تحرك برلماني عاجل بشأن تراجع المساحات الخضراء والقطع الجائر للأشجار
تقدمت الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بطلب إحاطة موجه لكل من رئيس مجلس الوزراء، وزيرة البيئة، وزير النقل، وزير التنمية المحلية، بشأن "تراجع المساحات الخضراء بالإقليم المصري والقطع الجائر للأشجار ما أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق".
وقالت النائبة إن الدولة المصرية شهدت في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، بعدما كانت مصر قبلة للسائحين في مختلف فصول العام بسبب مناخها المعتدل، إلا أنه خلال الأعوام السابقة وبالتحديد في الصيف الحالي استشعرنا جميعا درجات الحرارة الغريبة والغير معتادة على الإقليم المصري، والتي اتضحت جليًا عندما أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في يوم ٧ يونيو الحالي عن تصدر محافظة أسوان لقائمة المدن الأعلى حرارة على وجه الأرض بدرجة حرارة وصلت إلى ٤٩.٦ درجة مئوية، وجاءت الاقصر بالمركز العاشر بـ٤٧ درجة مئوية.
وتابعت: “كما جاءت مدينة أبو سمبل في المركز الثاني عشر بـ ٤٦.٦ درجة، وبعد أن تابعنا ذلك الأمر تساءلنا عن السبب وراء تلك الظاهرة الغير مسبوقة”.
وأشارت "عبد الناصر" إلى أنه بالبحث توصلنا إلى أن أهم مسببات تلك الظاهرة هو التراجع الكبير في المساحات الخضراء خلال السنوات الماضية، بجانب القطع الجائر للأشجار بمختلف أنحاء الجمهورية.
وأضافت النائبة أنه من المعروف علميًا أن الأشجار تلعب دورًا حيويًا في تلطيف المناخ وتنقية الهواء وتقليل تأثير الاحتباس الحراري من خلال امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الأكسجين، إلا أننا لاحظنا جميعا وبشكل متزايد قيام بعض الجهات بقطع الأشجار بطرق غير منظمة ودون مراعاة للتوازن البيئي بأي شكل من الأشكال من أجل التوسع العمراني وتطوير البنية التحتية وانشاء الطرق والكباري.
وأكدت عضو مجلس النواب، أنه وفقا لعدد من التقارير والاحصائيات الخاصة بالشأن البيئي في مصر تم تدمير ما يقرب من ٩١٠ ألف من المساحات الخضراء في محافظة القاهرة فقط بين عامي ٢٠١٧-٢٠٢٠ فصلًا عن تراجع المساحات الخضراء في مصر من ٧.٨ مليون متر مربع في ٢٠١٧ إلى ٦.٩ مليون متر مربع في عام ٢٠٢٠.
واستكملت عبد الناصر: “على سبيل المثال فقدت منطقتي مصر الجديدة وشرق مدينة نصر وحدهم ما يقرب من ٥٨٤ ألف متر مربع من المساحات الخضراء، وهذا بسبب التوسع في إنشاء شبكة الطرق السريعة داخل المناطق السكنية، تطبيقًًا لخطة الدولة التي تستهدف زيادة الطرق المخصصة لقيادة السيارات الخاصة، ما أدى إلى وصول معدل مؤشر زيادة استخدام السيارات إلى أربعة أضعاف النمو السكاني”.
وأكدت "عبد الناصر" أن الأشجار تُعد وسيلة أساسية ومنخفضة التكلفة وفعالة لمعالجة تلوث الهواء والضوضاء، وتوفير الظل، وتبريد الشوارع وسط ارتفاع درجات الحرارة القياسي في الآونة الأخيرة، ولكن من الواضح أن الحكومة لا تعلم ذلك الأمر.
كما أكدت أيضًا، على أن من ضمن الأسباب الرئيسية لتفاقم تلك الظاهرة هي عدم تبني الحكومة لسياسات تحفز القطاع الخاص والمجتمع المدني على الاستثمار في تشجير وزيادة زراعة أسطح المباني الموجودة في الأماكن المكتظة بالعمران، فضلا عن عدم وجود أطر واضحة للتعاون بين القطاعات فيما يخص تخصيص الموارد وحرية الحركة وإطلاق المبادرات.
وتابعت: “كما أننا لا نرى أي نوع من أنواع التوسع في قواعد البيانات الخاصة بالتنبؤات المناخية وآثارها في جميع المدن، ومشاركتها بين القطاعات والجمهور، لإدارة الأخطار بشكل أكثر احترافية وشمولية”.
