رئيس التحرير
خالد مهران

غضب أوروبي من استراتيجة الصينيين لكسب معركة السيارات الكهربائية ببلادهم

النبأ

انتفض الأوروبيون والأمريكيون مؤخرا غزو السيارات الكهربائية الصينية لسوقيهما. في مايو، قام الرئيس الأمريكي جو بايدن بمضاعفة التعريفات الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية أربع مرات إلى 100 بالمئة بذريعة حماية الصناعة. ويحقق الاتحاد الأوروبي حاليا في الدعم الصيني وقد يرفع قريبا التعريفات الجمركية على السيارات الصينية.
وبينما لم يقرر الاتحاد الأوروبي بعد خطواته المقبلة ضد السيارات الكهربائية الصينية، إلا أنها يتوقع أن تثير ردا مضادا من جانب الصين. وقد حث المسؤولون الصينيون بروكسل مرارا على تجنب اتخاذ إجراءات حمائية ضد السيارات الكهربائية الصينية، محذرين من أن مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى خروج الاحتكاكات التجارية عن السيطرة وشددوا على حقوق الصين وقدراتها على اتخاذ تدابير مضادة إذا اتخذ الاتحاد الأوروبي أي إجراء يضر بالمصالح الصينية. 
من المؤكد أن إجراءات الاتحاد الأوروبي لو اقرت سيكون لها تداعيات أكبر بكثير من الزيادات الجمركية التي أعلنتها الولايات المتحدة سابقا على السيارات الكهربائية الصينية، حيث تصدر الصين كمية أكبر بكثير من السيارات الكهربائية إلى الاتحاد الأوروبي، مقارنة بالعدد الصغير جدا من الصادرات إلى الولايات المتحدة. وحسب التقديرات، إذا فرض الاتحاد الأوروبي تعريفة بنسبة 20 في المائة على السيارات الكهربائية الصينية، فقد يكلف ذلك الصين ما يقرب من 4 مليارات دولار في التجارة مع الكتلة، مع توقع انخفاض عدد السيارات الكهربائية الصينية الموردة إلى الاتحاد الأوروبي بمقدار الربع، أو حوالي 125 الف سيارة.
لكن هل يمكن لهذه الخطوة أن تكتب الانتصار للشركات الأوروبية على نظيراتها الصينية؟
في السنوات الأخيرة، توسعت شركات صناعة السيارات الصينية خارج الصين إلى أسواق كبيرة أخرى مثل أوروبا، وبفضل تفوقها من نواح عديدة، أصبحت الصين تقود العالم في مجال ابتكار وتطوير السيارات الكهربائية. ولا يحبذ جميع صانعي السيارات في العالم القيود الجمركية، من بينهم إيلون ماسك نفسه، منتج العلامة تيسلا، المتضررة من منافسة الشركات الصينية، وقال ذات مرة إنه لا يؤيد الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية رغم أنه قال في وقت سابق من أن شركات السيارات الكهربائية الصينية سوف "تهدم" المنافسين في الخارج في غياب الحواجز التجارية.
من الواضح أنه بعد الرسوم الأمريكية، هناك شيء واحد مؤكد، هو أن الفوز في أوروبا أصبح أكثر أهمية لمستقبل مجموعات السيارات الكهربائية الصينية. وإلى جانب المزايا التي تتمتع بها السيارات الكهربائية الصينية، يسود اعتقاد واسع بين الخبراء والمسؤولين بأن الرسوم الأعلى لن تفعل شيئا يذكر لحماية المنتجين الأوروبيين ما لم تتحرك الصناعة الأوروبية بسرعة على مستوى الأسعار والكفاءة.
حاليا، ربما تمتلك الشركات الأوروبية التقليدية ميزة واحدة لا تملكها الشركات الصينية، وهي أنها معروفة بالنسبة للمستهلكين، لكن هذا لا يكفي لكسب معركة. وتشير التقديرات والحقائق على الأرض إلى أن الصينيين مستعدين جيدا ولديهم استراتيجية شاملة للتوسع والمواجهة على عدة أوجه.
