«الإفتاء» توضح حكم بيع دماء الأضاحي
ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه: "ما حكم بيع دماء الأضاحي لمصانع الأسمدة؟ فهناك جمعيةٌ خيريةٌ تعمل على ذبح الأضاحي كلَّ عامٍ بكمياتٍ كبيرةٍ، وعرضت عليها بعض مصانع الأسمدة شراء دماء الأضاحي، فهل يجوز شرعًا للقائمين على هذه الجمعية بيع دماء الأضاحي لتلك المصانع؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:
بيان فضل الأضحية وثوابها
الأضحية شعيرةٌ مِن شعائر الإسلام؛ قال الله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [الحج: 36]، وهي مِن أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه يوم النحر وأيام التشريق؛ قال تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28].
وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهُ لَتَأْتي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ، قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أخرجه الإمامان: الترمذي في "سننه" واللفظ له، والبيهقي في "شعب الإيمان".
حكم بيع دماء الأضاحي
وذكرت دار الإفتاء،أن الفقهاء أجمعوا على حرمة بَيع الدِّماء؛ لحديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا، وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ» أخرجه الإمامان: أبو داود في "سننه"، وأحمد في "مسنده" واللفظ له.
وعن أبي جُحَيفَة رضي الله عنه قال: رأيتُ أَبِي فقال: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الكَلْبِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَالوَاشِمَةِ وَالمُسْتَوْشِمَةِ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (4/ 144): [وجميع العلماء على تحريم بيع الدم] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (4/ 427، ط. دار المعرفة): [والمراد: تحريم بيع الدم، كما حرم بيع الميتة والخنزير، وهو حرامٌ إجماعًا، أعني بيع الدم وأخذ ثمنه] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "الكافي" (2/ 6، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يجوز بيع الدم، ولا السرجين النجس؛ لأنه مُجمَعٌ على تحريمه ونجاسته، أشبَه الميتة] اهـ.
ومن ثمَّ فإنه يحرم بيع دماء الأضاحي، ولا يصح عقد بيعها، بل يجب التخلص من هذه الدماء لنجاستها.