وشددت عضو مجلس النواب، على أن الجهات التنفيذية لازالت تتعامل بأسلوب الجزر المنعزلة في هذا الملف، حيث أننا فوجئنا أنه في وسط الاستغاثات والنداءات الجماهيرية العديدة للحكومة من أجل إعادة تشجير وتخضير مختلف المناطق مرة أخرى لمواجهة تلك الظاهرة، تقوم الحكومة بتنفيذ مجازر بكل ما تحمله الكلمة من معاني في حق عدد جديد من المساحات الخضراء والاشجار،كان آخرها تجريف الأشجار الموجودة بمنطقة مجرى السيل بثكنات المعادي وأيضا شجر الميريلاند الموجود بمنطقة مصر الجديدة على الرغم من أن تلك المساحات الخضراء والاشجار بعيدة بشكل كافي عن الأعمال الإنشائية التي تتم هناك، ولكنها من الواضح إنه ا أصبحت عادة روتينية عند الجهات التنفيذية فعندما يحضر الأسفلت والاسمنت لا بد من قتل كل ما هو أخضر.
كما أكدت عضو البرلمان على أنه من هذا المنطلق، نود أن نحيط علم الجهات التنفيذية إذا كانت لا تعلم جيدا أن القطع الجائر للأشجار يسهم في فقدان الغطاء النباتي الذي يساعد على تبريد الجو وخفض درجات الحرار كما أن فقدان الأشجار يؤدي إلى زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو، مما يسهم بشكل مباشر في ظاهرة الاحتباس الحراري، فضلا عن أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة حالات الإجهاد الحراري، والأمراض المرتبطة بالحرارة مثل الجفاف وضربات الشمس، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة كالأطفال وكبار السن.
وأضافت: “هذا بالطبع بجانب أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من استهلاك الطاقة الكهربائية بسبب زيادة استخدام أجهزة التكييف والمبردات، مما يرفع من الأعباء الاقتصادية على المواطنين وعلى الدولة”.
وأشارت عبد الناصر إلى أن العديد من البيانات الهامة تشير إلى أن مستوى سطح البحر عند السواحل المصرية، إذا استمرت الأوضاع الجوية على هذا النمط، سيرتفع بمعدل ٣٠ سم بحلول عام ٢٠٥٠، ما يهدد ربع مساحة الخط الساحلي الممتد من بورسعيد إلى الإسكندرية، ويؤثر في ارتفاع ملوحة الأراضي الزراعية والمياه الجوفية.
ونوهت إلى أن التغير المناخي قد يقلص من حجم الإنتاج الزراعي من المحاصيل الغذائية بنسبة ١٠٪ بحلول ٢٠٥٠، وبالفعل خلال العقدين الماضيين، لاحظنا انخفاض وتيرة نمو إنتاج الذرة والقمح والأرز، التي هى المحاصيل الأساسية الغذائية لدى المصريين، بسبب زيادة معدلات الاحترار العالمي، إضافة إلى ذلك، فقد تفقد مصر ٣٠٪ من إنتاجها الغذائي في المناطق الجنوبية بحلول عام ٢٠٤٠ بسبب ارتفاع عدد الأيام الدافئة خلال العام، وذلك فقًا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
واختتمت النائبة طلب الإحاطة مُطالبة الحكومة بإجراء تحقيق شامل حول الأسباب والجهات المسؤولة عن قطع الأشجار وتقليص المساحات الخضراء بهذا الشكل، وتقديم المتورطين للمساءلة، بجانب تنفيذ حملات تخضير وتشجير عاجلة وسريعة بمختلف أنحاء الجمهورية، بالتوازي مع تنفيذ حملات توعية موسعة حول أهمية الأشجار والغطاء النباتي في تلطيف المناخ، وتشجيع المواطنين على زراعة الأشجار والحفاظ عليها، إلى جانب إطلاق مبادرات وطنية لإعادة التشجير وزيادة المساحات الخضراء في المدن والقرى بما يسهم في تحسين البيئة وخفض درجات الحرارة مرة أخرى.
كما طالبت أيضًا كافة الجهات التنفيذية المعنية بالأمر بتجريم قطع أو اقتلاع أو حرق أي نوع من أنواع الأشجار والمساحات الخضراء بمختلف أنحاء الجمهورية بأي شكل من الأشكال والابتعاد عن تلك الممارسات الغير حضارية من جانب أي جهة كائنًا من كانت وتحت أي ظرف وفي ضوء أي مسمى من المسميات ولأي اعتبارات.