أسرار تحويل مبانى الوزارات والهيئات الحكومية إلى فنادق لتوفير الدولارات
استحوذ صندوق مصر السيادي من خلال صندوقه الفرعي المتخصص بالمجال الصحي، في الأيام القليلة الماضية، على صيدليات كير بنسبة 20%، ومن قبلها 49% من شركة صيدليات العزبي.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي، نقل ملكية 13 وزارة وجهة حكومية بوسط القاهرة إلى صندوق مصر السيادي، أبرزها المقرات الرئيسية لوزارات الخارجية، والعدل، والتعليم، والصحة، والنقل، والمالية، وذلك بعد انتقالها للعمل من العاصمة الإدارية الجديدة، وهي خطوة أولى لدراسة استغلال أصول الدولة لطرحها كفرص على القطاع الخاص لزيادة العائد منها.
ووفقا لتقرير أصدرته وزارة التخطيط تم الانتهاء من الدراسات الخاصة بمربع الوزارات، وتلقى الصندوق السيادي عددا من العروض من جانب المستثمرين المصريين والأجانب لاستغلال تلك الأصول، موضحة أنه تم توجيه الوزارات بضرورة إخلاء مقار الوزارات والمباني، حتى يستطيع الصندوق إعمال شؤونه في استغلال المباني وتقييمها.
وأشار التقرير، إلى أنه تم الانتهاء من المراحل الأولى من تطوير مبنى وزارة الداخلية لتحويله إلى مركز للإبداع وفندق 3 نجوم، إلى جانب عدد من المكاتب الإدارية، مؤكدا التقرير أنه سيتم التعاقد مع إحدى شركات الإدارة خلال الأسابيع القادمة.
وتعد عملية تطوير مبنى وزارة الداخلية القديم أحد أهم مشروعات الصندوق السيادي لإعادة استغلال أصول الدولة وتعظيم الاستفادة منها، وجذب استثمارات أجنبية وبناء شراكات مع القطاع الخاص كأحد أهم أهداف الصندوق.
وأسست الحكومة المصرية، صندوق مصر السيادي عام 2018 بهدف جذب الاستثمارات وتشجيع الاستثمار المشترك في الأصول المملوكة للدولة؛ من أجل زيادة قيمتها وفعاليتها للاقتصاد المصري، ونقل أيضا الرئيس السيسي 7 أصول لملكية الصندوق، ضمت أرضا ومبنى مجمع التحرير، والمقر الإداري لوزارة الداخلية، وأرض الحزب الوطني المنحل، ومباني القرية الكونية، ومعهد ناصر الطبي، وأرض حديقة الأندلس بمدينة طنطا.
تحسين فرص الاستثمار
وفي السياق، قال الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي ومدرس الاقتصاد، ومدير مركز الغد للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، إن الصناديق السيادية لها أهمية كبيرة في عملية الاستحواذ وكذلك الاستغلال الأمثل لطرق الإدارة الحديثة من خلال تطبيق أساليب الإدارة الموقفية لتحسين فرص الاستثمار وزيادة الربح من خلال تعزيز الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف «خضر»، أن الصناديق السيادية أنشئت لضمان الاستغلال الأمثل لثروات مصر ومواردها الطبيعية، وتعظيم قيمتها؛ من أجل الأجيال القادمة، إلى جانب المساهمة الإيجابية في إيرادات الدولة، كما أنها تمتلك رؤوس أموال ضخمة، مما يجعلها قادرة على القيام باستثمارات كبيرة في مصر، لافتا إلى أن هذه الاستثمارات تؤدي إلى زيادة التدفقات النقدية الأجنبية إلى الاقتصاد المصري، وتحسين ميزان المدفوعات، وتطوير البنية التحتية، مثل المشاريع الحكومية للطرق والسكك الحديدية والموانئ.
وأكد أن هذه الاستثمارات ستحسن من إنتاجية الاقتصاد وتعزز قدرته التنافسية، وإدارة الأصول السيادية بطريقة أكثر كفاءة، مما يؤدي إلى تحقيق عوائد أعلى من هذه الأصول.
وأشار إلى أن تنويع مصادر التمويل يعد بديلا للقروض الأجنبية والمساعدات الدولية، مما يخفف الاعتماد على هذه المصادر التقليدية، ونقل المعرفة والخبرات من خلال استثماراتها في مصر، لافتا إلى أن الصناديق السيادية يمكن أن تساهم في نقل المعرفة والخبرات الإدارية والتقنية إلى الشركات والمؤسسات المصرية.
وأضاف أن الاستثمار في مجموعة متنوعة من القطاعات والأصول، بدلًا من التركيز على قطاع واحد، مثل الاستثمار في مشاريع استراتيجية طويلة الأجل، كالبنية التحتية الحيوية كالنقل والطاقة والاتصالات والتكنولوجيا والقطاعات الواعدة، والمساندة للشركات المحلية المساهمة في تطوير الشركات الوطنية عبر الاستثمار أو الشراكات، والاستثمار في التعليم والتدريب لتطوير المهارات اللازمة لتنمية الاقتصاد، ودعم البحث والتطوير والابتكار لتعزيز القدرات التكنولوجية والإنتاجية، وتحسين الكفاءة الاقتصادية وجذب استثمارات إضافية، مما يعزز الاستقرار المالي والاقتصادي على المدى الطويل.
