لغز اختفاء قطع غيار سيارات النقل الثقيل من الأسواق
تتوالى المشكلات والأزمات التي تسببت بها الأزمة الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد، فكل يوم نكون أمام مشكلة جديدة وها نحن الآن أمام أزمة جديدة ومعاناة مختلفة لسائقي وأصحاب سيارات النقل الثقيل؛ بسبب عدم توافرها والارتفاع الجنوني في أسعارها.
يشهد سوق قطع غيار السيارات ولا سيما سيارات النقل الثقيل حالة من عدم الاستقرار منذ الربع الثاني من عام 2022 الماضي، وما زالت الأزمة حتى الآن تتفاقم في ظل قلة المعروض وارتفاع الأسعار بنسب تخطت 300 بالمئة.
بالإضافة إلى ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات، يعاني أصحاب السيارات وخاصة النقل الثقيل الآن ومنذ فترة بعيدة من عدم توافر قطع الغيار في التوكيلات ومراكز الصيانة المعتمدة، وبالتالي يضطر أصحاب السيارات إلى الانتظار شهور عديدة قد تصل إلى عام لانتظار سياراتهم، مما يحملهم الكثير من الضغوط المادية، وإذا اضطروا إلى تصليح سيارتهم خارج الضمان يعانون أيضا من عدم توافر قطع الغيار أو ارتفاع الأسعار المبالغ فيه؛ مما دفع بعض الشركات إلى إشهار إفلاسها والغلق، ليصبح أصحاب سيارات النقل الثقيل بين المطرقة والسندان.
وإذا نظرنا إلى المشكلة من جهة أخرى، سنلاحظ أن عدم توافر قطع الغيار لسيارات النقل الثقيل سيساهم في ارتفاع أسعار السلع الأخرى؛ لأنه لا يوجد سيارات لنقلها وتوزيعها في أماكن مختلفة وخاصة السلع الغذائية بكل أشكالها فمن هنا نرى أننا أمام مشكلة حقيقية يشعر بها كل مواطن.
وبدورها تحدثت «النبأ» مع أصحاب سيارات النقل الثقيل لعرض مشكلتهم والاستماع إليهم.
معاناة كبيرة
وقال محمود خالد، صاحب شركة تعبئة وتغليف وتوزيع مواد غذائية، إنه في معاناة كبيرة مثل ذويه قائلا: «نحن بين المطرقة والسندان ولا أحد يشعر بنا» لافتا إلى أنه يمتلك سيارات نقل ثقيل لنقل البضائع ويواجه مشكلة عند صيانة تلك السيارات في التوكيلات ومراكز الصيانة المعتمدة.
وأضاف «خالد»، أن صيانة سيارات النقل الثقيل داخل التوكيلات يستغرق شهورا، وممكن أن تصل الفترة إلى عام لتغيير قطعة واحدة وذلك بسبب عدم توافر قطع الغيار في السوق، مشيرا إلى أنه لا يستطيع صيانة سيارته خارج التوكيل حتى لا تخرج من الضمان فضلا عن أن قطع الغيار في السوق غير أصلية وأسعارها أضعاف إن وجدت.
وتابع أنها مشكلة عامة، كما أنه يضطر إلى تأجير سيارات أخرى لقضاء عمله، مؤكدا أنه لا يستطيع دفع أقساط السيارات الخاصة به مما يزيد من الأعباء المادية عليه، قائلا: «أنا جايب العربية عشان أوفر وأدفع أقساط من شغلها مش أركنها».
وطالب صاحب شركة تعبئة وتغليف وتوزيع مواد غذائية، المسؤولين بالنظر إلى مشكلة أصحاب سيارات النقل الثقيل وتوفير قطع الغيار داخل وخارج التوكيلات ومراكز الصيانة حتى يستطيعون العمل بشكل طبيعي.
عدم توافر قطع الغيار
ومن جانبه، قال علاء محمود، صاحب سيارة نقل ثقيل، إن مشكلة عدم توافر قطع الغيار بالتوكيل ليست فردية، لافتا إلى أن التوكيل دائما يؤكد له عدم توفر قطع الغيار بسبب عدم توافرها في الشركة الأم.
وأكد «محمود»، أنه في معاناة شديدة، قائلا: «أنا كصاحب عربية دافع فيها كل ما أملك وعليا أقساط أعمل إيه أنا جيبها آكل بيها عيش مش رفاهية لما تتركن في التوكيل أنا أعمل إيه في الالتزامات»، مشيرا إلى أن قطع الغيار غير متوفرة خارج التوكيل وإذا توافرت فإن أسعارها مبالغ فيها.
وأوضح أنه ينتظر بالشهور لاستلام سيارته من التوكيل، مطالبا المسؤولين بسرعة التدخل لحل لتلك المشكلة والإحساس بمعاناة أصحاب النقل الثقيل.
إغلاق مصانع عديدة
وفي السياق، قال أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات ونائب رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية، إن مشكلة عدم توافر قطع غيار السيارات وخاصة سيارات النقل الثقيل ليست جديدة بل إنها منذ جائحة كورونا، لافتا إلى أن الأزمات الاقتصادية المتلاحقة في هذه الفترة أثرت بالسلب على جميع القطاعات.
وأكد «أبو المجد»، أن مشكلة عدم توافر قطع الغيار بمراكز الصيانة المعتمدة من الوكلاء موجودة بالفعل، مشيرا إلى أن العميل لا يستطيع صيانتها خارج مراكز الصيانة المعتمدة خوفًا من فقدان ضمان السيارة ويعتبر الضمان في هذه الحالة لاغيا.
وأضاف، أن هذا النقص بسبب إغلاق مصانع عديدة حول العالم لإنتاج قطع الغيار نتيجة ما ذكرناه سابقا من جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية والحروب الدائرة، كما تسبب هذا في ارتفاع كبير في الأسعار وتأخر شاحنات التصدير والارتفاع الكبير بأسعار الشحن والتي تضاعفت تكلفتها نحو خمس مرات وأكثر.
وتابع أن معظم الوكلاء يعانون من نقص قطع الغيار، والوكيل المحلى ملزم تجاه العميل بتوفير جميع قطع الغيار التي تحتاجها السيارة بصوره دائمة وبأسعار مناسبة ولا يمكن للوكيل أن يخالف ذلك، مؤكدا أن الوكيل يلجأ إلى توفير قطع الغيار من بلد أخرى غير بلد الصنع لذا تتأخر فترة الصيانة وهذا خارج عن الإرادة فهي مشكلة غير متعمدة.
وأشار رئيس رابطة تجار السيارات، إلى أنه في الفترة الأخيرة ستكون هناك انفراجة في القريب العاجل بعد سلسلة الإجراءات الاقتصادية التي قامت بها الدولة، والإفراج عن الشاحنات في الموانئ، وحل مشكلة سعر الصرف الذى كان عائقا أمام الجميع وعدم توفره بالبنوك.