خطة الحكومة للتعامل مع 9 ملايين لاجيء بعد ارتفاع فاتورة معيشتهم لـ10 مليارات دولار
شهدت البلاد، في الآونة الأخيرة، زيادة في أعداد اللاجئين خاصة في ظل استمرار الحروب في المنطقة وتوافد الكثير من السودانيين إلى مصر، مما أثار حالة من الجدل حول آثار تلك الزيادة الكبيرة في أعداد الوافدين لمصر.
ويواجه المصريون ظروفا اقتصادية صعبة منذ سنوات، لا سيما مع ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، وزادت هذه الصعوبات بزيادة أعداد اللاجئين في البلاد لتمتعهم بعدد كبير من الخدمات الحكومية مثل المصريين، من كهرباء، ومياه، وتعليم، وصحة، وهو ما يشكل أعباء إضافية على المواطن.
وبين مؤيد ومعارض، انقسم عدد كبير من المواطنين حول الإجابة على السؤال الأصعب والذي طرح نفسه على الساحة السياسية، خلال الساعات الماضية، لا سيما بعد تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء حول التكلفة المباشرة وغير المباشرة لوجود اللاجئين في البلاد والتي تصل إلى 10 مليارات دولار سنويا، فالبعض يرى أن وجودهم نقمة كبيرة وآثاره فادحة على الاقتصاد المصري وتردي الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين، بينما يرى الجانب الآخر أن وجود اللاجئين نعمة كبيرة، وأنعش الاقتصاد المصري، خاصة بكثرة حركة البيع والشراء في الأسواق، وفتح أسواق تجارية جديدة يستفاد بها المصريون أيضا.
زيادة أعداد اللاجئين
وفي هذا السياق، قال الدكتور إيهاب الدسوقي، خبير اقتصادي رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، إن البعض ينظر إلى زيادة عدد اللاجئين في مصر على أنهم نقمة، حيث يقومون بمزاحمة المصريين في فرص العمل، وفي المسكن، والطعام، والحصول على الموارد خاصة في ظل ما تعانيه مصر حاليا من مشاكل وارتفاع للأسعار، بل إن البعض أرجع ارتفاع الأسعار إلى وجود اللاجئين.
وأضاف «الدسوقي»، أن البعض الآخر ينظر إليهم على أنهم مورد يمكن أن يضيف للاقتصاد المصري، ولكن عند الحديث عن زيادة 9 ملايين مستهلك إلى المستهلكين المصريين، فإننا نتحدث عن فرص أكبر للصناعة والزراعة؛ من أجل زيادة إنتاج لتلبية احتياجات هؤلاء، كما أن البعض ينظر إلى من أتى لاجئًا هو من الطبقات الميسورة، إذ إنه استطاع توفير تكاليف السفر والانتقال وتأجير مسكن في ظل ارتفاع الإيجارات في مصر حاليًا وبالتالي يعتبر جزءا من التدفقات النقدية من المفترض أن تفيد الاقتصاد المصري.
وأكد أن هناك جزءا من هؤلاء اللاجئين يتلقون مساعدات شهرية من المؤسسات الدولية، أو من أقاربهم الموجودين في الخارج، وهذا أيضا يضيف جزءا من التدفقات من العملات الصعبة للاقتصاد المصري، معقبا: «يبقى الأهمية الاقتصادية لهؤلاء للاجئين في إدارة ملف اللاجئين، بحيث يتم تعظيم الاستفادة من وجودهم وتقليل المشاكل الاقتصادية التي قد تنتج عنهم».
وأوضح أنه في غالب تجمعات اللاجئين يحدث مشاكل، ربما لاختلاف العادات والتقاليد، لكن في كل الأحوال إدارة الملف بشكل جيد، تضيف بعدًا إيجابيًا للاقتصاد المصري.
وتابع أن اللاجئين في مصر من السودانيين والسوريين، أغلبهم يمتلك أموالا أو أغنياء، كما أن عددا كبيرا منهم افتتح مشروعات في مصر ولديه عمالة محلية.
وأردف أن وجود أغلب اللاجئين أفاد الاقتصاد المصري؛ بسبب المشروعات والأعمال التجارية التي قاموا بها، ومثال ذلك انتشار مشروعات الأطعمة والحلويات في كافة أنحاء الجمهورية، بالنسبة للسوريين، أما السودانيين، فهناك جزء كبير منهم تملك أو استأجر شققا وبالتالي أثر على القطاع العقاري.
وتابع: «أعتقد أن وجود اللاجئين لا يؤثر على معدل استهلاك السلع الغذائية، مما يشكل عبئا على الدولة لكونها بلد مستورد، إنهم فئة تستهلك وتضخ أموالا، وبالتالي يرتفع معدل الطلب مما ينشط الاقتصاد، أما إذا كان هؤلاء اللاجئين عالة على الدولة، في هذه الحالة يشكل وجودهم عبئا على الاقتصاد، ولكن أغلبهم يصرف من ماله الخاص، هو أشبه بالاستثمار الأجنبي».
الأعباء الاقتصادية والاجتماعية
ومن جانبها، قالت سهام مصطفى، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إن وضع اللاجئين في مصر أصبح لا يحتمل فقد تحدث الدكتور مصطفى مدبولي عن التكلفة فقط ولكن هناك الكثير من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية لم تذكر بعد، لافتة إلى أن هذه المعاناة ستستمر إذا استمرت البلاد في استقبالهم دون وضع حدود وضوابط.
وأكدت «مصطفى»، أن اللاجئين يحصلون على الخدمات مثل المصريين من كهرباء، ومياه، وتعليم، وصحة، وهذا يشكل عبئا إضافيا على الأزمة الاقتصادية التي يتحملها المصريون، في الآونة الأخيرة، وتراجع سعر الجنيه أمام الدولار، لافتة إلى أن مصر لا تحصل على دعم مالي من المجتمع الدولي يتناسب مع الأعداد التي تستضيفها على أراضيها.
وتابعت أن الأزمة السودانية ودخول مئات الآلاف من السودانيين، في الفترة الأخيرة، فاقم الوضع بشكل كبير خصوصا بعدما لم يتمكن عدد كبير من السودانيين المقيمين بالأساس من العودة لبلدهم، مشيرة إلى أن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة تسجل نحو 596 ألف لاجئ من 60 دولة، أكثرهم من السودان بواقع 315 ألف لاجئ، يليهم السوريون بواقع 155 ألف لاجئ.
وحذرت عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، من الأبعاد الاجتماعية والأمنية لاستمرار تدفق الوافدين من دون رقابة ومتابعة حكومية خاصة مع وجود تكلفة غير مباشرة تتحملها البلاد، ليس فقط على المستوى الحكومي ولكن أيضا على المستوى الشعبي بزيادة الضغط على الخدمات والمرافق في بعض الأماكن التي يتركز فيها الوافدون مما يؤدي لزيادة الأسعار.