وتابع أن الصناديق السيادية تهدف إلى تحقيق أفضل عوائد ممكنة لصالح الاقتصاد الوطني، كما يمكن للصناديق السيادية المساهمة في تنويع مصادر الدخل الوطني، والاستثمار في القطاعات غير النفطية، والاستثمار أيضا في مجالات مثل التصنيع والزراعة والسياحة والتكنولوجيا لتقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية، ودعم نمو الصناعات المحلية ذات القيمة المضافة العالية، والتوسع الجغرافي للاستثمارات، والاستثمار في أسواق إقليمية ودولية متنوعة؛ لتقليل التعرض للمخاطر المحلية، وتنمية رأس المال البشري، والاستثمار في تطوير المهارات والكفاءات المطلوبة لدعم الاقتصاد المتنوع، وتحفيز ريادة الأعمال والمشاريع الناشئة في قطاعات جديدة.
وأوضح أن الصناديق السيادية تقوم بالاستحواذ على أصول حكومية وخاصة لتنويع محافظها الاستثمارية والبحث عن عوائد مرتفعة، هذا النوع من الاستثمارات يعد شائعا على الصعيد العالمي، على سبيل المثال في حالة استحواذ الصندوق السيادي على صيدليات العزبي وكير، فقد كان الهدف هو الاستفادة من الحصص السوقية القوية لهذه الشركات والتوسع في قطاع الرعاية الصحية، ومن المتوقع أن يحقق الصندوق السيادي مكاسب من هذه الصفقات على المدى الطويل عبر تحسين أداء الشركتين وزيادة حصتهما في السوق، ومع ذلك تكون هناك بعض التحديات قصيرة الأجل مثل عمليات الدمج والتكامل.
واستكمل الخبير الاقتصادي، أنه قد يترتب على عمليات الاستحواذ هذه بعض الخسائر أو التأثيرات السلبية على المستوى المحلي، مثل تسريح بعض الموظفين، أو ارتفاع الأسعار.
استفادة كبيرة للمواطن
ومن جانبه، أكد الحسين حسان، خبير التطوير الحضاري، أن أصول الدولة كانت لا تدار بشكل جيد منذ فترة كبيرة، خاصة في ظل وجود أكثر من مليون و700 ألف مبنى حكومي على مستوى الجمهورية، لافتا إلى أن أغلب هذه المباني لا تدار بالشكل المطلوب.
وقال «حسان»، إن الاستحواذ يعني السيطرة المالية والإدارية على أي نشاط ليتيح قانونيا له تعيين مجلس إدارة، والتبعية الإدارية والمالية، مشيرا إلى أن صندوق مصر السيادي هو صندوق استثماري خاص بموجب قانون 177 لسنة 2018 لخلق شراكات مع المستثمرين المحليين أو الأجانب من خلال آلية عمل محددة عن طريق الاستغلال الأمثل للأصول المملوكة للدولة.
وتابع أن الهدف من الاستحواذ بشكل عام الإدارة المالية بشكل جيد؛ لزيادة رأس المال، وتقديم خدمات أكثر، مؤكدا أنه يقدم استفادة كبيرة للمواطن خاصة أنه يستطيع السيطرة على السوق، مثل أسعار الدواء بشكل أساسي في ظل اهتمام الدولة بملف الدواء في الوقت الحالي، والاستحواذ على الصيدليات سيفتح المجال للمنافسة وفتح أسواق جديدة.
وأشار إلى أن الصيدليات الخاصة دائما وأبدا يكون بها تحالفات على عكس الصيدليات التابعة للدولة، لافتا إلى أن صندوق مصر السيادي يعمل على الإدارة الجيدة، وزيادة الربح.
وتابع أن استغلال مباني الدولة وتحويلها فنادق سيعمل على توفير عملة صعبة بشكل كبير، مشيرا إلى أن شركة ديسكو مصر كانت من ممتلكات وزارة الأوقاف وتم بيعها مع أنها كانت تمثل ربحية كبيرة جدا، قائلا: «لو كانت الشركة دي تابعة لأصول الدولة أو صندوق مصر السيادي كانت استفادت بها الدولة بشكل كبير».
وأكد أن الدولة تسير في الطريق لتصحيح هذه الأخطاء بصندوق مصر السيادي؛ للاستفادة القصوى بالمباني الحكومية لنمو الاقتصاد والموازنة العامة للدولة لزيادة المشروعات التي ستعود على المواطن.
وأردف خبير التطوير الحضاري، أنه بسبب سوء الإدارة من الصيدليات منذ البداية ترتب عليها خسائر فادحة ولكن الدولة الآن تعمل على حل هذه المشكلات وزيادة الشراكات والربح والاستثمار والتوسع في إنشاء صيدليات أخرى.