التوريق عادة عندما يقوم المقرض، مثل البنك، بإنشاء عدد كبير من القروض، مثل الرهون العقارية، يتم بعد ذلك تجميع هذه القروض معًا وتحويلها إلى شركة ذات أغراض خاصة (SPV)، والتي تعمل ككيان قانوني منفصل، تقوم SPV بإصدار أوراق مالية، مدعومة بالقروض الأساسية، للمستثمرين الذين يبحثون عن استثمارات ذات دخل ثابت.
وتعد إحدى الفوائد الرئيسية للتوريق، أنه يسمح للمقرضين بتحرير رأس المال، مما يمكنهم من الحصول على المزيد من القروض، ومن خلال تحويل القروض إلى الشركة ذات الأغراض الخاصة، يمكن للمقرضين إزالتها من ميزانياتهم العمومية، مما يقلل من تعرضهم للمخاطر ومتطلبات رأس المال التنظيمي، وهذا بدوره يسمح لهم بإعادة تدوير رأس المال المحرر لتوليد قروض إضافية.
وينجذب المستثمرون إلى المنتجات المورقة بسبب قدرتها على تحقيق عوائد أعلى مقارنة باستثمارات الدخل الثابت التقليدية، يتم تمرير الفوائد والمدفوعات الأساسية التي يدفعها المقترضون على القروض الأساسية إلى المستثمرين، مما يوفر لهم تدفقًا ثابتًا من الدخل، بالإضافة إلى ذلك، توفر المنتجات المورقة للمستثمرين الفرصة لتنويع محافظهم الاستثمارية والوصول إلى الأصول التي قد لا تكون متاحة بسهولة في أدوات الاستثمار الأخرى.
نظرية الدومينو
وفي تصريحات سابقة لـ«هاني توفيق»، الخبير الاقتصادي ورئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر سابقًا، قال إن سوق العمل يتدهور، وارتفاع البطالة والانكماش العام وضحالة السيولة في يد الأفراد، مع زيادة المعروض من الوحدات العقارية والتسهيلات، التى وصلت مؤخرًا إلى 20 سنة، أصبح فى منتهى الخطورة، لدرجة أنه يوجد بعض الراغبين فى بيع عقاراتهم نقدًا، ولو بخسارة وهذه خطورة».
وأضاف: «كل الخطورة، في الشيكات الخاصة بالتوريق، فـ(الشيكات يقابلها تخصيم، والتخصيم يقابله توريق وسندات تباع للجمهور والمؤسسات)، وأى توقف فى سداد هذه الشيكات عند استحقاقها سوف يقابله بنظرية الدومينو، انهيار متتابع فى شركات التوريق والتخصيم، وشركات التطوير العقارى، وشركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة، بل وقد تطال بعض البنوك، الأزمة المالية العالمية بدأت هكذا فى 2008، وليست بعيدة عن الأذهان».
وأوضح أن هذا هو المجرى الطبيعى للأمور، والموضوع لا يسير بعكس هذا الاتجاه، والاستمرار فى الإنشاءات قبل التشغيل الكامل لعناصر الإنتاج، وأهمها عنصر العمل ورفع مستوى المعيشة وتحسين قدرتهم الشرائية، سيؤدى إلى ركود عقارى لا محالة.
وتابع توفيق: «والمطلوب، تركيز الدولة على إيجاد فرص أكثر للتشغيل المستدام لأكبر عدد من الشباب العاطل، وتحفيز الاستثمار وإزالة معوقاته من جهة، وتمهلها من جهة أخرى فى البناء والتوسع العمرانى».
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى ضرورة وضع الدولة شروطا رقابية صارمة لضمان الجدارة الائتمانية للمشترين وقدرتهم على سداد شيكاتهم عند استحقاقها، وكذلك قدرة المطورين على استكمال إنشاء وتسليم الوحدات المبيعة بالتوازى مع الأقساط المدفوعة، وليس استخدامها فى التوسع فى مراحل جديدة لمشروعاتهم.
أكثر من 300 قرض للمشروع الواحد
وحول شكاوى العملاء من القروض، قالت مصادر مصرفية، رفضت ذكر اسمها، لـ«النبأ»، إن التوريق مصطلح دارج في الأوارق المالية، متابعة: «مفيش حاجة اسمها توريق في التعاملات ولكن الأمر عبارة عن قروض وشيكات بناء على مشروعات يتم تنفيذها».
وأضافت المصادر، أن عمليات التوريق في العقارات تكون عبارة عن شركات تنشئ كومباوند أو مشروع تنموي فتأخذ الأرض أي الأصل، وتبدأ في بيع الوحدات التى لم تبن بعد، وعليه تأخذ الشركة قروضا بثمن الوحدات التى تم بيعها أو إمضاء شيكات بها وعليه ممكن يقع العميل تحت أسماء المقترضين.
وأوضحت أن الشركات العقارية، تستطيع عن طريق التوريق، بيع الشقة أكثر من مرة، وذلك يحدث قبل سداد القروض الأساسية للبنك؛ لذلك يسمى توريق لأن الأصل الواحد يرتبط بأكثر من ورقة تمويل.
وتابعت: «كما تحقق البنوك التي أقرضت نسبة أرباح بجانب شركات التأمين التي ضمنت الشركات، حيث البنوك تستطيع بضمان حقوقها في المشروع تقدم على شراء أصول أخرى».
وأكدت المصادر، أن هناك مشكلات نتجت عن طريق التوريق؛ لأنها عبارة عن «تلبيس طواقي»، أي بين الشركات والعملاء، حيث الشركة تبيع أصولها للعملاء أكثر من مرة وعليه يبيع العميل لأفراد أخرى وهكذا وهو ما يتسبب في أزمات تشبه أزمة الرهن العقاري في 2008، حيث تزيد نسبة القروض ويصعب السداد.
أما بالنسبة للرقابة، أشارت إلى أن كل إجراء له مستنداته والرقابة الخاصة به داخل البنوك بما يضمن حقوقها، حيث هناك أكثر من جهة رقابية منوطة بعمليات التوريق.
وعن ضمانات الصرف، بينت مصادر، أن هناك جزءا من القروض يصرف كاش والباقي بضمان المشروع، حيث هناك مشروعات يكون لها أكثر من 300 قرض.