   على صعيد الجديد، يقول أحدث التقارير إن شركات السيارات الكهربائية الصينية العملاقة بي واي دي وشيري وغريت وول تستعد لإطلاق مجموعة من المنتجات--حوالي 20--على مدى السنوات الخمس المقبلة.  وتنفق الشركات الصينية بكثافة على المبيعات والتسويق. وتتحدث مصادر أن صانعي السيارات الكهربائية الصينيين يدرسون المستهلكين الأوروبيين منذ سنوات، وقد أسسوا بالفعل شبكات وكلائهم ويعملون على توسيعها، ودعم عمليات الخدمة والإصلاح للحفاظ على قيمة السيارات عند إعادة البيع، هو مطلب مهم للمشترين للحفاظ على قيمة أموالهم.
ومن توسيع قاعدة البيع إلى التصنيع، أعلنت شركات مثل بي واي دي وشيري بالفعل عن خطط لتصنيع سياراتها في أوروبا. وقد تضاعفت مبيعات بي واي دي في أوروبا ثلاث مرات في عام 2023 بعد سنوات من نمو هائل لمبيعاتها من السيارات الكهربائية في الصين والأسواق الأخرى.
وتخطط بي واي دي لإطلاق ستة طرازات كهربائية في 20 دولة اوروبية. وأطلقت أول ثلاثة طرازات لها في المملكة المتحدة العام الماضي وتخطط لإطلاق اثنين آخرين هذا العام. وتخطط غريت وول لإطلاق طراز سنويا في أوروبا على مدى السنوات الخمس المقبلة، وستطلق شيري ما مجموعه ثمانية طرازات من سيارات الدفع الرباعي تحت علامتين تجاريتين، أومودو وجايكو، على مدار العامين المقبلين.
وعلى صعيد معركة تعزيز وعي المستهلكين بعلاماتها، تعمل الشركات الصينية على توطيد علاقاتها مع شركات التأجير الأوروبية ورعاية الأحداث الرياضية الكبرى، واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي. فلا تزال العلامات التجارية الصينية غير معروفة، لكن عمليات التسليم تنمو بسرعة ويمكن أن ترتفع مع إطلاق طرازات إضافية عبر مجموعة واسعة من الشرائح السعرية.
وتقدم الشركات الصينية مقارنة بالشركات العالمية الأخرى مزايا من حيث الرفاهية. فقد كانت العلامة التجارية والتصميمات الداخلية وقوة التسارع من عوامل الجذب التقليدية للمستهلكين. أما الآن، فأصبحت هناك ميزات أخرى أكثر طلبا، مثل البرمجيات الحصرية، والبطاريات المتقدمة، وتقنيات المركبات الذكية، وتتفوق الشركات الصينية في هذا المضمار.
وتوفر علامات صينية مثل زيكر ميزات فاخرة تقليدية، مثل التسارع من الصفر إلى 100 كيلومتر في الساعة خلال 3.8 ثوان، إلى جانب ميزات مثل المقاعد المدلكة للظهر، والتكنولوجيا الأحدث المستخدمة في مقصورة القيادة الذكية، والرادارات المتقدمة، ونظم مساعدة السائق، والبطارية التي يتم شحنها في نصف ساعة. 
ويقول خبراء ومطلعون على الصناعة إن العلامات التجارية الصينية تعمل بالفعل على نماذج مصممة من الصفر لاستهداف المشترين الأوروبيين. كما أنهم لا يواجهون نفس الضغط الذي يواجهه المنافسون الغربيون لتحقيق الربح بسرعة. وتتمتع صناعة السيارات في الصين، وهي مزيج من الشركات المملوكة للدولة والشركات الخاصة، بمزايا كبيرة من حيث التكلفة على المنافسين الأجانب، ويرجع ذلك جزئيا إلى السياسات الداعمة للصناعة وهيمنة البلاد على تكرير معادن البطاريات.
ويقول تقرير لرويترز ان شركات صناعة السيارات الصينية تنفذ استراتيجيات معقدة لتعزيز جاذبيتها للعملاء الأوروبيين. لقد حسنت تصنيفات السلامة الخاصة بها وعززت عمليات الإصلاح والخدمة والتوزيع. ونقلت عن مصدر مسؤول في بي واي دي في المملكة المتحدة، قوله إن شركة صناعة السيارات سيكون لديها 60 وكيلا في المملكة المتحدة بحلول الصيف، وسيرتفع العدد إلى 100 في الصيف المقبل، وفي غضون 18 شهرا تخطط للوصول إلى مواقع كافية حتى يتمكن معظم البريطانيين من الوصول إلى موقع في غضون 14 دقيقة بالسيارة.